أعاني من وسواس قهري شديد جداً واكتئاب وقلق ورعب، كلما نزلت في الشارع فماذا أفعل؟ حيث إنني أعيش في قرية وأتعلم في مصر، وكلما ذهبت إلى القرية أتعب جداً وتزداد الأعراض، وأنا الآن أتناول دواء لوسترال حبتين يومياً وابكسيدون 10مل مساء واندرال 10، مع العلم أني أخذت معظم الأدوية وأتعالج منذ 7 سنوات، وقد ضقت من العلاج، فهل هناك أمل أم لا؟

أرجو إعطائي حلاً شافياً، وأريد عنوان أي دكتور جيد تعرفونه، أنا لم أعش أي لحظة جميلة وأنا في مقتبل عمري، وهل هذا الدواء صحيح أم لا؟ ولكم التقدير والشكر.

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أود أن أؤكد لك أنه لا داعي مطلقاً لليأس ولا داعي مطلقاً من أن تنتهج المنهج الذي تشعر فيه بأنك قد فقدت الأمل في العلاج والشفاء، فأنت الحمد لله في مقتبل العمر ويحمل لك المستقبل في طياته كل أمل وكل خير وإنجازاً علميّاً وحياة عملية مستقرة.

أرجو ألا تبني في داخلك هذا التكوين النفسي السلبي، فالكثير من الناس يعانون من أشياء كثيرة أصعب من حالتك بكثير، ولكنهم بالصبر والعلاج والدعاء والتوكل أصبحت أحوالهم بفضل الله أطيب كثيراً مما كانوا عليه سابقاً.

الشيء الآخر الذي أود أن أؤكده لك: أن الاكتشافات العلمية تسير بحمد الله بخطى طيبة، والإنسان الآن بفضل الله يمتلك ويكتسب بصورة مطردة الكثير من المعلومات التي نراها ذات فائدة، حتى الأمراض والأعراض التي لم يصل الطب إلى حلول كاملة لها، سوف يتم ذلك بإذن الله تعالى، فعليك بالتفاؤل والأمل وأن تعيش المستقبل والحاضر بكل رجاء.

الأدوية النفسية تساعد كثيراً، وأنت الحمد لله ملتزم بالعلاج وهذا شيء طيب، هنالك أبحاث تشير الآن أن الاستمرار في العلاج يعتبر ضرورة من أجل أن تحافظ خلايا المخ على نشاطه وألا تتدهور حالتها، والآن أصبح توجه الطب النفسي أن هذه الأمراض النفسية هي مثل الأمراض العضوية كالسكر والضغط والتي تتطلب بالطبع أخذ التحوطات العلاجية الكاملة والاستمرار فيها، فما أنت فيه –أيها الابن الفاضل- إنما هو ابتلاء بسيط ولابد أن تتقبله، وصدقني أنه لن يعطل حياتك أبداً، العلاج والأدوية لن تنقصك شيئاً ولن تعطل حياتك، ولكن المرض ربما يعطل الإنسان وربما ينقص حياته، فعليك أن تكون صابراً ومتيقناً وأن تستمر في العلاج.

بجانب العلاج الدوائي أنت أيضاً مطالب بالعلاج السلوكي، فأنت ذكرت أنك مصاب بقلق واكتئاب ورعب كلما نزلت إلى الشارع، فماذا تفعل؟

الجواب: هو أن تصر أن تنزل إلى الشارع وأن تكثر من ذلك، وكرر ذلك، سوف تشعر بنوع من القلق وربما الخوف في أول الأمر، ولكن صدقني بتكرار الأمر والثبات عليه والاستمرار فيه سوف تختفي هذه المخاوف.

من أسوأ الأشياء التي يمكن أن يقوم بها الشخص الذي يعاني من المخاوف أو الوساوس هو أن يتجنب المواقف التي يشعر فيها بأعراضه المرضية.

إذن: المواجهة والإصرار على المواجهة، وصدقني أنه لن يحدث لك أي شيء في وقت هذه المواجهة، فعليك ألا تتجنب، كل ما تشعر به أنك متضايق أو قلق أو خائف منه، أقدم عليه بقوة وتوكل، وسوف تجد أن الأمور قد أصبحت أسهل وأفضل كثيراً.

الدواء الذي تتناوله وخاصة ( لسترال ) يعتبر من الأدوية الطيبة جدّاً، فلا تيأس أبداً من تناول الدواء، استمر عليه، والمحافظة على الدواء يعتبر مهماً جدّاً ومحط أساسي في التحسن، لابد لك أيضاً من أن تؤهل نفسك في الحياة العملية، نظم وقتك من أجل حياتك الدراسية، خذ الراحة الكافية، خصص وقتاً للقراءة، خصص وقتاً للترويح عن النفس، ووقتاً للرياضة، ووقتاً للتواصل، وهكذا.

هذه أمور أساسية وضرورية جدّاً.

بالنسبة للأطباء في مصر فهم كثير جدّاً، ومصر مليئة بالإخوة الأطباء المتميزين، فهنالك الأخ الدكتور الأستاذ محمد غانم، وهو أستاذ كبير في كلية عين شمس، وهو من الإخوة الأجلاء والأفاضل، فإذا ذهبت إليه سوف يقدم لك إن شاء الله كل مساعدة ممكنة، وهنالك الدكتور شوقي العقباوي وهو أستاذ في كلية طب الأزهر ويعتبر من الأستاذة العريقين جدّاً في مجال الطب النفسي، وهنالك الدكتور عبد الناصر عمر من الأطباء المتميزين والمجتهدين.. وهنالك الكثير من الأطباء.

الضروري بالنسبة لحالتك هو أن تلتزم بالعلاج وأن تكون صابراً وألا تجعل أبداً هذه الأعراض تعطل حياتك بأي حال من الأحوال، كن قويّاً وصابراً وسوف تنتصر بإذن الله تعالى.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.