الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يحق لي المطالبة بسكن مستقل عن أهل زوجي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرغب في توجيهي دينيًا، واجتماعيًا، هل معي حق أم لا؟

زوجي يرغمني على السكن في بيت العائلة، مع مقدرته المادية على توفير سكن أكثر راحة نفسيًا خارج بيت العائلة، إلا أنه يرفض رفضًا قاطعًا الخروج منه، مع أنه مسافر معظم الوقت، ويقع علي وعلى أولادي الكثير من الضرر النفسي.

بالإضافة إلى أن البيت مسحور؛ وذلك لأنه تتكرر علي الرؤى بالسحر، وتكون شديدة الوضوح، فلا أنا ولا أولادي نستطيع النوم بشكل طبيعي، وبمجرد أن أقرأ سورة البقرة أشعر بصداعٍ شديدٍ، وأبدأ بالبكاء، وتختفي كل تلك الأعراض بمجرد خروجنا من المنزل، وزوجي مع ذلك يكابر بشدة، وقد قلت له بأنني ما عدت أحتمل، وأنني سأنتقل، فهددني بالطلاق فور خروجي من المنزل، فهل يجوز لي في أثناء غيابه أن أنتقل؟

والله ما عدت أحتمل، وهو رغم مقدرته المادية يرى عذابي ويكابر، فهل يجوز له أصلاً الطلاق في وضع كهذا؟ وهو لا يستطيع توفير السكنى الطيبة لنا، ولا حتى يأخذنا معه إلى حيث يسافر، وأكرر بأنه ليس لديه أي مانع مادي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يهدي زوجك للقيام بما عليه، وأن يُلهمه السداد والرشاد، وأن يهديه لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

الذي نُحبُّ أن ننبِّه له هو أهمية دعوة راقٍ شرعيٍ، يُقيم الرقية الشرعية على قواعدها الشرعية؛ من أجل أن يقوم بقراءة الرقية الشرعية، كما أرجو أن تُعمّروا البيت بالأذكار، وتُكثروا من قراءة القرآن، وخاصةً سورة البقرة التي لا يستطيعُها البطلة (السحرة) كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم، ففي تلاوة القرآن حماية وعلاج.

كما أرجو أن تُربّي أبناءك على المحافظة على أذكار الصباح، وأذكار المساء، وأذكار التعوّذ الواردة في السُّنّة، مثل: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)، و(أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطانٍ وهامّة ومن كل عينٍ لامّة)، و(أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهنّ برٌّ ولا فاجر، من شر ما خلق وذرأ، ومن شرِّ ما ينزل من السماء، ومن شرِّ ما يعرج فيها، ومن شرِّ ما يلج في الأرض ومن شرِّ ما يخرج منها، ومن شرِّ كل ذي شرٍّ لا أُطيقُ شرَّه، ومن شرِّ طوارق الليل والنهار، إلَّا طارقًا يطرقُ بخيرٍ يا رحمن)، وأذكار دخول البيت، والخروج منه، وأذكار النوم والاستيقاظ، وأذكار دخول الخلاء والخروج منه، وأذكار الملبس، وأذكار المأكل والمشرب، وسورة الإخلاص، والمعوذتين.

واعلمي أن الأمر -كما أشار الشيخ ابن باز- المحافظة على الأذكار تمنع ما لم ينزل، وتنفع فيما نزل، فاحرصي على العلاج الشرعي، ثم بعد ذلك لا مانع أن تُطالبي زوجك بهدوء، أن يبحث لكم عن مسكن، إذا كان ذلك مناسبًا، وكان يُناسب الأعراف الموجودة أيضًا.

ونحتاج أن نعرف أسباب رفضه، هل الأهل بحاجة إلى وجودكم معهم؟ هل يخاف عليكم إذا كنتم وحدكم؟ وما هي الأسباب التي تجعله يرفض؟ وهل عادة أهله وعادة الناس عندكم أن تبقى الزوجة في بيت أهل زوجها في أيام غيابه؟

هذه أمور لا بد أن ننظر لها بعين الاعتبار، ليس لأنها أمور شرعية، ولكن لأن مراعاة مثل هذه الأمور، والحوار حولها، وإيجاد الحلول المناسبة من الأمور المهمّة، ونحن لا نريد أن تصلوا إلى مرحلة الطلاق، نريدك أن تتسلَّحي بالصبر، لعلَّ الله تبارك وتعالى يجعل لك مخرجًا، ونرفض أيضًا أسلوبه في التهديد، ولكن الحياة الزوجية تقوم على الخيار، فأنتِ تستطيعين أن تُكملي معه، وهو يستطيع أن يُوقف الحياة؛ لأن الحياة الزوجية تقوم على الاختيار والرضا، فأرجو ألَّا تصلا إلى هذه المرحلة، وألَّا تجعلي هذه المسألة مسألة عناد.

وعليك أن تُحافظي على مزيد من الأذكار، وتحصني بيتك، ومكان وجودك، وأولادك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينكم على تجاوز هذه الصعاب.

ونعتقد أن هذه المشكلة لا ترقى لأن تكون سببًا في طلب الطلاق، ولا ترقى لأن تكون سببًا في أن يُهدّدك بالطلاق؛ فضلًا عن تنفيذ الطلاق، فنتمنّى أن تعرفي أسباب رفضه، ثم تُعالجي هذه الأسباب في منتهى الهدوء، والذي يهمُّنا هو التحصينات الشرعية، والعلاج الشرعي، وهذا ينفع، والجنّ لا يستطيع أن يصمد أمام الأذكار، وأمام الذَّاكرين الله كثيرًا والذَّاكرات، ويُعلن عجزه وفشله بالانصراف عنهم، ويذهب إلى غيرهم.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً