الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قاطعت أختي بسبب رجوعها لزوجها رغم كل ما فعله بنا وبها!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أختي تزوجت عن حب من شخص سيئ الحسب والخلق والدين، أهلي رفضوا، لكنها أصرت، وخفنا من الحرام؛ لأنها في يوم من الأيام هربت عندما رفض أهلي، ثم وافقوا على الزواج.

الشخص الذي تزوجته سيئ جدًا، يهينها ويعنفها هي وأولادها لفظًا وأخلاقيًا (أو بالأخلاق)، وتصرفاته سيئة، وماله حرام، وهو ما انعكس على تربية أولادها وتصرفاتهم وكلامهم، أصبحت بينهم مشاكل كثيرة، منها الخيانة المؤكدة بالأدلة وليس افتراء، وفي كل مرة نصل إلى مرحلة الطلاق، وبعد توكيل محامٍ تتكلم معه من خلفنا ثم ترجع له وكأنه لم يحصل شيء! علمًا بأن أهلي وبالرغم من كل ما حصل لم يعاتبوها ولم يقولوا لها: "أنتِ كذا وكذا، وأنتِ من اخترتِ" على العكس، لمجرد أن يروا بأنها فاقت مما هي فيه، يساعدونها مباشرة.

زوجها لا يعمل، يعيش على مصروف أبيه، ولا يكفي نصف إيجار بيتهم، وأمواله حرام، فأختي تعمل بشهادتها، وتربي أولادها، ومسؤولة عنهم بالكامل، ودور زوجها الوحيد هو تحطيمهم، ويُعلِّمُهم السب وقلة الأدب، وحتى عندما ينهي أولادها المدرسة، تتصل بنا حتى نُرجِعَهم لبيتهم، علمًا بأن زوجها نائم، أو موجود في بيته ولا يعمل أي شيء.

هذا الشخص أهان أهلي وسبَّهم كثيرًا، وقبل فترة (آخر مشكلة)، أتى بسلاح لباب بيتنا وهدد أبي وأخي فيه بأنه إن لم ترجع له أختي، سيفعل ويفعل!

أهلي كانوا مصرين أن هذه المشكلة ستكون هي الأخيرة والطلاق أكيد، استمرت هي في تمديد الموضوع وتتهرب منه إلى أن أقنعتهم أن ترجع له بعقد جديد وشروط جديدة، وأهلي قالوا: "موافقون"، لكن أختي وبعد أن أقنعها زوجها -لا أعرف كيف أقنعها-، قال لها بأنه تغير وتاب، لم نر إلا وهي تنزل بحقائبها وأولادها وتقول: "هو في الخارج وينتظرني"، ورجعت لبيتها بدون عقد جديد، وبدون حتى ما تقول لنا أي شيء.

هذه المشاكل بدأت منذ أول يوم من زواجهم، أي منذ أكثر من 6 سنوات وإلى الآن، أهلي تعبوا كثيرًا؛ لأن هذا الشخص أصابنا بسمعة سيئة، وسب أهلي، وأشهر السلاح علينا وهددنا كثيرًا، قالت أمي لأختي: "إذا رجعتِ له فلا أنتِ ابنتي ولا أعرفك"، ومع هذا رجعت له! هي عادت تتعامل معنا بشكل عادي، وكأن شيئًا لم يكن، وأغلب العائلة يتحدثون معها إلا أنا وأمي، لا أستطيع تقبل ما فعلته بنا، صعُبَ عليّ أن أقاطع أختي، وأنا خائفة من أن تكون قطيعة رحم، لكنها بتصرفاتها هذه آذتني وآذت نفسها وأولادها وأهلي كثيرًا.

طبعًا زوجها لم يتغير، وهو إلى اليوم كما هو أناني، أهلي يُرجِعون أولادها من المدرسة، وعندما تحتاج الخروج لمكان (مثل زيارة الدكتور)، تحضر أولادها عند أهلي، وعندما تحتاج لأي شيء، تأتي لنا.

نحن نتوقع بأنها إما أن تكون مسحورة أو أنها تحتاج لدكتور نفسي، لكن في كل الحالات لا نستطيع مساعدتها، طالما أنها لا تريد أن تساعد نفسها.

فهل هذا قطع رحم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك استشارات إسلام ويب، وجوابي لك كالآتي:

‏‏أولًا: -للأسف- الحب في الغالب قد يُعمي الإنسان عن الحقيقة، فأختك أخطأت مرتين: مرة في إقامة علاقة حب خارج إطار الزواج، والخطأ الثاني هو هروبها معه حتى تتزوج غصبًا عن أهلها، وها هي الآن تتجرع مرارة سوء الاختيار لهذا الزوج، سواء كان في علاقتها معه مع سوء خلقه وعدم إنفاقه عليها وعلى أولادها؛ لأنه عاطل باطل، وكذلك سوء خلقه مع أسرتها ووالديها وإخوانها، حتى وصل به الحال إلى تهديد والدها وإخوانها بالسلاح، مع عدم اهتمامه بشؤون أولاده حسب السؤال؛ ولأن الغالب على الأسرة أنها تريد حسن الاختيار لابنها أو لابنتها.

‏ثانيًا: بالنسبة لرجوع أختك بدون عقد جديد ومهر جديد، هذا الأمر يُحال إلى المحكمة الشرعية في أقرب بلد مسلم عندكم، أو هيئة علمية في مركز إسلامي؛ فمسائل الطلاق تحتاج إلى توضيح أكثر.

‏ثالثًا: بالنسبة لقطع العلاقة بها: أما بالنسبة لأمك فقد تُعذَر في قطع علاقتها بأختك؛ لأنها تريد إطفاء نار قلبها؛ إذ إنها تعاني من وضع أختك، حيث إنها لا تسمع كلامها ونصائحها، فدعي أمك، فلعلها تهدأ بعد أيام، وأما بالنسبة لك، فلا بأس من اجتنابها لبعض الوقت، ولكن من غير قطيعة، فأختك لها حق الصلة فلا تقطعوها بالرغم من أفعالها؛ لأن الله أمر بصلة الرحم وحرَّم قطعها، قال تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ (23)) [سورة محمد].

وأسأل الله أن يصلح حال أختك، وأن يؤلِّف بين قلوبكم جميعًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً