الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت أنفر من الزواج بسبب ما رأيته من حال أبي.. أرشدوني

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة بعمر 25 سنة، مخطوبة، ومقبلة على الزواج، ومشكلتي أني أعاني من ضغط نفسي رهيب، بسبب مشاكل بين والدي وأخواتي؛ فأبي كانت له علاقات مع النساء، وهو متزوج، واكتشفت ذلك أخواتي وأمي منذ أعوام، وهو يسيء معاملة أمي ويهجرها.

أخواتي الآن -هداهن الله- في طريق غير مستقيم، وأصبحت كل يوم تتفاقم المشاكل بين أبي وأخواتي وأمي، وأنا صرت أرهب الزواج، وأخاف من أن تتكرر القصة مع زوجي وأبنائي.

أعرف أنها وساوس شيطانية، لكني حزينة ومقهورة جداً على حال أخواتي، أبي يريد أن يطردهن من البيت، وأمي تشتكي لي طوال اليوم عن هذه المشاكل، حتى صرت أمرض بالصداع طوال اليوم، وأشكو من آلام فظيعة بالقولون العصبي، وبسبب الحزن والبكاء صار لون وجهي باهتاً، ووزني في انخفاض، ولدي أرق مستمر.

هل يجوز لي أن أقول: حسبي الله ونعم الوكيل على أبي؟ وهل يحاسب الله الأب عن هدمه لبيته ونفسية بناته وزوجته، وتهديد بناته بالطرد من البيت؟

أدعو باستمرار، وأقوم الليل، لكي يفرج الله كربتي، وأحياناً أنفر من فكرة الزواج بسبب عقدتي النفسية! أنا مشوشة، فعلت كل ما بوسعي لإنقاذ هذا البيت، لكن دون جدوى، والله المستعان!

دلوني على الهدى، جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سليمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله أن يفرج همك وييسر أمرك، فما تمرين به من ضغوط نفسية هو أمر صعب للغاية، خصوصًا وأنتِ في مرحلة حساسة، مثل: الخطبة والتحضير للزواج، المشاكل الأسرية وتأثيرها على النفسية أمر لا يمكن إنكاره، وهي قد تؤثر على مشاعرك تجاه الزواج والأسرة.

نصائح لمواجهة الوضع:
- من الطبيعي أن تشعري بالخوف والتردد نتيجة ما ترينه في بيتك، ولكن تذكري أن تجربة والدك ليست قاعدة، وزواجك -إن شاء الله- يمكن أن يكون مختلفًا تمامًا، احرصي على اختيار الزوج صاحب الخلق والدين، فهذا هو الأساس.

- استمري في الدعاء وقيام الليل، فهذا هو السلاح الأقوى في مواجهة أي محنة، قال تعالى: (إن الله مع الصابرين) (البقرة: 153) يذكّرنا بأن الله يبتلي المؤمنين ليختبر إيمانهم وصبرهم، وفي النهاية يأتي الفرج.

- المشاكل الأسرية: للأسف، والدك يتحمل مسؤولية كبيرة تجاه ما يحدث في البيت، والله تعالى يحاسبه على التقصير والظلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته) (رواه البخاري)، ولكن بدلًا من أن تقولي: (حسبي الله ونعم الوكيل) على أبيك عندما تشعرين بالظلم أو القهر، أن تدعي له بالهداية وانشراح الصدر.

5. الزواج ومستقبلك: لا تجعلي تجربة والدك تؤثر على قرارك بالزواج، الزواج سنة من سنن الحياة، وقد يكون فيه خير كبير لكِ إذا أحسنتِ الاختيار، وتوكلتِ على الله.

6. حاولي أن تسعي في الإصلاح بين أبيك وأخواتك، وأن تعقدي جلسة هادئة للإصلاح بينهم، ولو أن تستعيني ببعض من لهم قدر من الاحترام عند والدك، كالأعمام والأجداد والجدات وغيرهم، ممن يمكن أن يكون له حظوة عند والد.

وهذه بعض الخطوات التي قد تساعدك على استعادة التوازن والهدوء في حياتك:
- النشاط البدني، يعتبر من أفضل الطرق لتخفيف التوتر، المشي السريع، الركض، أو أي تمارين مناسبة لفتاة في سنك.

- حاولي الجلوس في مكان هادئ، وأخذ نفس عميق وبطيء، ثم زفير ببطء، كرري ذلك عدة مرات لتشعري بالاسترخاء.

- خصصي وقتًا يوميًا للجلوس في مكان هادئ للتأمل، سواء بالتركيز على ذكر الله، أو على شيء إيجابي في حياتك.

- حاولِي تنظيم وقتك، بحيث يكون لديك وقت محدد للراحة والاسترخاء.

إذا كانت الأمور في حياتك مرتبة، فإن الضغط يقل.

- قومي بممارسة الهوايات التي تحبينها كالقراءة، الرسم، أو حتى الطهي، فهذا سيساعدك في تخفيف الضغط.

- قراءة القرآن: تلاوة القرآن الكريم له تأثير كبير في تهدئة النفس، قال الله تعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) (الرعد: 28).

- واظبي على الدعاء بما يريح قلبك ويريح بالك، كأن تدعي الله أن يخفف عنك ما تعانينه، ويبدل حالك إلى أحسن حال.

- قد يكون من المفيد التحدث مع صديقة قريبة للتعبير عما تشعرين به، والدعم العاطفي من الأشخاص المقربين، قد يكون له تأثير كبير في تخفيف التوتر، فحاولِي التركيز على الجوانب الإيجابية في حياتك، وتجنب التفكير المستمر في الأمور السلبية.

- تقبلِي أن الأمور لن تكون دائمًا مثالية، وحاولِي التعامل مع التحديات بروح مرنة، وتأكدي من الحصول على قسط كافٍ من النوم، حيث إن قلة النوم قد تزيد من التوتر.

- تناول الأطعمة الصحية والمتوازنة يلعب دورًا كبيرًا في تحسين حالتك النفسية، وإذا كانت هناك مواقف معينة تسبب لك التوتر، حاولِي تجنبها قدر المستطاع، أو التعامل معها بحذر، وبدلاً من محاولة حل كل مشكلة دفعة واحدة، قسميها إلى أجزاء صغيرة وتعاملِي مع كل جزء على حدة، واستمري في قيام الليل والدعاء فيه، فالله قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه.

تذكري أن هذه الأمور تحتاج إلى وقت، وعليك أن تكوني صبورة مع نفسك، قد تشعرين بالتحسن تدريجيًا مع مرور الوقت، فالثقة بالله والتوكل عليه، مع اتخاذ الأسباب، ستعينك -بعون الله- على تجاوز هذه المرحلة.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً