الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نوبات القولون العصبي أثرت على دراستي، فما علاجها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من الإسهال والغثيان الصباحي منذ سنتين، وذلك عند الاستيقاظ باكرًا فقط، ومنذ سنة ظهر لدي القولون العصبي، وألم المعدة، وحساسية من بعض الأطعمة، واستخدمت الكثير من الأدوية بدون فائدة، وكذلك الحمية.

تناولت الدوجماتيل لمدة أسبوعين وتحسن الوضع، ولكنه رفع لدي هرمون الحليب، فتوقفت عن الأدوية، وتناولت الإنزيمات الهاضمة، ولا فائدة غير إنها أوقفت الإسهال اليومي، وفي الصباح تعود الأعراض والآلام، وحرقة المعدة ولا تختفي، وتظهر بعض نوبات القولون العصبي، وأثر ذلك على دراستي، فأنا أتغيب عن المدرسة، وأشعر بالإحراج لكثرة تغيبي، فما الحل؟

شكرًا جزيلًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mayas حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

اضطراب الجهاز الهضمي، أو ما يعرف بالقولون العصبي أو العصابي، علة شائعة جدًّا وسط الناس، وهي تتفاوت في شدتها وحدتها، وهنالك كثير من اللغط حول هذا التشخيص، هل هي أوهام؟ هل هي أمراض حقيقية؟ هل هي حالة نفسية؟ هل هي حالة عضوية؟ ونحن نقول بصفة عامة: إن الإنسان القلق لديه قابلية لهذه الاضطرابات، ولذا نحاول أن نجد لها التفسير العلمي، من خلال أن نضعها في معيار ما يُعرف بالاضطرابات النفسجسدية، يعني بعض التوترات النفسية -حتى وإن كانت بسيطة- ربما تتحول إلى توترات جسدية، وأكثر أعضاء الجسد تأثرًا هي عضلات القولون وعضلات الصدر، لذا تجد الكثير من الناس يشتكون من كتمة في الصدر أو ضيق، والبعض يشتكي أيضًا من الصداع العصابي؛ لأن عضلة فروة الرأس أيضًا من العضلات القابلة للانشداد والتوتر في حالة التوتر النفسي.

وبما أن هذه الأعراض -أي أعراض الإسهال والغثيان- تأتيك في الصباح، هنا حقيقة لا بد أن أشير لأمر هام جدًّا، وهو أن بعض الطلاب، وعلى مستوى العقل الباطن والعقل غير الإدراكي، حتى يجدوا عذرًا لأنفسهم ألَّا يذهبوا إلى المدرسة أو إلى الجامعة، تجد دائمًا أعراضهم صباحية، أرجو ألَّا تفهمي كلامي هذا بشكل خاطئ، لا، أنا لا أتهمك أبدًا -أيتها الابنة الفاضلة- بالتصنع، أو بشيء من هذا القبيل، لكن أود أن أقول لك: إن الذهاب للمدرسة مهم، حتى وإن كانت لديك هذه الأعراض، لأن هذه الأعراض في جُلِّها هي أعراض نفسية، نعم ما دامت تأتيك في هذ الوقت الصباحي وتمنعك من الذهاب إلى المدرسة، ففي هذه الحالة يكون الجانب النفسي هو الأقوى، ونقول لك: يجب أن تتجاهليها تمامًا، وأن تذهبي إلى مدرستك.

هذه نقطة يجب أن ننبه إليها، وأعتقد أن ما ذكرته لك واضح جدًّا.

هنالك علاجات كثيرة مفيدة حقيقة، مثلًا:
- ممارسة الرياضة باستمرار، وجد أنها من أفضل العلاجات.
- تجنُّب السهر.
- تجنُّب تناول الكافايين، والذي بالطبع هو موجود في الشاي والقهوة، والشوكولاتة والبيبسي والكولا، على الأقل الإنسان لا يُكثر منه أبدًا.
- تطبيق تمارين الاسترخاء، مثل تمارين التنفس التدرجي (2136015)، وتوجد برامج كثيرة جدًّا على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.
- حسن إدارة الوقت مهم جدًّا.
- الاجتهاد في الدراسة.
- الترفيه عن النفس بما هو طيب.
- الحرص على أن تكوني عضوًا فاعلًا في أسرتك.
- بر الوالدين.
- أن تحرصي على صلاتك في وقتها؛ لأن الصلاة هي مبعث الطمأنينة عند الإنسان، وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أرحنا بها يا بلال"، وجعلت قرة عينه في الصلاة.
- أن يكون لك ورد من القرآن يوميًا.
- أن تحرصي على أذكار الصباح والمساء.

هذه كلها علاجات مفيدة -أيتها الابنة الفاضلة-، وبهذه الكيفية -إن شاء الله تعالى- تنتهجين منهجًا حياتيًا إيجابيًا ومفيدًا جدًّا، وهذا المنهج حقيقةً هو الذي يخلصك من هذه الأعراض النفسُجسدية.

وأيضًا التعبير عن النفس، التعبير عن الذات، وتجنُّب الاحتقان النفسي؛ لأن النفس تحتقن كما تحتقن الأنف، فالإنسان يجب أن يُعبِّر عن نفسه دائمًا في حدود الذوق والأدب، خاصةً الأشياء التي لا ترضينا، فأرجو أن تكوني على هذ المنوال وهذ المنهج -أيتها الابنة الفاضلة الكريمة-.

أمَّا بالنسبة للدواء: بالفعل الـ (سولبيريد) والذي يُعرف بـ (دوجماتيل) دواء رائع لعلاج هذه الأعراض، لكنه بالفعل يرفع كثيرًا من هرمون الحليب.

وجدنا من التجربة العملية ومن الأبحاث العلمية أن عقار (سيرترالين) -وهو في الأصل مضاد للاكتئاب والقلق- من الأدوية المفيدة جدًّا لعلاج أعراض القولون العصبي، وهو غير إدماني، وغير تعودي، ولا يُؤثر على هرمون الحليب أبدًا، فيمكنك أن تتناوليه، و-إن شاء الله تعالى- سوف تجدين فيه فائدة ونفعاً كبيراً جدًّا.

الجرعة التي تحتاجين لها جرعة صغيرة، الحبة تحتوي على 50 ملغ، ابدئي بنصف حبة -أي 25 ملغ-، تناوليها يوميًا لمدة 10 أيام، بعد ذلك اجعليها حبة واحدة يوميًا، أي 50 ملغ لمدة 3 أشهر، وهذه ليست مدة طويلة ابدًا، وبعد ذلك اجعلي الجرعة نصف حبة يوميًا لمدة 10 أيام، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة 10 أيام، ثم توقفي عن تناول السيرترالين.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً