الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التعامل مع الصديق الذي يصعب التكهن بردود أفعاله

السؤال

تعرفت إلى أحد الإخوة منذ زمن من خلال المسجد، وبقيت العلاقة في حدود السلام إلى أن دخلت في الوظيفة فكان في القسم الذي عينت فيه فاختلطنا أكثر، ووجدت أن طباعه مختلفة عن طباعي 180 درجة. وما تحدثنا إلا ويتطور إلى مشاجرة أو سوء تفاهم في أغلب الأحيان، وفوق ذلك كان يغار مني إذا لاطفت غيره من الأصدقاء، وقد تحدثنا معاً عن هذه الأمور صراحة ولكن من دون جدوى، بقيت الحالة كما هي في المشاجرة وسوء التفاهم مع أنني كثيراً ما شرحت له مواقفي وأوضحت له تصوري، فإن لاطفته كما ألاطف الآخرين غضب مني وقال بأنني تجاوزت حدودي، وإن لم ألاطفه قال: إنك تفضل الآخرين علي، فأنا في حيرة من أمري معه، وأستطيع أن أوجز نمط تعاملي معه في هذه الكلمات: كأنني أسير في حقول الألغام لا أدري متى ينفجر بوجهي حيث لا يمكن التكهن بردود أفعاله أبداً، لذلك قررت في آخر مرة تشاجرنا فيها أن تبقى العلاقة بيننا في دائرة السلام فقط كما كان في السابق، دون الحديث معه في أي شأن كان، والسؤال الآن هو:

هل يدخل هذا ضمن حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم حول هجر المسلم لأخيه؟ علماً أنه وبالتجربة ثبت لي أن الاقتصار على السلام هو الأسلم لكلينا وخصوصاً أمام الآخرين حيث كنا نتشاجر والناس يحسبوننا من أهل الالتزام، فكيف يكون تصورهم عن أهل الالتزام؟ وشكراً جزيلاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مسلم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إن الاكتفاء برد السلام وأداء حقوق المسلم الأساسية كافٍ في الخروج من دائرة الهجر الممنوعة شرعاً، ولا شك أن وجود الإنسان في جماعة له ثمن والناس معادن، وأرجو أن تحاول التعامل معه بحنكة وحكمة، وأظهر له الود والاحترام، وسوف تسهل مهمتك جدّاً بعد معرفتك لنفسياته وطبائعه، وأرجو أن تحفظ لسانك عنه فلا تذكره إلا بالخير، واصبر عليه، وتذكر أنه من المصلين.

المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط ولا يصبر على الأذى.

قد خاطب الله نبيه بقوله: ((خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ))[الأعراف:199]، وهكذا أمره الله أن يعطي من حرمه وأن يعفو عمن ظلمه وأن يصل من قطعه، والإنسان يبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم الذي لا يفتر من الصلاة والقيام والصيام، وحسن الخلق هو بذل الندى وكف الأذى والصبر على الجفى، بل إن المسلم يحتاج إلى المداراة مع أمثال هؤلاء خاصة وقد ذكرتَ أنه من المصلين وأنك تعرفت عليه في المسجد، والحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع هي أن المعرفة الحقيقية لا تحصل إلا بالتعامل معه أو السفر بصحبته أو معاملته بالدرهم والدينار.

قد أسعدني حرصك على عدم الخصام معه والجدال، وقد أفرحني قولك لأننا من المتدينين، فأنتم بالفعل في مكان القدوة، وأرجو أن يكون التحمل والتنازل من جانبك أنت لأنك تفهم أهمية ذلك، وإذا اكتفيت بالسلام عليه والسؤال عنه والدعاء له والابتسامة في وجهه وتشميته إذا عطس وإجابة دعوته إذا دعاك وزيارته إذا مرض والنصح له بالحكمة والأدب فهذا خير كثير، وتعامل معه بشيء من الحذر.

هذه وصيتي لك وله بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً