الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يتقدم لي الخطاب ولا يعودون حتى أصبت بالخجل والإحباط!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في البداية: أود أن أشكركم على هذه المنصة القيّمة، وعلى جهودكم، بارك الله فيكم، وجزاكم عنا كل خير.

أنا فتاة أبلغ من العمر ٣٢ سنة، والمشكلة أنه كلما تقدم لي عريس يختفي بدون سبب، وكذلك الحال مع أختي؛ فكل من يتقدم لها يختفي أيضًا.

وما يُقال لنا أنهم لم يشعروا بالارتياح، الأمر أصبح مزعجًا جدًا بالنسبة لي، حتى أنني صرت أكره فكرة أن يتقدم لي أحد، ليس فقط خوفًا من الرفض، بل أيضًا من نظرات الشفقة التي تحيط بي من الأقارب؛ لأنهم هم من يرسلون العرسان.

لقد رُفضت من أكثر من ٢٠ عريساً، ولذلك بدأ الأقارب يستغربون من كثرة الرفض، أصبحت أشعر بالخجل كلما تقدم لي عريس، وأصبحت أشعر بالإحباط.

الحمد لله نحن ملتزمون بديننا، نخاف الله، نحافظ على صلاة الفجر وصلاة الليل، ونحرص دائمًا على الدعاء، وأهل بيتنا جميعًا ملتزمون والحمد لله.

لا أدري ما سبب هذا النفور! فأنا دائمًا أناجي الله وأسأله عن السبب، وأعلم أن لديه حكمة لا نعلمها، لكن قلبي تعب، فأنا فتاة لدي مشاعر، وأرى نظرات الأقارب التي تزيد إحباطي أكثر فأكثر.

لا أعلم ما الحل، وأعلم أنكم ستقولون لي أن عليّ التقرب أكثر من الله والصبر، وأنا بالفعل دائمًا متوكلة على الله، لكن الفرج تأخر، خاصة أنني أحب الأولاد جدًا، وبدأت أتقدم في العمر، وأخاف من فكرة ألا يكون لدي ولو طفل واحد.

أشعر أن هناك مشكلة لا أدركها ولا أعرفها، فما يحصل معي ومع أختي معًا ليس طبيعيًا؛ ليس من الطبيعي أن يكون هناك نفور من هذا العدد الكبير من العرسان ولمدة طويلة.

ما رأيكم بما يحصل معي؟
أرجو منكم نصيحة، وشكرًا لكم مرة أخرى على جهودكم، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ -ابنتنا الفاضلة- شكرًا على تواصلكِ مع الموقع، وشكرًا على حسن العرض للسؤال، وهنيئًا لكم بالالتزام، وبالأسرة التي تطيع مالكَ الأكوان، والله -تبارك وتعالى- لن يضيّع أسرةً فيها الخير، وفيها الصلاة، وفيها الصلاح، ونسأل الله -تبارك وتعالى- لنا ولكم التوفيق والسداد.

لا يخفى على أمثالكِ –ابنتي الفاضلة– أن هذا الكون ملكٌ لله، وأنه لن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، في الوقت الذي يقدّره الله، {ولكلِّ أجلٍ كتاب}، والإنسان عليه أن يفعل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب، ولا يدري الإنسان أين يأتي الخير، وسيأتي الخير في الوقت الذي يريده الله -تبارك وتعالى- ولعل هذا الذي يحدث فيه نوع من الاختبار، لكن فيه الخير؛ فكل ما يقدّره الله -تبارك وتعالى- فيه الخير.

ولا تهتمّوا بنظرات الناس وما يحصل منهم؛ فإن الرضا بقضاء الله -تبارك وتعالى- وقدره، واليقين بأن ما يختاره الله لنا أفضل مما نختار لأنفسنا؛ ممّا يجلب الطمأنينة للإنسان.

ومع ذلك فإنّا ندعوكم إلى اتخاذ الأسباب الفعلية، الأسباب الحقيقية، والتي منها: حُسن استقبال من يطرق الباب، ومنها: إظهار ما عندكم من مفاتن وجمال وإيجابيات ومحاسن بين النساء؛ لأن كل امرأة من النساء لها من يبحث عن أمثالكِ وأمثال شقيقتكِ في بيت الدِّين.

أيضًا لا بد من مراجعة مراسيم الاستقبال التي تحصل لمن يطرق الباب؛ يعني نحتاج نحن إلى أن نعرف: هل لهذا علاقة؟ هل يجد من يطرق الباب عدم ترحيب؟ هل يُوجد من يكلمه بأنكِ رقم كذا، وأن الذين جاؤوا قبلك ذهبوا ولم يرجعوا؟ لأن نحو هذا الكلام يترك آثارًا سلبية.

والإنسان عليه أن يتوكل على الله، والتوكل فيه فعل الأسباب، ومن الأسباب أن تكون الأمور متاحة لمن يريد أن يطرق الباب، مَن يطلب النظرة الشرعية، كل ذلك لا نتحرّج من الاستجابة له؛ لأن هذا ممّا أمر به الشرع الحنيف الذي شرفنا الله -تبارك وتعالى- به.

والفتاة لا تستفيد من شاب يتردد، يطرق الباب ثم يذهب؛ بل لعل في هذا الخير؛ لأن أمثال هؤلاء لا يصلحون أن يتحملوا مسؤوليتهم، ولا يصلحون أن يكونوا أزواجًا، ومن الخير أن تنتهي مثل هذه الزيجات قبل أن تبدأ؛ لأن الإنسان الذي يطرق باب الناس ويُقدّر الناس، ويضع الفتاة التي يبحث عنها والتي طرق بابها في مقام أخته وعمته وخالته، لا يمكن أن ينسحب بسهولة؛ لأنه يشعر بهذه المسؤوليات ويشعر بهذه المشاعر، ومَن لا يشعر بهذه المشاعر لا خير فيه.

وأيضًا نتمنى أن يكون الأقارب والجيران الذين يأتون بهؤلاء يحسنون الكلام، يذكرون الحقيقة التي يعرفونها عنكم، ويذكرون الخير، وعلى كل حال: أنتم بحاجة أيضًا إلى المحافظة على الأذكار، وخاصة الرقية الشرعية، وقراءة أذكار الصباح والمساء، واستمروا على ما أنتم عليه من الطاعات.

لا نريد أن نقول عليكم بكذا وكذا، فأنتم –ولله الحمد– تقومون بما عليكم، وسيأتي الخير في الوقت الذي قدّره الله، ونسأل الله أن يُقدّر لكم الخير، ثم يرضيكم به، وأن يجعلنا جميعًا ممّن إذا أُعطوا شكروا، وإذا ابتُلوا صبروا، وإذا أذنبوا استغفروا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً