الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدي يرفض الصلح، فما السبيل لمصالحته؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ عامين حصل خلاف بيني وبين والدي، وأنا المخطئ وطردني والدي، ولن أنكر أني كنت بعيدًا عن الله، ولم أهتم لمصالحته، ولم أشعر بالضيق لأنه كان يؤذيني نفسيًا، ويفرق بيني وبين إخوتي من أمهات مختلفات، وأنا الابن الأكبر، وهو منفصل عن أمي، وأنا مقيم عندها منذ عمر سنة ونصف، وأكملت الآن 23 سنة.

حينما بلغت 12 سنة اتصلت بأبي، وطلبت زيارته والتعرف عليه وعلى عمومتي، وكنت في حالة نفسية سيئة، وفي شهر ديسمبر الماضي اتصلت عليه، وكانت المكالمة الأولى بيننا بعد خلافنا في 2022، والمكالمة لم تعطني أي أمل بالصلح، ولكني حاولت مرارًا وكنت أتصل به يوميًا، ولكنه يتعذر بانشغاله، أو يقول: سأتصل بك ليلًا، أو أفكر في مصالحتك لو أنك حصلت على تقدير جيد بالكلية؛ لأني بسبب حالتي النفسية كنت قد رسبت مرتين.

اجتهدت بعد ذلك وبالفعل حصلت على تقدير جيد، وبعدها حاولت التواصل مع أعمامي ورفضوا مساعدتي، باستثناء عمٍّ واحدٍ كان مسافرًا، وحينما رجع دعاني لحضور زفاف ابنته، ولكن والدي رفض حضوري فطلب عمي عدم الحضور، حاولت التواصل مع جميع الناس الذين يمكنهم التأثير على والدي، حتى طلبت من صديقي في كلية الطب التواصل معه -لأن والدي يحب ذلك-، ولا فائدة تذكر، وفي آخر مكالمة بيننا قال والدي: لن أصالحك ولن تعود المياه إلى مجاريها، إلا لو أني حصلت على الشهادة، وأشعر بأنه كلام فقط كما طلب مني سابقًا.

أفيدوني: هل أنا مذنب؟ فقد حاولت بكل الطرق، وللعلم سبب خلافي معه زوجته التي لا تملك أدنى صورة للدين أو الضمير، وهذا الموضوع يطول شرحه، علمًا أني سعيت لنيل رضاه من أجل رضا الله وليس لأمر دنيوي أو مال، فأنا -الحمد لله والشكر لله- مستور، والله أكرمني، وحاليًا في السنة الثالثة، فهل أنا مذنب أمام الله؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أدهم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يرزقك بر والديك إنه جواد كريم، وبعد:

نتفهم جيدًا حديثك وندرك الأبعاد النفسية التي لحقت بك، و-نحمد الله- أن استدركت الأخطاء السابقة، وحاولت إصلاح ما قد كان، وهذه بشارة خير نسأل الله أن يتمها على خير.

1- دعنا ابتداء نؤكد على حقيقة لا تقبل القسمة ولا المساومة، وهي أن الوالد يحبك، تلك فطرة فطره الله عليها، وستدرك ذلك جيدًا يوم أن ترزق بمولود -بإذن الله-، ستدرك أن حب الوالد لولده لا يمكن أن يُمحى، لكنه بالطبع قد يزيد وقد ينقص.

2- اعلم أن الإسلام لم يجعل البر بمقابل إحسان الأب، بل أوجبه عليك وإن أساء، وجعل بره وطلب رضاه وسيلة للحصول على مرضاة الله تعالى.

3- حديث الوالد إليك وطلبه منك التفوق دليل على حرصه عليك، فانظر إلى المعنى الإيجابي.

4- لا تتوقف عن طلب رضاه ولا عن إرسال رسائل إيجابية له، واعلم أن من أدمن طرق الباب يفتح له.

5- استعن على الوصول إلى قلب أبيك بكل وسيلة ممكنة، ومنها الحديث مرة أخرى إلى الأعمام والمشايخ الذين يحبهم الوالد ويحترمهم، وكل ما من شأنه تقريب المسافات.

6- زوجة والدك قد تكون أحد العوائق النفسية عندك وعندها؛ لذا نحِّها جانبًا، ولا تفكر فيها، ولا تفتح مع والدك حديثًا بشأنها، فهي زوجته، وقد يجلب الحديث عنها مشاكل أكثر.

وأخيرًا: إذا فعلت كل ما عليك من التواصل، وكنت صادقًا في طلب البر، واتخذت كل وسيلة لذلك، فاعلم أنك في الطريق الصواب، وإن لم يحدث التوافق اليوم، فإن الغد فيه ولا شك البشارة، فأمّل في الله الخير، وأكثر من الدعاء أن يفتح الله قلبه لك، وستجد الخير أمامك.

نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يصلح ما بينكما، إنه جواد كريم، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً