الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أستمر في الدعاء بتيسير الزواج مع عدم توفر أسبابه؟

السؤال

السلام عليكم.

عمري 20 سنةً، أدرس، وأرغب بالزواج، ولكن ليس لدي مسكن خاص، أو مال أنفقه على الزوجة والعيال، وبقيت أدعو بأن ييسر الله لي الزواج، ولكن قرأت لكم استشارةً لسائل بأن يصرف ذهنه عن الزواج في هذه الفترة. فهل تنصحونني بالاستمرار بالدعاء بتعجيل الزواج، أم لا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ولدنا الحبيب في استشارات إسلام ويب.

أولًا: نسأل الله تعالى أن يتولى عونك، وييسر أمرك، وأن يكفيك بحلاله عن حرامه، ونسأله سبحانه وتعالى لك الغنى والعفاف، ونشكرك على تواصلك مع الموقع، وقد أحسنت حين قررت عدم الاسترسال بالتفكير في الزواج؛ لتصرف ذهنك عن التفكير فيما لا تقدر عليه، وهذا من توفيق الله تعالى لك، وينبغي للإنسان العاقل أن يحرص على ما يقدر عليه من المنافع، وألا يمضي وقته في تمني ما لا يقدر عليه، كما قال الشاعر:
إذا لم تستطع شيئًا فدعه *** وجاوزه إلى ما تستطيعُ

النفس البشرية بطبيعتها تعمل وتفكر فيما يُلقى إليها من أفكار، والله تعالى يقول في كتابه: (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) فإذا لم تشغل نفسك بالنافع، شغلتك هي بغير النافع؛ والنفس كما قال عنها الإمام الشافعي رحمه الله: "هي النفس، إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل".

لهذا نحن ندعوك -أيها الحبيب- إلى الاستمرار على هذا السلوك، وهو الاشتغال بما ينفعك في الوقت الحاضر والحرص عليه، وصرف قواك الذهنية، والجسمية؛ لاكتساب ما يفيدك وينفعك، ومن ذلك الاكتساب المادي الذي يسهل لك -بإذن الله تعالى- الزواج حين تقرره.

ولا يعني هذا أبدًا أن التفكير في الزواج، أو الدعاء به، وسؤال الله تعالى أن ييسره لك، لا يعني هذا أنه سيكون سببًا لاشتغال نفسك به، فإنك تقدر على صرف نفسك عن التفكير في هذا الأمر، وتوجيهها نحو ما يفيد وينفع في غير وقت الدعاء.

ومع ذلك، ينبغي أن تكثر من سؤال الله تعالى العفاف، وأن ييسر لك أسبابه، وقد كان من الأدعية النبوية التي ينبغي أن نحرص عليها: "اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى"، وهذه وصية الله تعالى لمن لا يقدر على الزواج، فقد قال -سبحانه وتعالى-: "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحًا حتى يغنيهم الله من فضله".

والاستعفاف معناه طلب العفة، والأخذ بأسبابها، وأهم شيء في هذا هو صون الجوارح -السمع والبصر-، وصون القلب عن التفكر في المثيرات التي تثير رغبتك وشهوتك، ثم لا تقدر على تنفيس هذه الرغبات، فاحرص على أن تصون سمعك عن الحرام، وعن المثير من الألحان، والمعازف، والأغاني التي تهيج في نفسك الشهوات، وصن بصرك أيضًا عن النظر فيما حرمه الله -سبحانه وتعالى-، مع صيانتك لذهنك وقلبك عن التفكر فيما لا يفيد.

أما الدعاء، فإنك -بإذن الله- لن تتضرر منه. أسأل الله تعالى أن ييسر لك رزقك، وأن ييسر لك العفاف، وهذا متضمن لتيسير أسباب الزواج.

ونسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته، أن يقدر لك الخير وييسره لك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً