الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين عاطفة الأب وعاطفة الأم، وطرق توجيهها نحو الأبناء

السؤال

هل الرضاعة وحدها متعبة للمرأة؟ أي إذا كان الطفل يرضع رضاعة طبيعية، ولا ينام أثناء الرضاعة، فهل الرضاعة وحدها متعبة؟ وما هي متاعب الرضاعة جميعها؟

ألا تكون الرضاعة لمدة نصف ساعة، ولو أنها مرة واحدة في اليوم تحتاج لصبر؟ ولا يمكن مثلاً فعل شيء سوى الإرضاع؟

ما المقصود بعاطفة الأم التي تمتاز بها عن الأب التي تؤهلها لتربية الأولاد؟ هل هي العاطفة التي تجعلها تضحي؟ ولو فرضنا أن تربيتهم متعبة، ولا تأخذ وقتًا للراحة، ولا تؤثر على وقت النوم، بمعنى أنه لا يوجد ما يضايق الراحة والنوم، فهل معناه لا يوجد أي داع لعاطفتها؟ لأن عاطفتها فقط خلقت لأجل أن تضحي، ولأن الرجل لا يملك العاطفة لا يضحي، وبالتالي لا يستطيع الرعاية.

هل هي تضحي بسبب الشفقة عليهم، حتى لو لم تكن تحتاج للتضحية بالنوم أو الراحة، هل نقول إنه بمجرد الشفقة عليهم التي تجعلها تربيهم وترعاهم، ولكون الأب لا يملك العاطفة لا يشفق عليهم، فلا يرعاهم، حتى لو لم تكن تربيتهم تحتاج لأي تضحية بالنوم أو الراحة؟ فقط مجرد أنها متعبة كتبديل الحفاظ وتكون الرضاعة غير متعبة؟ أقصد الرضاعة بدون أن ينام الطفل أو يستيقظ بشكل مستمر، لأجل الرضاعة، إذا فرضنا ذلك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ TABARK حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتي- عبر استشارات إسلام ويب.. ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال، جميل -بنيتي- أنك تفكرين في مثل هذه المواضيع اللطيفة، والتي يمكن أن تزيد وعي الناس في أهمية هذه الأمور.

بنيتي: ربما أحتاج لتصحيح بعض المفاهيم التي وردت في سؤالك، فأولًا: كلا الرجل والمرأة يمكن أن تكون لديه عاطفة رعاية أولادهم، فالأم وهبها الله تعالى غريزة الأمومة كما ورد في سؤالك. هي ليست فقط نفسية، وإنما حتى هرمونية، فالأم من خلال وعيها ومن خلال العامل الهرموني تجد نفسها تقوم بالتضحية ورعاية أطفالها، حتى إن الله عز وجل ضرب مثلًا في هول يوم القيامة، مشيرًا إلى شدة غريزة الأمومة هذه مع الرضيع، حيث قال تعالى: (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ...)، أي أن هول يوم القيامة من الشدة بحيث إن الأم المرضع تترك رضيعها لتلتفت إلى أمورها.

ما هذا إلا دلالة على أمرين: هول يوم القيامة، وقوة هذه الغريزة، فهي تعتبر من أقوى الغرائز عند الإنسان، لذلك تقوم الأم بتقديم الرعاية سواء كانت متعبة أو غير متعبة، فالتعب أو عدم التعب إنما يعود إلى عوامل أخرى، لها علاقة بالجو الأسري، والاجتماعي، وصحة الأم، وطبيعة الطفل، فبعض الرضع صعب الإرضاع والنوم، ويكثر البكاء، بينما يوجد أطفال آخرون يميلون أكثر إلى الهدوء.

بنيتي: علينا أن نذكر أنه حتى الأب الذي يعمل ويكدح ليطعم أسرته، ويطعم زوجته وأطفاله، إنما يفعل هذا أيضًا من باب غريزة الأبوة عنده، فإذًا كلا الأب والأم يشترك في تقديم الرعاية، وإن كانت الأم تمتاز بالمزيد من هذه الرعاية، بما فطرها الله تعالى، حيث حملت بجنينها تسعة أشهر، فالرابطة بينها وبين جنينها ثم وليدها رابطة قوية، امتدت على أشهر طويلة، هذا من جانب.

من جانب آخر: كما ذكرت هذه الرعاية الأمومية -إن صحت التسمية- لا تتوقف على التعب أو عدم التعب، إذا لم تكن الأم متعبة فهذا جيد وهذا الأمثل، ولكن حتى لو كانت متعبة نجدها كما ورد في سؤالك تضحي بنومها وراحتها، وحتى الأب أيضًا يمكن أن يسهر الليالي عند مرض أحد أبنائه.

أدعو الله تعالى أن يشرح صدرك وييسر أمرك، ويجعلك من الطالبات الناجحات المتفوقات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً