الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طريقة التخلص من وهم الحب

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
في البداية تعرفت على فتاة تكبرني بخمس سنوات، أحببتها بجنون، أعطتني من حنانها ما لم يسبق أن أحسست به، دامت علاقتنا ثلاث سنوات لدرجة أن علاقتنا تكاد تصبح علاقة زوجين لا يفترقان إلا بالفراش، علماً أني لم أدخل بها، توترت علاقتنا في السنة الأخيرة لدرجة الشك وعدم الثقة، تمنيت أن تكون زوجتي، وتمنيت أن أكون أنا زوجها، وفي الأخير قمت بعقد نكاحي على امرأة أخرى، علماً أني لم أدخل بها، ولم أقم معها أي علاقة.
سؤالي: أفيديوني أفادكم الله.. أنا قلبي ما زال معلقاً بالمرأة الأخرى، فأنا أعشقها علماً أني أخاف أن أغضب أمي، وأبي، وإخوتي ومن حولي من فسخ عقد القران الخاص بي.
فأرجوكم أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله – العلي الأعلى - بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يمنَّ عليك بزوجة صالحة طيبة مباركة تكون عوناً لك على طاعته ورضاه، وأن يملأ قلبك بمحبتها بعد محبة الله ورسوله، وأن يملأ قلبها أيضاً بمحبتك بعد محبة الله ورسوله.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فاعلم رحمك الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله قدر المقادير قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة)، ومن المقادير الأرزاق، والأرزاق واسعة كما تعلم، فالأرزاق ليست خاصة بالأموال فقط، وإنما الأموال أرزاق، والأولاد أرزاق، والأزواج أرزاق، والصحة أرزاق، والجمال أرزاق، والوظائف والأعمال أرزاق، كل هذه أرزاق.. ومن الأرزاق - بارك الله فيك – مسألة الزواج، فالله – جل جلاله – قدر لكل واحد من الرجال نصيبه من النساء، هذا يتزوج بامرأة وهذا يتزوج باثنتين وهذا بثلاث، وهذا يتزوج واحدة تظل معه طيلة العمر، وهذا يتزوج امرأة ثم يتزوج عليها بعد فترة، وهذا يطلق هذه ويطلق أخرى، كل ذلك في علم الله تعالى، وهذا كله جرى به القلم قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة.

فثق وتأكد من أن هذه الأخت لو كانت من نصيبك في علم الله تعالى لما افترقتما أبداً، ولكن أنت عشت معها هذه الفترة - ثلاث سنوات - أولاً هذه العلاقة أعتقد أنه لا يخفى عليك حكمها، وهل يجوز لرجل مسلم أن يقيم علاقة مع امرأة أجنبية عنه لمدة ثلاث سنوات أحبها بجنون وأعطته من حنانها ما لم يحس به في حياته كلها؟! هل هذا الأمر مشروع أم غير مشروع؟ هذه نقطة أولى، ولذلك أنا أرى أن ابتعادك عنها لعله خير ورحمة وأنت لا تدري...هذا أولاً.

الأمر الثاني: توترت العلاقة بينكما نتيجة الشك وعدم الثقة، معنى ذلك أنك تركتها برغبتك وإرادتك، وأنك رأيت أنها لا تصلح لك، ولذلك تركتها وبحثت عن غيرها وعقدت القران على غيرها.

كونك تحبها؛ أقول هذه نعم؛ لأن هذا أمر فطري وشيء منطقي وطبيعي، فتاة أو امرأة عشت معها - بارك الله فيك – ثلاث سنوات ولم تر منها إلا الخير كل الخير، هل تظن أنك سوف تنساها في يوم وليلة أو ما بين عشية وضحاها؟! خاصة وأنها لعلها كانت حبك الأول – كما يقولون – فملأت عليك قلبك وملكت حياتك وملكت عليك روحك وفؤادك، وسارت في دمائك وعروقك، أتظن أنها بهذه السهولة تُنسى؟ أبداً، إنها قد تظل في نفسك لسنوات، لأنك كلما وجدت شيئاً من الشدة أو عدم القبول من زوجتك فإنك ستقارنها قطعاً بهذه المرأة التي عشت معها، وإن كانت المقارنة خاطئة بكل تأكيد؛ لأنك لم تعاشر تلك المرأة كزوجة، وكل فرد منكما يحاول أن يرضي صاحبه، والشيطان له دور في كل ذلك.

ولكن شتان ما بين الظلمات والنور، وشتان ما بين الكفر والإيمان، وشتان ما بين الحر والبرد، وشتان ما بين الخير والشر، فهذه المرأة التي عقدت عليها هي زوجة شرعية مباركة، وما دمت قد أحسنت اختيارها فأعتقد أنك لن تندم، لأنك ستجد فيها العوض كل العوض - بإذن الله تعالى - .

أما المشكلة التي أخشاها عليك فهي أن تكون قد تعجلت وعقدت قرانك على امرأة وأنت غير مقتنع بها أو ليست مناسبة لمواصفاتك وظروفك، خاصة الجانب الشرعي، وفي تلك الحالة ستدفع الثمن فادحاً؛ لأن نتيجة عدم التفاهم بينكما ستظل تذكرك بهذه الأخت السابقة وستحول حياتك إلى جحيم.

فأنا أقول - بارك الله فيك - : الأخت السابقة هذه أصبحت ماضٍ أتمنى ألا تقف أمامه طويلاً، والأخت الحالية التي عقدت عليها هي الحاضر والمستقبل، أتمنى أن تهتم به، وأن تركز عليه، وأن تنهض به؛ لأنه هو الخير، ولأنه هو البركة، ولأنه هو الرحمة، ولأنها الزوجة الشرعية التي جعل الله إكرامك لها صدقة، وجعل جماعك لها صدقة وجعل إحسانك إليها صدقة وبرًّا وقربة وأجراً منه سبحانه.

فأنا أرجو - بارك الله فيك – ألا تفكر كثيراً فيما مضى، وأن تترك الأمور ما دمت أنت قد تركت الأخت الأولى برغبتك وإرادتك، نتيجة الشك وعدم الثقة، فثق وتأكد أنها لو كانت تصلح لك ما كان قد حدث هذا الشك ولا تم فقدان الثقة، وإنما أقول:

ركز - بارك الله فيك – على زوجتك الحالية، وبالنسبة للأخت السابقة وتذكرك لها وتعلقك بها سوف يضعف مع الأيام شيئاً فشيئاً حتى يتلاشى نهائياً - بإذن الله تعالى – خاصة كما ذكرتُ لك إذا كنت قد أحسنت اختيار زوجتك الشرعية، فإنها سوف تنسيك هذه مهما قدمت لك، فبإذن الله تعالى هي قادرة على أن تخرجك من هذا الماضي الكئيب، وأن تضعك على خط المستقبل الجميل الرائع، فسل الله تبارك وتعالى أن تنسيك هذه أمر تلك، وأن يجعلها عوناً لك على طاعته، وتضرع إليه سبحانه وتعالى أن يعينك على نسيان الماضي، وأن يخرجها من عقلك وذهنك وحياتك نهائياً، لأنها كانت غلطة عمرك، ثلاث سنوات وأنت تتقلب في معصية الله! فاحمد الله أن الله أطال في عمرك حتى توقفت العلاقة وطهرت نفسك، ولذلك أتمنى أن تتوب إلى الله توبة نصوحاً، وأن تضع قدمك على طريق الطاعة وأن تلتزم صراط الله المستقيم، وأبشر بفرج من الله قريب.

ومن نافلة القول بأن نذكرك أن تقطع كل وسيلة اتصال مع المرأة الأولى حتى لا تضعف أمامها.

وأنا بدوري أيضاً ومعي إخواني في الموقع نسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك لك في زوجتك الشرعية، وأن يغفر لك ما حدث فيما مضى، وأن يجعل حياتك حياة طيبة تحت مظلة الشريعة ونور الكتاب والسنة.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً