الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القولون العصبي.. أعراضه وعلاجه

السؤال

أنا فتاة عمري 27 عاماً، أعاني من القولون العصبي، ويزداد عندي في رمضان، ويصيبني إمساك يضطرني لتناول الملين الذي يؤدي لإصابتي بإسهال حاد وفقدان الكثير من السوائل، ولدي أيضاً انتفاخ طوال الوقت، لدرجة أنه يصعب علي التنفس، ومنذ بداية الشهر الفضيل أشعر بالإرهاق، ولا أقدر على تناول شيء من الطعام بعد يوم من الصيام بعد الإفطار، وحتى لو اكتفيت بالقليل من الطعام فإن الانتفاخ يصيبني أيضاً، فأرشدوني في أمري حتى أستطيع متابعة الصوم لنهاية الشهر!

ولكم مني جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رشا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن مرض القولون العصبي ينجم عن اضطراب مزمن في وظيفة القناة الهضمية، وخاصة الأمعاء الغليظة (القولون) فينتج عن ذلك انتفاخ وآلام في البطن، مع اضطراب في التبرز من إسهال أو إمساك، وهي الأعراض التي تشكو منها.

هذا المرض يتميز بأنه لا يكون في المريض خلل أو اضطراب عضوي، أي أن الأعراض ليست بسبب التهاب أو جراثيم أو أورام أو غير ذلك، وإنما هي ناتجة عن زيادة الإحساس بتقلصات واضطراب في حركة الأمعاء.
ومن أهم الأمور بالنسبة لهذا المرض أنه مزمن ومتردد، أي أنه غالباً ما يستمر مع الإنسان لسنوات طويلة، وقد يبقى معه طول عمره.

تتردد الأعراض فتزداد في فترة معينة وتخف في أخرى أو تزول لفترة معينة وتظهر مرة أخرى فيما بعد، ويلاحظ معظم المرضى أن الأعراض تزداد مع القلق واضطراب الحالة النفسية، كما أنهم يشعرون بالتحسن أثناء الإجازات وفي فترات استقرار الحالة النفسية، ومن ناحية أخرى فإن الأعراض قد ترتبط بأنواع معينة من الأغذية والأطعمة كالحليب والبهارات والفلفل والبقوليات، وتختلف من مريض لآخر.

لا تكون أعراض هذا المرض موجودة كلها عند جميع المرضى، ولكن قد يكون لدى أحد المرضى معظم هذه الأعراض، والمريض الآخر ليس عنده سوى بعضها، فلكل مريض نمط معين من الأعراض تتكرر عنده من وقت لآخر.

من أهم هذه الأعراض: الآلام المزمنة في أي موضع من البطن، وأكثر ما يكون في أسفل البطن انتفاخ في البطن، وخاصة بعد الوجبات، وكذلك اضطراب في عملية التبرز كما هو الحال عندك، فأحياناً يكون البراز سائلا يشبه الإسهال، وتتقلب الحالة عند معظم المرضى بين الإمساك والإسهال، من وقت لآخر.

قد يشعر المريض بإمساك مع صعوبة في إخراج الفضلات، فأحياناً يخرج البراز على شكل قطع صغيرة جافة، وكذلك شعور بعدم الارتياح بعد الخروج من الحمام، حيث يشعر المريض بأن الفضلات لم تخرج كلها من بطنه، وخروج مخاط أبيض مع البراز.

لا تقتصر أعراض القولون العصبي على ما سبق، بل هناك أعراض كثيرة قد تحدث في أجزاء من الجسم، وقد ينزعج منها المريض، ولكن مهما عمل الطبيب من فحوصات، فإنه لا يجد أي سبب آخر، ومنها:

1- شعور بالإرهاق والتعب العام، وهذا ما تشتكين منه.
2- شعور بالشبع وعدم الرغبة في الأكل، ولو بعد مضي وقت طويل بعد الوجبة السابقة.
3- آلام في أسفل البطن أثناء التبول، وأحياناً الشعور بالحصر.
4- آلام شبيهة بوخز الإبر في عضلات الصدر والكتفين والرجلين وغيرها.

لتفهّم هذا المرض هناك حقائق قد تفيدك في التأقلم مع هذا المرض، وهي أن هذا المرض ليس عضوياً، بمعنى أننا لو فتحنا البطن وتفحصنا الأمعاء لوجدناها سليمة، ولهذا فإن الفحوصات التي يعملها لك الطبيب غالباً ما تكون نتائجها كلها سليمة، وهذا المرض مزمن، وقد يستمر معك طوال العمر، فعليك أن تصبري وتحتسبي الأجر عند الله، وتحاولي أن تتكيفي مع أعراض المرض.

مهما طالت مدة المرض معك، فهو لن يؤدي إلى أي مضاعفات أو أمراض أخرى، فهو لا يؤدي إلى نزيف أو التهاب أو سرطان ولا إلى غير ذلك، ولا يوجد علاج يقطع هذا المرض ويشفيك منه، ولكن الطبيب سوف يصرف لك بعض الأدوية التي تخفف بعض الأعراض، وتساعد على تحملها، وتمكنك من التعايش مع هذا المرض، والاستمرار في ممارسة أعمالك وحياتك اليومية بشكل طبيعي.

لكل نوع من الأعراض ما يناسبه من الأدوية، ومن أهمها:

1- الإمساك وصعوبة التبرز: ويستعمل له الملينات التي تزيد نسبة الألياف داخل القولون، وتجعل البراز متماسكا، وتسهل خروجه عند قضاء الحاجة، وتجعلك تشعرين بالارتياح بعد التبرز، وهذه الأدوية لا يمتصها الجسم، ولا تهيج الأمعاء، ولا يضر استعمالها لمدة طويلة، ولكن قد لا تحسين بفائدتها إلا بعد عدة أيام.

2- آلام البطن: تستعمل لها الأدوية التي تهدئ من تقلصات الأمعاء، ولا داعي للاستمرار في استخدامها لمدة طويلة، ولكن احتفظي بها في المنزل واستعمليها حيث تشتدّ عليك الآلام، ومنها: (دسباتالين وكولو سبازمين).

3- الغازات وانتفاخ البطن: قد ينفع معها استخدام الكربون والدسفلاتيل أو الملينات، وكذلك تجنب الوجبات الدسمة قد يساعد على تخفيف هذه المشكلة.

4- الإسهال: يستعمل له مضاد الإسهال عند الضرورة.

بعض المرضى يحتاجون المهدئات النفسية أو استشارة طبيب الأمراض النفسية، فإن النفس تمرض كما يمرض الجسم، وقد تكون الاضطرابات النفسية هي السبب في اشتداد أعراض القولون العصبي؛ وفي كثير من الأحيان قد تفيد الأدوية المضادة للاكتئاب، وكثير من المرضى تتحسن عندهم الأعراض مع أدوية الاكتئاب مثل الموتيفال أو اللبراكس، وكثيراً ما نلجأ لإعطاء عدة أدوية مع بعض، مثل إعطاء (دسباتالين) للتقلصات مع (دسفلاتيل) للغازات مع (الموتيفال) لتهدئة الحالة النفسية حتى تتحسن الحالة، والاستمرار عليها ما دامت الأعراض، وطالما أن الأعراض موجودة فإنه يجب الاستمرار بالدواء حتى تخف الأعراض ثم تبدئين بالتوقف عنها.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • جنوب أفريقيا عباس صديق

    شكرلكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً