الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخطأ صديقي مع فتاة ويريد أن يتزوجها، فهل تنصحون بذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم على هذا الموقع الرائع جداً، جزاكم الله كل خير.

سؤالي هنا عن أخ عزيز إلى قلبي، وهو أخ صالح، أحب فتاة مسلمة، ولكن أوقعهما الشيطان ونفوسهما في كبيرة الزنا -عافانا الله وإياكم-.

لقد صار قلب هذا الأخ يتألم كل يوم، وقد ترك تلك الفتاة وابتعد عنها، وعاد للصلاة والقرآن والأذكار مرة أخرى، لكنه خائف، فكيف يطمئن ويتوب توبة صحيحة؟

لأنه أحب تلك الفتاة، فهو يسأل: هل هناك ما يمنع أن يتقدم لخطبتها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الابن الفاضل في الموقع- ونشكر لك الاهتمام والاغتمام لما حصل من صديقك وحصل له، ونسأل الله أن يتوب عليه وعلى تلك الفتاة، وأن يُلهمهم السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

لا شك أن هذه الفاحشة المذكورة هي من كبائر الذنوب، وهي أكبر الذنوب بعد الشرك بالله وقتل النفس التي حرَّم الله، وتصديق ذلك في كتاب الله: (والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر ولا يقتلون النفس التي حرّم الله إلَّا بالحق ولا يزنون)، وجواب السؤال أيضًا في الآية: (ومن يفعل ذلك يلق أثامًا * يُضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مُهانًا * إلَّا من تاب وآمن وعمل عملًا صالحًا فأولئك يُبدّل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورًا رحيمًا).

باب التوبة مفتوح، ورحمة ربنا الرحيم تغدو وتروح، وهذه أوّل الخطوات التي ينبغي أن يُعجّل بها، بل نحن نقول: إذا أخلص التائب في توبته وصدق في أوبته وندم على ما حصل، وتوقف عن الشر، وعزم على عدم العود، وأكثر من الحسنات الماحية؛ فإنه يفوز بالمغفرة وبالمزيد، (فأولئك يُبدّل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورًا رحيمًا).

إذًا: أول الخطوات هي التوبة النصوح، ونتمنّى أن يتوب الطرف الثاني أيضًا توبة نصوحًا.

بعد التوبة لا مانع من أن يسلك السبل الصحيحة، بأن يطرق باب أهلها، ويحاول أن يُكمل معها المشوار، فإن ما حصل بينهما من الحرام لا يمنع حصول الحلال بعد ذلك، والشرط الأساس في هذا ألَّا يكون قد نتج عن ذلك الجماع شيء، ولذلك الزانية تستبرئ بحيضة، تتأكد أنها حاضت بعد ذلك الموقف، وأنها تابت ورجعت إلى الله تبارك وتعالى، وبعد ذلك لا يمنع الخطأ الذي حصل من حصول الصواب.

لذلك قد يكون في هذا أيضًا الخير، ومحاولة الإصلاح بعد ما أفسد، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يهدي شبابنا جميعًا للحق والخير والتوبة والصواب، والإنابة إلى الله تبارك وتعالى.

كما قلنا: من شرائط التوبة أن يتوقف عن التواصل، والتوقف عن الاستمرار في هذه العلاقة؛ لأن صدق التوبة إنما يظهر بهذا التوقف التام، والبُعد عن الخطوات التي أوصلت إلى الخطأ؛ فإن الشريعة باعدت بين النساء وبين الرجال.

أمَّا كيفية التأكد من حالها: فيكون ذلك عن طريق أخواته أو عمَّاته أو خالاته، يعني: يتواصلن معها، يتعرفن إلى أسرتها، فإن وجدن عندها قربًا من الله ورجوعًا إليه؛ فلا مانع من أن يطرق بابها، وليس من الضروري أن يُخبر أحدًا بالذي حدث، بل هو مطالبٌ بأن يستر على نفسه، وأن يستر على الطرف -الشريك- الذي معه في ذلك الجُرم؛ لأن المؤمن مطالب بأن يستر على نفسه ويستر على غيره.

نسأل الله أن يهدي شبابنا إلى الحق، وأن يُبعدهم عن الفواحش وعن الذنوب، ونسأل الله تبارك وتعالى أن ييسّر لهم أمر الحلال، وأن يلهمهم السداد والصواب، هو ولي ذلك والقادرُ عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات