الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أشعر بالرضا عن حياتي ولا علاقتي بربي، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

أشعر بأني تائهة في الحياة، ولا أعرف من أين أبدأ! لا أشعر بالرضا عن حياتي، ولا علاقتي بربي، ولا علاقتي بنفسي، ولا علاقتي بزوجي، أحاول كثيراً في اتجاهات كثيرة أن أعدل من حياتي، ولكن سرعان ما تتأثر نفسيتي بأي من أحداث الحياة فلا ألتزم بما خططت له، ولا أحس أن قلبي منشرح.

أنا متزوجة من رجل طيب، ويصلي، ولكنه غير مواظب جيداً على صلاته، وأنا كذلك للأسف، أنا شخصية حساسة للغاية، أفكر كثيراً، وعقلي مزدحم للغاية بالكثير والكثير من الأفكار، ولا أنام جيداً، وأخاف على كل من أحب، ولا أتخيل أن أفقدهم.

أنا مريضة بالقلق، ولكني غير ملتزمة بالدواء، وأمل منه فأتوقف، كنت أتناول (لوسترال50 2) حبة، ثم نصحني الدكتور بالتغيير (لبروزاك 20 2) حبة؛ لأنه مناسب أكثر للحمل، وللأسف الدواء له تأثير سلبي على حياتي الجنسية، أرغب في أن أصبح أماً، لكني خائفة من صعوبة الحياة على هذا الكائن الذي لا حول له ولا قوة، والذي سأحضره لهذه الحياة بإرادتي ليصطدم بصعوبات مادية واقتصادية، ولا يستطيع أن يحافظ على دينه؛ حيث إني متأكدة أنه سيكون مختلفاً وسط من حوله؛ لأن الخطأ هو المتداول حالياً.

كثيراً ما يوسوس لي الشيطان أن حياتي مع زوجي يمكن أن تنتهي لأي سبب كان، أو أني سأفقد أحداً من أهلي، أو أني مقصرة في كل شيء في الحياة، أو أني لا أستحق أي شيء جيد، وأنني لا أحب نفسي.

أشعر أحياناً كثيرة أنه لا طاقة لدي لأصلح أي شيء، وأوقات أخرى أكون متحمسة وأحس بقوة لأغير حياتي، وأشعر أني فقط المسؤولة عن هذه الحياة، وأني قادرة على التحكم في زمام أموري.

أريد حلاً، وخطوات عملية أتبعها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sa. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا مجددًا بهذا السؤال.

ما سمّيته -التيه في الحياة- كنتُ أتساءل عن نشأته، ومن أين أتى هذا الشعور الذي وصفته بشكل جيد في الحياة؟ حيث إنك لا تشعرين بالرضا عن حياتك، ولا عن علاقتك بربّك، وبنفسك، وبزوجك، والحياة بشكل عام.

أختي الفاضلة: لا شك أن هذه الحالة التي وصفتها إنما هي نتيجة التربية والتنشئة وظروف الحياة التي مررت بها، فأحوالنا عادةً نتيجة للأحداث التي تأتي من حولنا، إلَّا أن هذا لا يعفينا من المسؤولية، وكما يقول أحد العلماء: "نحن لسنا أسرى لماضينا"، فيمكننا أن نُحرّر أنفسنا من بصمة الطفولة، والنشأة الأولى.

أختي الفاضلة: إن كان ما تصفينه في رسالتك تعانين منه منذ زمن طويل؛ فربما أصبح هو طبيعة شخصيتك هذه، أمّا إن كان حديثًا نوعًا ما؛ فربما هو حالة من القلق والتوتر، وشيء من الاكتئاب النفسي.

أختي الفاضلة: ذكرتِ أنك قلقة على إنجاب طفلٍ بإرادتك، دعيني أذكّرك أن الطفل يأتي بإرادة الله عز وجل، والله دعانا بقوله: (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق) أي لا تمنعوا وجود أولادكم خشيةَ أن يكون قُدومهم محاطاً بالفقر، فتتمَّةُ الآيةُ تقول: (نحن نرزقهم وإياكم)؛ أي أن الطفل يأتي، ويأتي معه رزقه من فضل الله.

أختي الفاضلة: نعم إن قلقك مُتعبٌ لك، إلَّا أن معظم حالات القلق من المستقبل، وما يمكن أن يأتي به؛ لا مبرر لها، وغير منطقية، فأنت -كما لاحظتُ من سؤالك- حريصة على قُربك من الله عز وجل، وعلى حُسن التربية، فهذا كلُّه سيُعينك على الاستمرار في حياتك الزوجية، وإنشاء أو تكوين أسرة طيبة بعون الله، ثم معك زوجك في كل هذا -بإذن الله-.

يبدو أن عليك أن تُرتّبي أولًا أمور أولوياتك في الحياة، وقد أتتك من هذا الموقع أجوبة سابقة تُعينك وتُوجّهك إلى أمور عملية، فأرجو أن تعملي بها، وخاصة إيجاد التوازن في حياتك بين رعاية نفسك من العبادة، والرياضة، والتغذية، والنوم المناسب، ثم إذا أردت الاستمرار في الدواء، فدواء الـ (بروزاك) -الذي وصفه لك الطبيب-، عشرين مليجرامًا مناسبٌ؛ إلَّا أني لا أعتقد أن الدواء هو الأساس، ولكن أولويات الحياة ونمط الحياة، وكيف تقضين يومك، أمرٌ هامٌّ جدًّا.

نعم الدواء في حالتك يُعينُ كثيرًا؛ إلَّا أنك يجب أن تحرصي على الجوانب العملية الأخرى، سواء التي وردت في جوابي هذا، أو الأجوبة السابقة للزملاء الكرام.

أختي الفاضلة: أرجو أن تكتبي قائمة بالأمور العملية التي ذكرتها لك، والأمور التي وردتك من زملائنا في أجوبة سابقة؛ لتخرجي من خلالها ببرنامج يومي تعملين عليه، نعم معظم الناس لا يُطبّقون البرامج كاملةً التي يضعونها، إلَّا أننا نحاول أن نُسدد ونُقارب.

أدعو الله تعالى أن يشرح صدرك، ويكتب لك العودة إلى ما كنت عليه من الشغف والإقبال على الحياة؛ لترضي بما رضيَ الله تعالى لك.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً