الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفكيري في مسؤولياتي وإتقان العمل أرهقني، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكلتي ليست واحده بل عدة مشاكل تضغط على حياتي، وفي بعض الأحيان تعوق نشاطي اليومي.

أولًا: التفكير المفرط والسلبي في أتفه الأمور، والحرب التي تحدث بيني وبين نفسي، والقلق الذي سبب لي آلام المعدة الدائمة، فمثلًا أنا لدي أعمال عديدة خارجية لتوفير مصدر دخل يغطي بعض الاحتياجات، فلو قمت بعمل ما، عندما أذهب إلى النوم أفكر ماذا لو أن أحد إخوتي قام يتخربب عملي بدون قصد، أثناء اطلاعه عليه، أو أن الزبون عندما يرى عملي لم يعجبه، أو أني ظلمت نفسي بأخذ هذا الأجر القليل مقابل هذا العمل الجميل.

علمًا أني أبذل قصارى جهدي حتى تظهر أعمالي بأجمل وأكمل شكل، وأكثر التعليقات عليها بالمدح والثناء، ونتيجة لأي مشاعر يمكن أن أحس بها أظهر بأفكار كبيرة واستراتيجية ومخططة، وأحقق أهدافي منها، وأتحمل كل الضغوط والتفكير والأرق والجهد النفسي خلال تنفيذ خطتي، أنفذها بكامل الشغف حتى أصل إلى هدفي الذي أريده، بل وأفضل مما كنت أريد، وبعد هذا التعب أرى أن ما حلمت به ليس إلا شيئًا تافهًا، وألوم نفسي على ذلك وأستصغرها، وأقول: لماذا بذلت هذا الجهد من أجل هذا الشيء التافه؟ ولماذا حلمت هذا الحلم التافه؟ وهكذا.

منذ بداية انطلاقتي بعد الثانوية في العمل والجامعة، ولدي إحساس دائم بالمسؤولية تجاه أسرتي ومحيطي ووطني، وأي مكان أتواجد فيه، بغض النظر عن منصبي، لكن شعوري بالمسؤولية مبالغ فيه، والجميع ينصحوني بأن لا أتعب نفسي وأتحمل العناء، فماذا أستفيد من ذلك، وعلي أن أكون كالبقية ولا أحمل نفسي فوق طاقتها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ .... حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك أولًا كتابتك إلينا بهذا السؤال، وثانيًا حرصك على إتقان عملك، يقول الله عز وجل: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم}، تمنيت لو أن كثيرًا من الناس مثلك في شعورهم بالمسؤولية عن أسرتهم وبلدهم ووطنهم وأمتهم، فهذا ينقصنا كثيرًا في هذا العصر.

فاحمدي الله تعالى أولًا على هذه النعمة، وعلى إدراكك العميق للشعور بالمسؤولية، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، وإن إتقان العمل من الأمور التي أوجبها الإسلام، كتب الله الإحسان على كل شيء كما قال الحبيب -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء)، فهذا من جانب.

ولكن من جانب آخر كل ما زاد عن حده انقلب إلى ضده، لذلك السؤال كيف نوازن بين شعورنا بالمسؤولية وبين رعايتنا لأنفسنا؟ فالمصطفى يقول -صلى الله عليه وسلم-: (إن لنفسك عليك حقا)، فواضح من سؤالك أن شعورك هذا الكبير بالمسؤولية يتعبك ويجهدك من كثرة التفكير، وربما لوم الذات على التقصير هنا، أو عدم إتمام العمل هناك، لذلك -أختي الفاضلة- دربي نفسك على أن تتقني عملك، ولكن متى ما انتهى العمل اقلبي الصفحة، وانظري إلى عمل آخر وتوكلي على الله.

أختي الفاضلة: مما يساعدك على تحقيق هذا أن تعطي نفسك أولوية من ناحية الأنشطة التي تحبين القيام بها، طبعًا هذا بالإضافة إلى الصلاة والقرآن، ولكن أضيفي إليهما الهوايات المفيدة، وبعد كل عمل أعطي نفسك فترة ليس للتفكير في هذا العمل، وإنما فترة للراحة والاستجمام، بحيث تتخلصين من أعباء العمل الذي لتوك أنهيته، خذي شيئًا من الراحة بشيء محبب إلى نفسك، ثم باشري العمل التالي والذي بعده من بعده.

من خلال هذه الخطوات يمكنك أن تجمعي بين شعورك بالمسؤولية وإتقانك للعمل، وهذان أمران مطلوبان، بل هما عبادة إلى الله عز وجل، ولكن مع شيء من التوازن في عدم إهمال نفسك وحاجاتك المختلفة المادية والمعنوية، أدعو الله تعالى أن يشرح صدرك وييسر أمرك ويلهمك صواب الفكر والقول والعمل، ولا تنسينا من دعوة صالحة في ظهر الغيب.

وكم كنا نتمنى لو ذكرت لنا ماذا تدرسين، فنحن نحب أن نعرف دراسة السائل، فلعل هذا يلقي بظلالنا على الإجابة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً