الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التفكير في الموت والمرض أشغل حياتي كثيراً!

السؤال

التفكير الزائد في الموت والمرض، تفكير مستمر، ولو أنّ أحداً كلمني أقول: هذا سيؤذيني، لا أعرف كيف أمارس حياتي! صرت أمارسها بدون شغف، وطول اليوم وأنا أفكر، وأصابني تعب وألم في منتصف صدري.

ذهبت للكشف، والدكتور قال: لا يوجد فيك أي تعب. فأخبرته بما حصل معي، فكتب لي دواءً اسمه (paroxetine).

الحالة هذه جاءتني منذ خمس سنوات، واختفت تلقائياً، ثم إنها رجعت عدة مرات، واختفت مرة أخرى، ثم رجعت بأعراض غريبة، وأصابني تعب في الجسم، ورعشة، ووجع في الصدر، وضربات قلب سريعة.

الأعراض هذه تذهب وتجيء، وأنا تعبت كثيراً، ومعي طفل صغير، وأتوتر أحياناً، ولا أقدر على التحكم في أعصابي، والأعراض هذه جاءتني مع التفكير الكثير في الموت والمرض.

والدي توفي بذبحة صدرية، وأنا طول الوقت خائفة، وتأتيني أعراض في صدري، ولما تعبت من صدري ذهبت للكشف، والدكتور قال حرفياً: لا يوجد فيك أي مرض، وأنا لا أعرف أن أعمل أي شيء. أنا تائهة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية، والشفاء، والتوفيق، والسداد.

حالتك هذه تندرج تحت ما نسميه بالحالات النفسوجسدية؛ أي هنالك أعراض جسدية نتجت عن أعراض نفسية، فأنت من الواضح أن لديك قلقاً داخلياً، وشيئاً من عسر المزاج، أي الاكتئاب النفسي البسيط، ويعرف أن التوتر النفسي هذا يتحول إلى توتر عضلي، وأكثر عضلات الجسم تأثرًا هي عضلات القفص الصدري؛ لذا أصبحت تحسين بالآلام الصدرية، والبعض يأتيهم شعور بالكتمة في الصدر، أو بالضيق في النفس، أو بشيء من هذا القبيل.

أنت ذكرت أن لديك طفلاً صغيراً، نسأل الله تعالى أن يحفظه وأن يجعله من الصالحين، فترة التسعة الأشهر الأولى ما بعد الولادة، دائمًا هي فترة هشاشة عند الكثير من النساء، كثير من النساء كُن عرضة لاكتئاب ما بعد النفاس، عرضة للقلق والتوترات، وهذا أمر شائع جدًا، حالتك -إن شاء الله- تعالج بصورة فاعلة جدًا -نسأل الله تعالى لك العافية ولوالدك الرحمة-.

طبعًا بما أن والدك توفي بذبحة صدرية؛ فمن الطبيعي أن يكون لديك بعض التوجس أن هذا الأمر قد يجري في الأسرة، لكن أنا أقول لك: هذا ليس بصحيح مائة في المائة، وكل نفس لها أجلها، وكل نفس تلاقي ربها في يوم انقضاء أجلها، أسأل الله لك الصحة والعافية، وطول العمر في عمل الصالحات.

أنت قُمتِ بمقابلة الأطباء، وأتمنى أن تكونِي قد أجريت الفحوصات العامة، لا بد أن تتأكدي من مستوى الهيموجلوبين، مستوى الدم الأبيض، وظائف الكبد، وظائف الكلى، وظائف الغدة الدرقية، مستوى الدهنيات، مستوى فيتامين دال، ومستوى فيتامين ب 12؛ هذه فحوصات رئيسية، وبعد الاطمئنان تمامًا على الناحية الجسدية، أنا أقول لك ابدئي في تناول عقار باروكستين الذي وصفه لك الطبيب، فهو دواء جيد جدًا، لكن يتطلب أن تبدئي بجرعة صغيرة، وتستمري عليها، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة بالتدريج حتى تتوقفي عن العلاج، حسب الخطة التي وضعها لك الطبيب، أرجو أن تلتزمي بهذا الدواء التزامًا تامًا، وسوف يفيدك كثيرًا.

توجد أدوية أخرى أيضًا ممتازة مثل عقار سيرترلين، والذي يسمى لسترال، وكذلك عقار استالوبرام الذي يسمى سيبرالكس، والباروكستين، والذي يسمى زيروكسات أيضًا من الأدوية المفيدة جدًا لحالتك؛ بجانب العلاج الدوائي أريدك أن تكوني إيجابية، أن تنظمي وقتك، أن تتجنبي السهر، أن تمارسي أي نوع من الرياضة تناسب المرأة المسلمة، أن تؤدي الصلوات على وقتها، وأن يكون لك ورد قرآني، خاصة بعد صلاة الفجر، واحرصي على الأذكار.

هنالك تمارين نسميها تمارين الاسترخاء، توجد برامج كثيرة جدًا على اليوتيوب توضح كيفية هذه التمارين، أرجو أن تقومي بتطبيقها. هذا هو كل الذي أريد أن أقوله لك، وحالتك بالفعل يسيرة، وباتباعك -إن شاء الله تعالى- للخطوات التي ذكرتها لك ستتحسن حالتك كثيرًا، لا تنزعجي من الحالة الدورية لحالتك، فكثير من الحالات النفسية تكون ذات طابع دوري، أي تأتي في مواسم معينة، وتتكرر وتذهب، لكن عمومًا حين يتم علاجها بصورة ممتازة لن تتكرر بعد ذلك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً