الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أنظم وقتي بين الدراسة والنوم وقيام الليل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا طالبة جامعية، وسؤالي عن قيام الليل: كيف أنظم وقتي بين الدراسة والنوم وقيام الليل؟ هل أصلي القيام بعد صلاة العشاء وأوتر وأنام، أم أنام بعد العشاء وأستيقظ قبل الفجر لقيام الليل، ثم أوتر؟ أنا في حيرة من أمري!

وما هو أفضل وقت للمذاكرة؟

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فتاة ما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًاً بكِ -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، نهنئك على هذه الهمة العالية في طاعة الله، ونسأل الله أن يوفقك ويبارك لك في وقتك لتحقيق ما تطمحين إليه من الطاعات.

أختي الفاضلة: قيام الليل من أعظم النوافل التي رغب فيها الشرع بعد الفرائض، فهو يقوي الإيمان بالقلب، ويمنحك البصيرة في كل أمورك، كما يعينك على الثبات في طاعة الله خلال النهار -بإذن الله تعالى-، لذا فإن التوفيق لقيام الليل من الخير العظيم، وهناك العديد من النصوص التي تحث على هذه العبادة العظيمة.

لكن بالنسبة لتحقيق التوازن في الوقت بين المذاكرة وقيام الليل والنوم، هناك بعض القواعد الهامة والنصائح التي ستساعدك في ذلك -بعون الله تعالى-:

أولاً: قليل دائم خير من كثير منقطع: سواء في الدراسة أو العبادة، العمل المستمر -حتى وإن كان قليلًا- أفضل من العمل الكثير الذي ينقطع، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل) فلا تسعي للكثرة على حساب الاستمرارية، فالاستمرار هو الذي يحدث الأثر في القلب والتغيير في النفس.

ثانياً: بركة الإخلاص والخشوع: من أعظم ما يعين على أداء العبادات والأعمال الدنيوية، هو الإيمان العميق بفائدتها والاستمتاع بأدائها، والخشوع وحضور القلب عند أدائها، لذا حاولي ألا تكون الدراسة أو قيام الليل أو أي عمل آخر عبئاً عليكِ، بل اسعي للاستمتاع به، ويبدأ الإخلاص والاستمتاع بمعرفة فضائل هذا العمل، وغايته ومقاصده، وطرق أدائه على الوجه الأكمل.

ثالثاً: التدرج والتوازن: التدرج في العبادة والعمل هو الأساس للوصول إلى الراحة النفسية والاستمرارية، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اكلفوا من الأعمال ما تطيقون). فلا تندفعي اندفاع البدايات، فترهقي نفسك وتنفري من العمل، فالتوازن هو المفتاح، وحصاد ثمرة الأعمال يحتاج إلى صبر ومداومة وإخلاص.

رابعاً: ترتيب المهام اليومية: لتحقيق التوازن بين قيام الليل، الدراسة، والنوم، عليكِ وضع جدول مهام منظم وتخصيص أوقات صارمة لكل مهمة، خصصي وقتًا للمذاكرة، ووقتًا للنوم، ووقتًا لقيام الليل، ولا تنسي إضافة بعض الأوقات للراحة والاستمتاع بأنشطة ترفيهية.

خامساً: الحذر من مفسدات الوقت: تجنبي الأعمال التي تسرق وقتك دون فائدة، مثل تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، أو متابعة الأفلام والمسلسلات، فهذه الأمور قد تؤثر على وقت النوم أو الدراسة أو قيام الليل، كما إنها تقسي القلب وتطفئ نوره، وتضعف همة قيام الليل.

سادساً: المرونة: من الضروري أن تكوني مرنة في التعامل مع الطوارئ والأوقات الحرجة، قد تحتاجين إلى تعديل جدولك أحياناً بناءً على الظروف، لذا كوني مستعدة لتأجيل بعض المهام أو تقسيمها حسب الأهمية، وعندما تحدث أي ظروف طارئة.

أما بالنسبة لوقت قيام الليل، فهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام: أول الليل، منتصف الليل، والثلث الأخير، وكل من صلى نافلة في أي وقت من هذه الأوقات يعتبر من القائمين بالليل -بعون الله تعالى-، لكن الثلث الأخير هو الأفضل، حيث ورد في الحديث: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له).

لذا حاولي اختيار الوقت الأنسب لكِ لتحقيق الاستمرارية، وعندما تجدين من نفسك نشاطًا ومتسعًا من الوقت يمكن قيام آخر الليل فهو الأفضل.

بالنسبة لأفضل وقت للمذاكرة: فلا يوجد وقت بذاته للمذاكرة، وإنما الوقت الذي تكونين فيه أكثر تركيزاً وبعداً عن المشتتات، قد يكون ذلك بعد الفجر، وقد يكون بعد العصر أو المغرب، بعد العودة من الدوام وأخذ قسط من الراحة، وهكذا. ومما يعينك في المذاكرة اخيار المكان الهادئ، والبعيد عن الملهيات كالتلفزيون، والبعيد عن حركة أهل المنزل وأحاديثهم، فكلما قلَّت المشتتات كان العقل أكثر تركيزًا واستذكارًا للمعلومات.

لا تنسي الارتباط بالله تعالى، والحرص على الأعمال الصالحة، فمن أطاع الله في النهار وفقه لقيام الليل، ومن عصى الله حُرم من هذه العبادة، والطاعات معينة على العلم والاستذكار، فبادري بذكر الله والتضرع إليه، ليعينك في دراستك وحياتك.

وفقك الله وسدد خطاكِ.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً