الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحس بتعب وضيق عندما أتقرب إلى الله تعالى، فما السبب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندما أسمع القرآن، أو أصلي، أو أحاول أرجع لربنا سبحانه وتعالى وأتقرب له بأي عبادة، أحس بتعب وضيق وأني غير قادر، ودائمًا أحس بضيق في التنفس، وبعصبية، وأني سأختنق، لا أعرف ما الذي يحدث، تعبت، أتمنى أن أتوب وأرجع، لكن لا أعرف أتصرف.

أرجو من حضراتكم أن تساعدوني في إجابة السؤال، دلوني على الحل، وادعوا لي بالهداية، جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر جمال .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

الإحساس بالتعب وبالضيق وبالعصبية والقلق حين تسمع القرآن، أو حين تصلي، أو تحاول التوبة والرجوع إلى الله تعالى؛ هذه الظاهرة يشتكي منها بعض الناس، ولا نقول إنها كثيرة، لكن بعض الأفراد يشتكون منها، ونحن نرى أن هذه التجربة بهذه السلبية هي مجرد مصادفة، وليست أكثر من ذلك، ولا يمكن أبدًا للقرآن وللصلاة وللذكر، والتقرُّب إلى الله تعالى أن يُسبب لك الضيق، هذا لا يمكن أن يحدث مطلقًا! على العكس تمامًا، الصلاة، وتقوى الله، وقراءة القرآن، والتقرُّب إلى الله هي مفاتيح فرج وتنفيس للكرب، ومصدر راحة النفس، والرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يقول لبلال -رضي الله عنه-: (أرحنا بها يا بلال) وكان يقول: (وجعلت قرة عيني في الصلاة)، ويقول الله تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ تَصْدَأُ ‌كَمَا ‌يَصْدَأُ ‌الْحَدِيدُ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا جَلَاؤُهَا؟ قَالَ: «تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ».

فلا يمكن مطلقًا أن تكون الصلاة، أو الذكر، أو تلاوة القرآن، أو العبادات والتقرُّب إلى الله سببًا في هذا الضيق، وهذا القلق والتوتر.

فيا أخي الكريم: أرجو أن تُغيّر هذا المفهوم، وألَّا تترك الشيطان يقودك إلى مثل هذا التفكير، أبدًا، أقْدِم على صلاتك بكل خشوع، وطمأنينة، وتقرَّب إلى الله تقرُّبًا حقيقيًّا، مخلصًا، صادقًا، واجعل حياتك تكون حياة إيمانية بمعنى الكلمة، ولا تتردد، ولا تترك للشيطان مجالًا ليدخل عليك مثل هذه المشاعر.

وعليك أيضًا أن تتابع الجماعة، متابعة الجماعات -أيها الفاضل الكريم- دائمًا فيها مؤازرة كبيرة جدًّا للمسلم، الصلاة مع الجماعة، حضور الدروس، مجالسة الصالحين، هذه يجب أن تكون ديدنك -أيها الفاضل الكريم- وأرجو ألَّا تكون هنالك غفلة، أو تكاسل، أو اتباعٍ للشيطان، التقرُّب إلى الله تعالى والعبادة تُشعر الإنسان بالسعادة وبالقوة وبعزة النفس وبالراحةٍ، هي ليست سببًا للكرب أو سببًا للضيق، هذه من وسوسة الشيطان -أيها الفاضل الكريم- أو هو ممَّا يُروجه بعض الناس الذين ألحدوا، أو الذين ضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا ويحسبون أنهم مهتدون، أقدِم على ربك طائعًا مختارًا مخلصًا خاشعًا، وسوف تجد الخير الكثير جدًّا -بإذن الله-، وعليك باتباع الجماعات.

إن كان أصلًا لديك شيء من القلق، أو شيء من الميول إلى القلق والعصبية في حياتك؛ فهذا تُعالجه أيضًا من خلال التعبير عن النفس، وتجنب الكتمان، يجب أن تُعبّر عمَّا بداخلك، يجب أن تحسن إدارة وقتك، ويجب أن يكون لك تواصل اجتماعي إيجابي، ويجب أن تجعل لحياتك معنًى، وإن كنت في مرفق دراسي، فيجب أن تكون مُجيدًا في التحصيل، وإن كنت في مكان عملٍ يجب أن تكون ماهرًا ومُحبًّا لعملك.

حدد أهدافك في الحياة، وضع الآليات التي توصلك لهذه الأهداف، بهذه الطريقة -أيها الفاضل الكريم- سوف تكون قد وجّهت القلق النفسي التوجيه الإيجابي، الذي يجعله قلقًا إيجابيًّا وليس قلقًا سلبيًّا.

ممارسة الرياضة مهمّة جدًّا لتقوية النفوس، ولإزالة القلق، وللشعور بالراحة والانبساط التام، تجنب السهر أيضًا من الضروريات الأساسية لأن تنتظم الساعة البيولوجية عند الإنسان، وهذا قطعًا يجعل الصحة النفسية والصحة الجسدية عند الإنسان في أفضل حالاتها.

أرجو أن تهتمّ أيضًا بغذائك، التوازن الغذائي ضروري جدًّا. أرجو أن تقوم بكشوفات وفحوصات طبية دورية، مثلًا مرة كل ستة أشهر تذهب إلى طبيب الباطنية أو طبيب الأسرة.

بهذه الكيفية تكون قد وصلت لأفضل حالات الصحة الجسدية والصحة النفسية، وإن شاء الله تعالى لن ينتابك ضيق أو توتر أبدًا حين تصلي، أو تسمع القرآن، وأرجو أن تكون قريبًا من إمام مسجد الحيِّ، جالسه، استمع إليه، خذ بنصائحه، وعليك ببر الوالدين، فهو فرج لكل ضيق ولكل حزن ولكل كرب.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
_______________
انتهت إجابة د. محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان
وتليها إجابة د. أحمد المحمدي المستشار التربوي والشرعي.
__________________
أهلا بك في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يحفظك، وأن يصرف عنك ما تجد، وأن يحببك إلى الطاعة ما أحياك، وبعد:

فكما تفضل د/ محمد عبد العليم: القرآن والصلاة وسيلة صلاح وإصلاح، فإن وجدت فيهما ما يقلقك أو شعرت بالضيق، فأنت أحد إثنين:

- إما لديك مشاكل نفسية، أو اجتماعية لم تسلك الأسباب المنطقية لحلها، فإذا قرأت القرآن اجتمعت عليك تلك الهموم، فشعرت بما ذكرت، وعلاج هذا أن تحدد المشاكل التي عندك، وأن تكتبها وفق الأولويات، وأن تعالج كل يوم مشكلة، المهم أن تسعى في حلها بأسباب عقلية ومنطقية.

- أو يكون هذا من تلاعب الشيطان بك، وله في ذلك وسائل عدة لا نستطيع حصرها، لكن منها التحزين، وقد يكون العين، أو الحسد وسيلة لذلك، ونحن ابتداء لا نحب أن نفسر كل الأحداث بهذه الطريقة، ولكن نضعها كأحد الاحتمالات، فإذا تعذر الشفاء بعد الأخذ بكل الأسباب، فهذا مرجح للاحتمال.

وعلاجه سهل وميسور، فلا تقلق، وافعل ما يأتي:

1- المحافظة على أذكار الصباح والمساء كل يوم.
2- قراءة سورة البقرة كل ليلة في بيتك، أو الاستماع إليها.
3- الرقية الشرعية، وهي موجودة كاملة على موقعنا، وأفضل راق للإنسان نفسه، فإن جهل فعل ذلك، فيمكنه الاستعانة بأحد الرقاة الشرعيين.
4- الوضوء قبل القراءة.
5- استحضار المعنى عند القراءة، ويمكنك أخذ تفسير بسيط، وجعله بجوارك ليعينك على فهم الآيات.
6- تحديد ورد ثابت لك، واجعله في البداية قليلاً، المهم ألا يمر يوم إلا وقد أنجزت فيه وردًا.
7- القراءة تكون بنية التعبد لله عز وجل.

هذه السبعة متى ما استعنت بالله، وصبرت عليها أذهبت ما بك إن شاء الله تعالى.

كما نحب أن تطبق إرشادات الدكتور محمد، ونضيف إليها: إيجاد البيئة الصحية، وهي تبدأ بالصاحب الصالح الإيجابي، فهذا عامل مهم في التخلص مما تجد -إن شاء الله-.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً