الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قطعت علاقتي بفتاة وأصبت بوساوس كثيرة من كلام الناس، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أنا طالب في كلية الطب، منذ حوالي عامين، كنت على علاقة بفتاة معي في الكلية، كنت شديد التعلق بها، ولا أكف عن الرد على رسائلها، إذا حدث أي شيء، وكنت عزمت في نفسي أن أقطع العلاقة، وأن أتقدم لخطبتها في الوقت المناسب.

حدث منذ سنة أن أخبرني أحد زملائي أنه أيضًا على علاقة بها، ثم علمت أنها على علاقة بأكثر من شخص، tقطعت علاقتي بها فورًا، ولكن أصابني الاكتئاب، وأصبت بحالة صدمة شديدة لشدة تعلقي بها.

عزفت عن الكلام، وأصابني الوسواس، ولما اشتد عليّ التعب دراسيًا، وحتى عقلياً، أصرّ أصدقائي وعائلتي أن أتكلم، فحدثتهم بما جرى، كنت أظن أن الأمر قد انتهى، ولكن ما لبثت الوساوس أن انتقلت إلى الناس، فأصبحوا يتحدثون عني، وأني شخص سيء.

أصبحت أشعر بأني منبوذ، ومراقب من الجميع، على الرغم من عدم وجود قرائن لي، أصبحت أسترجع مواقف قديمة ومزعجة، وأفكر فيها كثيرًا، وفي نظرة الناس لي، أشعر بأني محاصر من هؤلاء الأشخاص الذين كانوا على علاقة بها، أو الأشخاص الذين أخبرتهم بما حدث، أصبحت أكره الكلية وأكرهها، وأصابني الرهاب من التجمعات.

منذ حوالي ثلاثة أشهر، أصر أهلي أن أذهب لطبيب نفسي، ولكنه قال: إن المشكلة بسيطة، وكتب لي دواء "فافرين" بجرعة 50 ملغ، ثم زاد جرعته إلى 100 ملغ مرتين في اليوم.

لا زالت الأفكار تلاحقني، ولكن بصورة أقل بكثير، إلا أنها لم تختفِ تمامًا، على الرغم من أني تبت وأقلعت عن الحديث مع تلك الفتاة، إلا أن قلبي ما زال متعلقًا بها، فكيف يمكن أن أنفك عن التفكير فيها؟ وكيف أعود إلى حياتي الطبيعية دون وساوس، وتفكير في الماضي؟

وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب.

لقد مررت بمسلسل من الأفكار والأحداث الوجدانية والعاطفية، وهذا هو المسار الطبيعي لهذه العلاقات الغير مؤسسة على أسس سليمة، وليست شرعية طبعًا، تجلب للإنسان في نهاية الأمر أضرارًا كثيرة، مثل الذي حدث لك.

أيها الفاضل الكريم: تريد أن تتخلص من العلاقة مع هذه الفتاة، التي كنت تريد الزواج بها كما ذكرت ذلك، وأنك تريد التقدم لخطبتها في الوقت المناسب، ثم حدث ما حدث من أنك اكتشفت أن لديها علاقات أخرى، وبعد ذلك بدأت تصل لديك هذه التأثرات السلبية، أو التطور النفسي، والتشابك، إلى شكوك وظنانيات ووساوس.

التفسير العلمي لما تعاني منه: أنك تعيش حالة مما نسميه ظاهرة ما بعد الفقد، الأشياء ذات الطابع الوجداني أو العاطفي، حين يفقدها بعض الناس، يمرون بمسلسل من الكرب، والأحزان، يعبر عنها بصور مختلفة، قد يكون حزنًا واضحًا كما في حالة الوفيات مثلًا، قد يظهر أيضًا في شكل أفكار محبطة، ومحزنة، ووسواسية، وظنانيات، وشكوك، وقد يظهر أيضًا هذا التعبير الوجداني في شكل اضطرابات جديدة في المزاج، وفي النوم، وعدم الرغبة في الطعام، قد يظهر طبعًا -أيضًا- في صورة اختلال كامل في الأداء الوظيفي أيًا كان، قد يكون في مجال الدراسة -كما في حالتك-، أو في مجال العمل بالنسبة لأي شخص آخر.

عليك أن تحمد الله على ما أصابك، فالمؤمن يرضى بقضاء الله وقدره، ويعلم أن ما قدره الله سيكون، وتحمد الله -أيضاً- أن وضح لك حقيقة هذه الفتاة قبل أن تخطبها وتتزوج بها، وحينها ستكون المصيبة أعظم، فهذا مما يجب عليك أن تفرح به، ويجب عليك أيضاً أن تتوقف عن أي علاقة مع أي فتاة، لأنك حينها تعصي ربك سبحانه وتعالى، وتجاهر بالمعصية، وإذا أردت الحلال فكلم أهلك أنك تريد الزواج، وهم سيبحثون لك عن الفتاة المناسبة، وليكن شرطك الأول أن تكون ذات دين وخلق.

أيها الفاضل الكريم: هذه القضية يجب أن تغلق بابها تمامًا، وذلك بقوة إرادتك، لا تحتاج لقوة شديدة في الإرادة، مجرد أن تخضع الأمور للمنطق، سوف تقنع نفسك أن هذه العلاقة بدأت بدون أسس، وانتهت بدون أسس، والحمد لله تعالى أن الله قد جعل لك مخرجا، الإقناع الذاتي يكون بهذه الكيفية، أن تغلق هذا الباب تمامًا، وأن تعتبرها تجربة تستفيد منها مستقبلاً.

بمعنى أن الإنسان يجب أن يصل لمرحلة من النضج الفكري والوجداني، تجعله يتجنب مثل هذه العلاقات، طبعًا أنا أقدر مشاعرك كشاب، ووضع دراستك المختلطة، والتي تبرز من خلالها مثل هذه العلاقات، والحمد لله أن الأمر قد انتهى، فاسأل الله تعالى أن يسدد خطاك، وأن تنهي دراستك على أفضل ما يكون، وتبدأ العمل، وتتزوج -إن شاء الله- بعد ذلك، أو حتى قبل ذلك، وأسأل الله أن يرزقك المرأة الصالحة، وتعيش الحياة بقوة، وبتفكير إيجابي، وتنظم وقتك.

لا بد أن ترسل لنفسك رسائل قوية، رسائل محفزة، رسائل إيجابية، بأنك أقوى من هذا الموضوع، أنك لا يمكن أن تكون مستعبدًا لهذه الأفكار، بذلك تحرر نفسك من هذه الوساوس والانشغالات الفكرية، أو عدم القدرة على التركيز في الدراسة.

حاول أن تستعين بالله في كل أمورك، وتواظب على الصلاة في وقتها، وعليك بالدعاء، وأن يكون لك ورد قرآني، أكثر من الاستغفار، كن قريبًا من والديك، وكن شخصًا فعالًا في أسرتك، نظم وقتك، تجنب السهر، واحرص على النوم الليلي.

الفافرين عقار ممتاز، ربما تحتاج أن ترفع الجرعة قليلًا إلى 150 مليجرام، وأنا متأكد أن طبيبك سوف يساعدك في هذا الشأن، ويمكن أن تحتاج أن تضيف عقارًا بسيطًا يعرف باسم إريببرازول، تحتاج له بجرعة 5 مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر مثلًا، ثم تتوقف عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً