الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعراض القولون العصبي وعلاقتها بالحالة النفسية لدى المريض

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلتي تتلخص في أنه منذ 7 سنوات تقريباً أصبحت أعاني من تقلصات وانتفاخات في البطن مع تغير في التبرز، فأحياناً يكون على هيئة قطع صغيرة جافة وأحياناً يكون إسهالاً، وأحياناً يكون البراز ليناً وقطعاً وليس مائياً.

وكذلك أعاني من الغازات التي تزعجني ولا أجد لها دواء حيث اشتريت أكثر من دواء ولم يفد!

هذه المشكلة كلها بدأت منذ 7 سنوات تقريباً، وقبل ذلك كنت طبيعياً جداً ولا أعاني من هذه المشاكل، وكذلك ما لاحظته أنه عندما أكون في قلق أو خائف من شيء تزداد الأعراض، كذلك عند الخروج من البيت أو السفر أو حضور المناسبات الاجتماعية.

علماً أني لا أحب حضور المناسبات التي تكون مليئة بالناس، وأشعر أني فاقد لنفسي أو تائه، وكذلك عندما أقوم بتصليح شيء عندما تقابلني مشكلة تبدأ الأعراض في الظهور، وعند ارتكاب خطأ، وعندي مشكلة أيضاً في الثقة؛ فثقتي في نفسي ضعيفة مع أنني والحمد لله شخصية محبوبة من الناس، ولا أتأخر على أحد في مساعدة عندما يطلب مني شيئاً، وأيضاً عند ذهابي لمنزل أحد وعند الجلوس يبدأ الإحساس بالأعراض، ولكن عند الخروج من المنزل يبدأ يقل الإحساس بالأعراض، وكذلك تزداد الأعراض فترات الامتحان، وأيضاً عند ركوب المواصلات.
ولقد استعملت قبل ذلك دواء دوجماتيل، ولم أحس إلا بتحسن قليل جداً، وكذلك موتيفال وأدوية أخرى للتقلصات والانتفاخ والغازات، ولم أجد لها فائدة فالأعراض مازالت موجودة وأود أن أضيف أنه عندما أكون مرتاحاً نفسياً تقل الأعراض كثيراً.

أرجو إفادتي ماذا أفعل بالجانب العضوي والنفسي؟
ولكم جزيل الشكر، ووفقكم الله لمساعدة الناس، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

واضح من الصورة التي رسمتها في سؤالك أنك تعاني من أعراض القولون العصبي مع التوتر والقلق النفسي.

والقولون العصبي مرض شائع جداً وينجم عن اضطراب مزمن في وظيفة القناة الهضمية، وخاصة الأمعاء الغليظة (القولون) فينتج عن ذلك انتفاخ وآلام في البطن، مع اضطراب في التبرز من إسهال أو إمساك وهذا ما تشكو منه أنت.

وهذا المرض يتميز بأنه لا يكون في المريض خلل أو اضطراب عضوي، أي أن الأعراض ليست بسبب التهاب أو جراثيم أو أورام أو غير ذلك، وإنما هي ناتجة عن زيادة الإحساس بتقلصات، واضطراب في حركة الأمعاء، ومن أهم الأمور بالنسبة لهذا المرض أنه مزمن ومتردد، أي أنه غالباً ما يستمر مع الإنسان لسنوات طويلة، وقد يبقى معه طول عمره.

وتتردد الأعراض فتزداد في فترة معينة وتخف في أخرى أو تزول لفترة معينة وتظهر مرة أخرى فيما بعد، ويلاحظ معظم المرضى أن الأعراض تزداد مع القلق واضطراب الحالة النفسية، كما أنهم يشعرون بالتحسن أثناء الإجازات وفي فترات استقرار الحالة النفسية كما هو الحال عندك حيث أنك ذكرت أن الأعراض تزداد عندما تكون في قلق أو تكون خائفاً من شيء، وعند الخروج من البيت أو السفر أو حضور المناسبات الاجتماعية.

ومن ناحية أخرى فإن الأعراض قد ترتبط بأنواع معينة من الأغذية والأطعمة كالحليب والبهارات والفلفل والبقوليات، وتختلف من مريض لآخر.

ولا تقتصر أعراض القولون العصبي على ما سبق، بل هناك أعراض كثيرة قد تحدث في أجزاء أخرى من الجسم، وقد ينزعج منها المريض، ولكن مهما عمل الطبيب من فحوصات، فإنه لا يجد أي سبب آخر، ومنها:

1- شعور بالإرهاق والتعب العام.

2- شعور بالشبع وعدم الرغبة في الأكل، ولو بعد مضي وقت طويل بعد الوجبة السابقة.

3 - آلام في أسفل البطن أثناء التبول، وأحياناً الشعور بالحصر.

4- آلام شبيهة بوخز الإبر في عضلات الصدر والكتفين والرجلين وغيرها.

وتفهّم هذا المرض من قبل المريض تفيده في التأقلم مع هذا المرض، وهي أن هذا المرض ليس عضوياً، بمعنى أننا لو فتحنا البطن وتفحصنا الأمعاء لوجدناها سليمة، ولهذا فإن الفحوصات التي يعملها لك الطبيب غالباً ما تكون نتائجها كلها سليمة، وهذا المرض مزمن، وقد يستمر معك طوال العمر، فعليك أن تصبر وتحتسب الأجر عند الله، وتحاول أن تتكيف مع أعراض المرض.

ومهما طالت مدة المرض معك، فهو لن يؤدي إلى أي مضاعفات أو أمراض أخرى، فهو لا يؤدي إلى نزيف أو التهاب أو سرطان ولا إلى غير ذلك.

والعلاج هو علاج الأعراض والابتعاد عن الأمور التي تزيد الأعراض سواء التوتر والقلق أو أطعمة معينة.

وبالنسبة للعلاج الدوائي، فهو (دسباتالين) للتقلصات ثلاث مرات في اليوم، مع (دسفلاتيل) للغازات ثلاث مرات في اليوم، مع (الموتيفال) لتهدئة الحالة النفسية.

والاستمرار على هذه الأدوية ما دامت الأعراض، وطالما أن الأعراض موجودة فإنه يجب الاستمرار بالدواء حتى تخف الأعراض ثم تبدأ بالتوقف عنها ويجب العودة إليها متى عادت الأعراض.

بعض المرضى يحتاجون المهدئات النفسية أو استشارة طبيب الأمراض النفسية، وكما ذكرت فقد تكون الاضطرابات النفسية هي السبب في اشتداد أعراض القولون العصبي؛ وفي كثير من الأحيان تفيد الأدوية المضادة للاكتئاب، والكثير من المرضى تتحسن عندهم الأعراض مع أدوية الاكتئاب مثل الموتيفال أو اللبراكس.

والله الموفق.

د/ محمد حموده

=============================

انتهت إجابة الدكتور / محمد حموده - أخصائي أمراض باطنية- تليها إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم ـ أخصائي أمراض نفسية:

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً.. ونشكرك على تواصلك مع استشارات إسلام ويب.

فقد أفادك الأخ الدكتور محمد حموده -استشاري الأمراض الباطنية- بكل المعلومات المطلوبة عن القولون العصبي، وأنا أود أن أؤكد لك أن الصلة قوية جدّاً بين أعراض القولون العصبي والحالة النفسية لدى الإنسان، وأنت قد استشعرت ذلك بصورة جلية، فحين تكون مرتاحاً وفي وضع استرخائي وبعيداً عن الضغوطات النفسية تحس أن الأعراض قد اختفت وأنك قد أصبحت في صحة جيدة، وحين تكون تحت ضغوط نفسية أو قلق أو توتر تزداد لديك أعراض القولون العصبي.

إذن العلاقة بين الحالة النفسية والقولون العصبي هي علاقة وثيقة، والأصل هو أن القلق يكون موجوداً لدى الإنسان، وهذا القلق ربما يكون قلقاً مقنعاً، بمعنى أن أعراضه لا تكون ظاهرة من الناحية النفسية، وهذا يحدث خاصة لدى الأشخاص الحساسين أو الذين يميلون إلى الكتمان.

إذن القلق والتوتر هما السبب في أعراض القولون العصبي، وحين تظهر أعراض القولون العصبي نتيجة للقلق والتوتر هذا في حد ذاته يؤدي إلى مزيد من القلق ومزيد من التوتر.

أنا أتفق معك أن الأعراض ربما تكون مزعجة بعض الشيء، ولكني أؤكد لك أن الحالة هي حالة حميدة تماماً وليس لها أي آثار مرضية خطيرة، كما أنه لا توجد أي أمراض عضوية في الجهاز الهضمي كما أوضح لك الدكتور محمد حمودة.

طرق العلاج كما ذكر لك الدكتور هي أن تتفهم طبيعة حالتك.

ثانياً: لا تتردد كثيراً على الأطباء.. أعرف أن معظم مرضى القولون يذهبون إلى الأطباء ويقومون بإجراء المناظير والفحوصات المشابهة، نحن لا نمنع ذلك، ولكن نقول إذا قام الإنسان مرة واحدة بفحص نفسه لدى طبيب ثقة فهذا يكفي تماماً، وليس هنالك داعي أبداً من التنقل من طبيب إلى طبيب لأن ذلك لا يساعد في العلاج كما أنه غير مفيد.

ثالثاً: عليك أن تتخير الأطعمة التي تراها مريحة بالنسبة لك، فكما ذكر لك الدكتور هنالك أطعمة ربما تثير القولون العصبي، فعليك أن تتجنبها، وفوق ذلك نقول أن التجربة خير برهان، فأعتقد أنك قد تعايشت مع هذه الحالة وأنت الآن لابد أن تكون مدركاً تماماً لنوعية الأطعمة التي تثير القولون فأرجو أن تتجنبها.

رابعاً: التمارين الرياضية وجد أنها مفيدة جدّاً (أي نوع من التمارين الرياضية خاصة تمارين المشي أو الجري أو ممارسة كرة القدم أو أي نوع من أنواع الرياضات الأخرى) فأرجو أن تكون حريصاً على ذلك.

خامساً: هنالك تمارين نسميها بتمارين الاسترخاء وجد أيضاً أنها مفيدة لمرضى القولون العصبي؛ لأن الاسترخاء هو ضد القلق والتوتر والمخاوف، فيمكنك تطبيق تمارين الاسترخاء بأن تجلس في مكان هادئ كالغرفة قليلة الإضاءة، ويجب ألا تشغل نفسك بأي أمور حياتية، فكر في شيء سعيد وجميل، اغمض عينيك ثم خذ نفساً عميقاً وبطيئاً ويجب أن تملأ صدرك بالهواء حتى ترتفع البطن قليلاً، ثم بعد ذلك أمسك على الهواء قليلاً في صدرك، ثم أخرج الهواء عن طريق الفم ويجب أن تخرجه أيضاً بكل قوة وبكل دقة وبطء، وكرر هذا التمرين خمس مرات صباحاً وخمس مرات مساءً لمدة أسبوعين أو ثلاثة، وسوف تجد أنه مفيد جدّاً.

سادساً: أود أن أصف لك دواء هو في الأصل من مضادات الاكتئاب ولكن وجد أنه ذو فعالية عالية وممتازة جدّاً لعلاج أعراض القولون العصبي، هذا الدواء يعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) أو (باكسيل Paxil)، ويعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة عشرة مليجرام (نصف حبة) ليلاً لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة بعد ذلك إلى حبة كاملة (عشرين مليجراماً) ليلاً واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى نصف حبة ليلاً واستمر عليها لمدة شهرين، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناوله، ولا مانع من أن تتناول حبة واحدة في اليوم من الموتيفال Motival كما ذكر لك الدكتور محمد حموده، تناولها ليلاً وسوف تجد - إن شاء الله تعالى – أنها مفيدة جدّاً.

الزيروكسات يتميز بأنه عقار ممتاز وسليم وهو يعالج القلق والتوتر والمخاوف. وأنت تعاني من درجة متوسطة من المخاوف خاصة ما نسميه بالرهاب الاجتماعي، وهذا ليس مستغرباً، بمعنى أن أعراض القولون العصبي تكون مصاحبة لأعراض المخاوف والرهاب؛ لأن المخاوف والرهاب هي أصلاً نوع من أنواع القلق، وكما قلنا أن هنالك رابطاً قوياً جدّاً بين القلق والقولون العصبي.

إذن أرجو أن تتبع الإرشادات التي ذكرناها لك وتتناول الدواء حسب ما وصفناه، وأنا على ثقة كاملة أن هذه الأعراض سوف تخف لدرجة كبيرة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً.. ونشكرك على تواصلك مع استشارات إسلام ويب.

وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية صالح الحربي

    الف شكر لكم و جزاكم الله الف خير

  • الجزائر بوشملة الهادي

    شكرا لكم دكتور ووفقم الله

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً