الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

آكل ببطء والآخرون لا يراعون لي في تناول الطعام.. فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلتي قد تكون غريبةً، ولكنها تؤرقني كثيرًا.

عندما أتناول الطعام مع أخي أو أختى لا ينتبهون بأن شخصًا يأكل معهم، وأحيانا أنظر إلى الطعام فيقع منهم، دون أن أقصد الحسد، وقد ينهون الأكل بأكمله بينما أنا آكل ببطء، ومن يعرفني يعرف ذلك، فكنت أنهي طعامي بعدهم بوقت، وقد ينهون الطعام ولا يبقون لي ما يكفيني.

ولما تزوجت كان زوجي يفعل ذلك أيضًا، ثم يعتذر لي بأنه أنهى الطعام، فأصبحت أقسم الطعام في طبقين، بحيث يأكل كل منا نصيبه، فكان أحيانًا يأكل من طبقي بعد انتهاء طبقه، وأصبحت أتمنى أن آكل بمفردي.

فما الحل مع هذه الحالة؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على ثقتك في طرح هذا الموضوع، ونتفهم مدى القلق والحزن الذي تشعرين به تجاه هذه المشكلة.

ما تشعرين به ليس غريبًا كما قد تظنين، بل هو واقع قد يحدث للبعض نتيجةً لتجارب حياتية معينة، وقد يكون له جوانب نفسية تستحق التوقف عندها، وفهمها.

من خلال ما وصفتِ، يظهر أن هذه المشكلة قد تكون مرتبطة بشعور بعدم الأمان فيما يتعلق بتلبية حاجاتك الأساسية، مثل الطعام، وقد تكون هذه التجربة قد تركت لديك شعورًا بالخوف من عدم كفاية الطعام، خاصة مع تكرار المواقف التي انتهى فيها الطعام قبل أن تشبعي.

تلك المخاوف قد تؤدي إلى ظهور سلوكيات مثل: مراقبة الآخرين أثناء تناول الطعام، أو التفكير المستمر فيما إذا كان الطعام سيكفي أم لا، مثل هذه السلوكيات يمكن أن تكون نتيجةً لشعور مستمر بالحرمان، أو القلق حول تلبية الحاجات الأساسية.

من الناحية النفسية، يمكن أن يكون ما تمرين به نوع من القلق المرتبط بالطعام، والذي قد يتجلى في مراقبة الآخرين أثناء الأكل، والشعور بالخوف من نفاد الطعام، وهذا النوع من القلق قد يترافق مع شعور بالخجل، أو الانزعاج من تصرفاتك؛ مما يزيد من الضغط النفسي لديك.

في ديننا هناك أهمية كبيرة لتقديم النية الصالحة في كل أمر، بما في ذلك الطعام، من المفيد تذكير النفس بأن الله هو الرزاق، وأن الله يقدر لكل شخص رزقه، وأنه من الجيد أن يكون الشخص حريصًا على تلبية حاجاته، ولكن دون الوقوع في القلق الزائد، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما ملأ ابن آدم وعاء شرًا من بطن، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه" (رواه الترمذي). هذا الحديث يمكن أن يساعدك في تهدئة نفسك، وتذكيرك بأن الاعتدال هو الأفضل.

نصائح عملية:

1. إعادة التفكير في تجاربك السابقة، وقد يفيدك التحدث مع مختص نفسي لاستكشاف جذور هذه المشاعر والعمل على معالجتها.

2. حاولي تدريجيًا تقليل التركيز على الطعام أثناء تناولك له مع الآخرين، ويمكنك بدء محادثة، أو الانشغال بأمر آخر خلال الوجبة؛ مما قد يساعد في تخفيف التوتر.

3. إذا كان تقسيم الطعام يجعلك تشعرين براحة أكبر، فلا بأس بالاستمرار في هذه العادة، كما يمكنك التنسيق مع أفراد الأسرة، لضمان أن الجميع يحصل على حصته بشكل مريح.

4. تذكري دائمًا أن الله يرزق كل مخلوقاته، وأن خوفك من نفاد الطعام قد يكون مرتبطًا بالشعور بعدم الأمان، وهو ما يمكن التغلب عليه بالثقة بأن الله سبحانه وتعالى لن يضيعك؛ فقد ورد عن النبي ﷺ مرفوعاً أنه قال: "إنَّ رُوحَ القُدُسِ نفثَ في رُوعِي، أنَّ نفسًا لَن تموتَ حتَّى تستكمِلَ أجلَها، وتستوعِبَ رزقَها، فاتَّقوا اللهَ، وأجمِلُوا في الطَّلَبِ، ولا يَحمِلَنَّ أحدَكم استبطاءُ الرِّزقِ أن يطلُبَه بمَعصيةِ اللهِ، فإنَّ اللهَ تعالى لا يُنالُ ما عندَه إلَّا بِطاعَتِهِ".

5. قد يساعدك التحدث مع زوجك وعائلتك بشكل ودي عن هذا الموضوع؛ ليكونوا على علم بمشاعرك، ويتعاونوا معك في توفير بيئة أكثر راحة أثناء تناول الطعام.

ندعو الله أن يرزقك الطمأنينة، والراحة النفسية، وأن يعينك على تجاوز هذه المشكلة.

يسر الله أمرك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً