الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كثير الحياء ولا أستطيع الرد على الآخرين إذا أساؤوا إلي!

السؤال

السلام عليكم 

أنا بعمر 19 سنة، أستشيركم بموضوعي هذا؛ لأني لا أستطيع أن أحدد كيف تسير الأمور بهذا الشكل المتعاكس؟!

أنا كثير الحياء، يعني لو تكلمت مع شخص أمام أناس، ورد عليَّ ذلك الرجل بفضاضة يحمرّ وجهي، وتغرق عيناي من الخجل، ولا أستطيع الرد!

إذا تكلم معي أي شخص، وقال لي: فيك صفة كذا أو فيك كذا، حتى لو كانت كلماته من باب المزاح، أغضب في داخلي، وأظل أفكر لفترة طويلة، رغم أني لا أظهر غضبي؛ لأني أستحيي أمامه.

عندما أكون في المجالس، ويتكلم أحد بكلام طويل لا بد أن يسرح عقلي في التفكير، ولا أدري ماذا قال المتكلم! إلا إذا كنت منصتاً له باهتمام شديد.

أحب العزلة، وقراءة الكتب، ولا أريد أن أختلط بالناس أبداً، ولكني أريد أن أتزوج، وأؤسس أسرة.

أحب البنات، وخيالي في البنات لدرجة كبيرة، يعني مثلاً مرة من المرات ذهبت إلى بيت عمي، فرأيت بنته، رغم أنها ملثمة، ولكني غرمتُ بها، وأريد أن أتزوجها! 

أعرف أنه ليس حباً صادقاً بل عابراً؛ لأنه يأتي اليوم الثاني فأرى بنتاً أجمل فأريد أن أتزوجها! وهكذا كلما رأيت بنتاً جميلة أريد أن أتزوجها.

دائماً أحاول أن أخرج بصورة جميلة أمامهن! رغم حيائي الكبير، وعندما أرى موقفاً ما يظل ذلك عالقاً في رأسي، ولا أنساه، وأتذكره بين الحين والآخر.

أريد أن أُظهر نفسي بأني كبير أمام الشباب، ولا أدري ما هي شخصيتي بالضبط، ولكن أتمنى أن تصفوا لي علاجاً يخلصني من هذا الجحيم.

علماً بأن هناك أشياء كثيرة لم أذكرها للاختصار، وكنت من قبل قد شربت (سترالين) للرهاب الاجتماعي، والاكتئاب، ونفعني، ولكن ليس بتلك القوة؛ لأن الحياء ملازم لي طول الوقت.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عماد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أخي الفاضل- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال الذي يتطرق إلى عدة أمور.

الأمر الأول، وهو الذي ربما دفعك للكتابة إلينا: هو الرهاب الاجتماعي، لقد وصفته وصفاً دقيقاً من رهبة مقابلة الناس والحديث معهم، والارتباك عندما تضطر للحديث مع الآخرين.

فهمت من سؤالك أنك تناولت في الماضي دواء لعلاج الرهاب الاجتماعي والاكتئاب، وأنك تحسنت عليه، ولكن ليس بالقدر الذي كنت تأمل فيه.

نعم، الدواء يمكن أن يساعد، ولكن نمط الحياة والتصرفات العملية يمكن أن تدعم تأثير الدواء، وأقصد بهذا أنه بالإضافة إلى الدواء، عليك أن تُقدم على مقابلة الناس، وألا تتجنب ذلك، فالتجنب لا يحل المشكلة، بينما المواجهة والإقدام يمكن أن توصلك إلى أن تعتاد على مقابلة الناس، والحديث معهم بجرأة وشجاعة دون تردد أو قلق.

هذا من جانب، من جانب آخر: لا بأس؛ فليس هناك تعارض بين حبك للقراءة والعزلة، وبين الرهاب الاجتماعي، طالما أن هذه العزلة ضمن الحدود، فبعض الناس يميلون إلى شيء من العزلة حيث يمكن أن ينتجوا فيها، سواء بالقراءة أو الكتابة أو التعلم أو غيرها.

حاول -أخي الفاضل- أن تفرق بين الرهاب الاجتماعي الذي يدفعك إلى تجنب الناس، وبين ميلك أحياناً إلى شيء من العزلة لتنتج أو تنجز بعض الأمور كقراءة الكتب.

الأمر الثالث -أخي الفاضل-: ميلك للإناث؛ فهذا من الفطرة السليمة، ومع الوقت ستصل إلى سنٍّ مناسب للزواج، ليُنعم الله عليك بزوجة صالحة تستطيع معها تحقيق ما ذكرت في رسالتك من تكوين أسرة صالحة، بعون الله عز وجل.

أخي الفاضل: أرجو ألا يكون همك الأول أن تحسن صورتك أمام الآخرين، سواء كانوا إناثاً أم ذكوراً، وإنما أن تعيش الحياة الطبيعية، واحترام الناس لك يأتي بعد ذلك، حيث يقدرون فيك -إن شاء الله تعالى- الثقة بالنفس والإنجاز، والصلاح وحسن الخلق.

أدعو الله تعالى أن ينعم عليك بما تتمنى، وأن يكتب لك تمام الصحة والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً