الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تردد الفتاة بالزواج بمن دونها في المستوى التعليمي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة مخطوبة منذ سنة وثمانية أشهر، وكانت خطوبتي تقليدية، وخطيبي أكبر مني بإحدى عشرة سنة، ويحمل مؤهلاً متوسطاً، وأنا جامعية خريجة من كلية التربية قسم اللغة الفرنسية.

في بداية خطبتي لم أكن موافقة عليه من أجل المؤهل والسن، ولكن أبي ظل يقنعني بكل الطرق ويقول لي: إن هذا ليس عيباً، فوافقت وتمت خطبتي، ولكن بعد الخطوبة بشهر أو شهرين بدأت الإهانات من أبي دون سبب، فعندما يجدني فرحانة يقول لي: كيف تفرحين بجاهل؟! ويقول لي: أنت ليس لك حظ وربنا يعوض عليكِ، وكلام كثير مثل هذا.

ولم يمر يوم أنام فيه من غير بكاء من الندم، وفكرت كثيراً في فسخ الخطبة لكن خطيبي لم يفعل شيئاً يستحق فسخ الخطبة وأخاف أن أظلمه، ولا أدري ما الذي يدفع والدي لفعل ذلك معي؟! ودائماً يحرجني ويذلني بخطيبي، فهل أتركه لكي أريح أبي وأرتاح أم أكمل معه وأتحمل الإهانة من أبي طول عمري؟

ورغم علمي بأن نصيبي لن يتغير لكني أريد من أبي أن يتركني في حالي ولا يقوم بإهانتي وخطيبي دون سبب.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الحزينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يعينك وخطيبك على بدء الحياة الزوجية في أسرع وقت، وأن يريحك من كلام والدك، وأن يغفر له، وأن يتوب عليه، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن هذه مشكلة غريبة حقاً؛ لأن والدك هو الذي أدخلك في هذه الخطبة وظل يلح عليك ويقنعك بشتى الطرق إلى أن وافقت على هذه الخطبة، وإذا كان هذا الرجل الذي تقدم إليك صاحب دين وخلق ولديه القدرة على إعاشتك ودخله يكفي لكي تعيشا معاً حياة طيبة مستقرة فلا تفكري في كلام والدك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)، فما دام الرجل على دين وخلق فقد استوفى الشرط الشرعي، والله تبارك وتعالى قال: ((لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ))[الطلاق:7]، فما دام الرجل قادراً على تأسيس أسرة وعلى القيام بمتطلبات الحياة ويجعلك لست في حاجة إلى أحد من الناس ولديه القدرة على الإنفاق على نفسه وعليك وعلى أولاده مستقبلاً فهو رجل موفق، وهذا ما تتمناه أي امرأة مسلمة.

وأما فارق السن بينك وبينه فهو فارق ليس كبيراً، ورغم أن والدك قد تعجل فإنه قد يأتيك إنسان أصغر سناً من هذا، إلا أن الفارق ليس كبيراً، وبمقدورك إن شاء الله تعالى أن تعيشي معه حياة طيبة.

فلا تقفي طويلاً أمام هذا الكلام وعليك أن تحثي خطيبك الآن على أن يعجل بإجراءات الزواج حتى تخرجي من هذا المنعطف، لأنك لن تستطيعي فعل شيء، فهو والدك ولا يستطيع أن نقول له شيئاً، إلا أننا ننصحه بتقوى الله وأن فعله هذا لا ينبغي أن يصدر منه، خاصة وأنه هو الذي أقنعك واستخدم كل وسائل الضغط عليك حتى وافقت على هذا الشاب.

وأما كونك تريدين أن تتركيه حتى تريحي والدك فإن هذا ليس صحيحاً؛ لأن الرجل ليس له ذنب فيما يحدث بالإضافة إلى توفر الشروط الشرعية فيه، ولكن اجتهدي في التعجيل بالزواج حتى تخرجي من بيته وتتخلصي من هذا الكلام، ولن تطول الإهانة إذا فكرتم في مسألة التعجيل، فإن هذا الكلام سوف ينتهي وسوف تذهبين إلى بيتك ولن تسمعي هذا الكلام من والدك، ولعله إن وجدك مستقرة أسرياً ونفسياً فلن يتكلم معك بعد ذلك.
وأما مسألة أن نصيبك لن يتغير فإن هذا ليس صحيحاً، لأنك لا تدرين بأقدار الله تبارك وتعالى، فالمطلوب منك أن تجتهدي في الدعاء أن يوسع الله أرزاقكم وأن يصلح الله ما بينك وبين خطيبك وأن يكفَّ الله لسان والدك عنك، واعلمي أنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، واعلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل).

إذن تمسكي بخطيبك ما دامت فيه الشروط التي ذكرتها، وإذا لم تكن فيه تلك الشروط فأنت الآن ما زالت لديك القدرة أن تتخلصي من هذا الأمر، وأما إذا توفرت فيه الشروط الشرعية ولديه القدرة على تأسيس أسرة مستقرة بالوضع الذي جرت به عادة الناس فلا تتخلي عنه مطلقاً، خاصة وأنه لم يظلمك في شيء ولم يفعل معك شيئاً مكروهاً أو شيئاً لا يرضي الله تعالى أو شيئاً يتعارض مع ما ينبغي أن تكون عليه العلاقة ما بين الخاطب وخطيبته، فتوكلي على الله، واستعيني بالله، وأكثري من الدعاء أن يجعل الله لكما فرجاً ومخرجاً.

نسأل الله لك التوفيق والسداد والهداية والرشاد، وأن يوفقك وخطيبك لتأسيس أسرة صالحة وحياة زوجية مستقرة.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً