الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عاطل عن العمل بسبب مشاعر الخوف والتوتر، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بدأت أعاني منذ فترة -ليست ببعيدة- من الخوف الاجتماعي، والتوتر من المواقف الاجتماعية بصورة عامة، فأنا معلم، وعملت لفترة في إحدى المدارس، ولم أكمل بسبب خوفي الذي يظهر على ملامحي، وتلعثمي أثناء الشرح وإدارة الفصل.

أصبحت جليس البيت بلا عمل؛ بسبب ما أعانيه، وتصلني رسائل وإيميلات لعمل مقابلات العمل في مدارس مختلفة، لكني لا أستطيع حضور المقابلة، أو شرح الدروس أمام اللجنة من المعلمين والموجهين.

وتيرة المرض تزداد لدي بشكل كبير، فأنا أعاني الآن من الهلاوس، وحديث النفس بشكل كبير، ومن الشرود، وأمشي في غرف المنزل ذهابًا وإيابًا، وأحدث نفسي في مواضيع دينية وسياسية أشبه بالمناظرات.

علمًا أني أعاني من وساوس دينية شديدة، دفعتني للبحث في المعتقدات والفلسفات والأديان الأخرى، وأجد فمي يتحدث بمفرده، قد يكون سبًا لأحد لا أعرفه، أو حالة من الضحك الهستيري بدون سبب.

أرجو منكم مساعدتي لتخطي ذلك، وأريد منكم تشخيصي بشكل صحيح، وما هي الأدوية المناسبة لحالتي؟ وهل يوجد دواء يمكنني أخذه قبل المقابلة، أو الموقف الاجتماعي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب؛ وأنت لديك أخي استشارة رقمها (2549300)، أجبت عليها أنا منذ يومين، ولا أعرف إلى أي مدى علاقتها باستشارتك هذه التي سوف أقوم بالإجابة عنها الآن.

عمومًا: من الواضح أن أعراضك النفسية كثيرة، وأنت ذكرتها، هناك الخوف الاجتماعي، وهناك التوتر، وهناك التجارب الغريبة اعتبرتها ربما تكون نوعًا من الهلاوس، هنالك حديث نفسي مطبق وشديد، وأدخلك في الكثير من الحوارات الفلسفية مع الذات؛ بالطبع، عندما يتعلق الأمر بالمعتقد والدين، فهذا أيضًا يجعل الإنسان في حالة من الوسوسة الشديدة، وحالة ما وصفته من أنك تجد نفسك بصورة لا إرادية كأنك تسب أحدًا، أو أن هناك ضحكًا هستيريا غير مبرر.

أخي: هذه كلها أعراض مهمة جدًا، وتحتم عليك وبشكل ضروري أن تذهب وتراجع طبيبًا نفسيًا؛ هذه نصيحتي الأولى لك، و-الحمد لله- مصر غنية جدًا بالأطباء النفسيين المتميزين، وأنت إذا ذهبت إلى أي طبيب نفسي مؤهل، أنا متأكد أنه سيساعدك كثيرًا في علاج هذه الحالة.

من الواضح أن لديك قلقًا من المخاوف، ومن الواضح أنه لديك وساوس، ولكن ما وصفته بالهلاوس يجعلنا ننصحك بأن تذهب للطبيب لمزيد من التقصي والاستفسار، وذلك من خلال الفحص الإكلينيكي، بعد ذلك -إن شاء الله-، يصف لك الطبيب الدواء المناسب.

غالبًا ستحتاج إلى أحد مضادات الوساوس والمخاوف، وهذه الأدوية قد تحتاج إلى دعم بدواء آخر ينتمي للمجموعة المضادة للذهانيات، هذه هي الخطة العلاجية الدوائية، ولكن يجب أن تكون تحت إشراف الطبيب.

هذه نصيحتي لك -أخي الكريم-، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالتوفيق والسداد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة: د. محمد عبد العليم .. استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
تليها إجابة: د. أحمد الفرجابي..........مستشار الشؤون الأسرية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرحبًا بك -أيها الأخ الكريم-، ونسأل الله أن يعينك على الخير.

نعتقد أن من نجح في التدريس، ولو لفترة ولو إلى حين، هذا يعطي مؤشرًا على أن بالإمكان العودة إلى الصواب، وإلى ما كان عليه من الخير؛ فاستعن بالله تبارك وتعالى، واستمع لتوجيهات الأطباء المختصين، وعليك باتخاذ الأسباب، وقبل ذلك وبعده عليك التوكل على الكريم الوهاب.

واعلم أن اتخاذ الأسباب جزء من التوكل على الله تبارك وتعالى، فالإنسان يعقلها ويتوكل، كما جاء هذا المعنى عن رسولنا -صلى الله عليه وسلم- لمن سأله: أأترك ناقتي وأتوكل؟ فقال: "أعقلها وتوكل"، وهذا هو اتخاذ الأسباب، كما قال لمريم: "وهزي إليك بجذع النخلة"، فالإنسان يفعل الأسباب ثم يتوكل على الله، ويرضى بما يقدره الله تبارك وتعالى.

ننصحك أولًا: بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وننصحك بقراءة الرقية الشرعية على نفسك، والذهاب إلى راقٍ شرعي، كما ننصحك بالاستماع لتوجيهات الطبيب، والذهاب إلى طبيب نفسي مختص، وننصحك بعدم الذهاب في الاتجاه الخطأ، وهو الدخول إلى قراءة الفلسفات الأخرى، والدخول في المجادلات؛ فإذا أشكل عليك أمر، فعليك بأهل الذكر، الأطباء أهل ذكر، والعلماء علماء الشريعة أهل ذكر، الذين ينبغي أن تلجأ إليهم وتحاورهم وتناقشهم بما عندك من أفكار.

أما أن تبحث وحدك، فستجد من يقودك إلى الهاوية -عياذًا بالله-، دائمًا الإنسان عند الشبهات، عليه أن يرجع إلى أهل العلم، كما قال تعالى: {وإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ}، قال العظيم: {وَلَوْ رَدُوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}.

فنحن نحذرك من القراءة المفتوحة، ومن الذهاب إلى ديانات وفلسفات أخرى، لأن هؤلاء فقدوا معالم الطريق الصحيح ببعدهم عن ديننا، وبعدم استجابتهم لرسولنا -صلى الله عليه وسلم-، الذي هو خاتم الأنبياء والمرسلين، -عليه صلاة الله وسلامه-، وكذلك، ينبغي أن تحافظ على صلتك بالله، بالسجود، والخضوع، والتلاوة، واحشر نفسك دائمًا في زمرة الصالحين، وتجنب الوحدة، لأن الشيطان مع الواحد، واستعن بالله، وتوكل عليه، وتابع مع الأطباء، ومع موقعك.

ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً