الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النساء يفرحن بحملهن وأنا في حزن وبكاء شديد!!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة متزوجة منذ فترة قريبة، وحملت -والحمد لله- بعد الزواج مباشرة، ولكن لم أتوقع حدوث ذلك خلال شهرين بهذه السرعة، هذا سبب لي حزناً واكتئاباً شديداً، خاصة بعد أن أخبرني الطبيب بكثير من المحظورات، وبعدم السفر أو العمل، وأهلي يسكنون بعيداً، ومنعت من الذهاب إليهم فازداد حزني بشدة.

أبكي كثيراً بسبب حملي، وأشعر أني تسرعت، وكان الأفضل لي أخذ وسيلة منع، حتى أتهيأ نفسياً وجسدياً لذلك، أعلم أنه نعمة ورزق من الله، والكثير يعانون من عدم الإنجاب، لكن لا أعلم كيف أتحكم بهذا الشعور؟ حملي لم يتجاوز 40 يوماً، ولكني أكره الإجهاض بشدة، ولا أفكر فيه مطلقاً، لكني لا زلت لا أتقبل فكرة حملي، ولم أخبر أحداً به سوى زوجي، ولا أريد أن أخبر أحداً.

النساء يفرحن بحملهن، وأنا في حزن وبكاء شديد، وأخاف أن يكون هذا سخطاً مني على قضاء الله ورزقه، فيبتليني -والعياذ بالله- بسبب السخط على قدره وقضائه.

أنا على يقين أنه رزق، لكني أشعر أني لست مستعدة، ولا مهيأة، ومتخوفة بشدة.

أفيدوني، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ علياء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يحفظك وأن يبارك فيك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبعد:

الحمد لله ثم الحمد لله على ما تفضل به عليك من نعمة الحمل، ونسأل الله أن يتم لك هذا الخير على خير، إنه جواد كريم.

أختنا الفاضلة: ليست المشكلة معك في الحمل، ولا الاعترض على عطية من عطايا الله تعالى، ولست ساخطة على نعمة الله عليك، فلا تستسلمي لوساوس الشيطان الذي يريد أن يخلط لك بعض الحق بكثير الباطل، على ما سنفسر -إن شاء الله تعالى- الآن.

مشكلتك الحقيقة -أختنا- تكمن في ثلاثة أمور:
- الرغبة في الاستمتاع بأيام العرس مع زوجك، وهذا أمر مشروع.
- عدم وجود عوائق تحول بينك وبين السفر أو الخروج أو التنزه وهذا مشروع.
- الميل الطبيعي إلى زيارة أهلك، خاصة وأنت قريبة العهد ببيت الزوجية، ولا شك أن العام الأول كثيراً ما تتضارب فيه الرؤى والميول، وتحدث فيه بعض المشاكل، وتحتاج الفتاة في هذا التوقيت إلى أمها خاصة، وهذا مشروع.

بالنظر إلى ما مضى نستطيع أن نقول بأن الأمور طبيعية، ومن المتفهم أن تحزن فتاة على فقدانها هذه المزايا في أول الزواج، لكن الشيطان المتربص بك أراد أن يتقدم خطوة ليفسد عليك فرحتك، ويخلط لك بين ما هو مشروع، وما هو ممنوع، وهذا ما أفسد عليك فرحتك بالعطية لأنها مقرونة بما رحل من مزايا، بل وقد أحكم الشيطان قبضته عليك ليحصر نعيم الحمل كله في هذه المزايا المفتقدة، والحق -أختنا- أن قدر الله وقضاءه نافذ، وهو الخير لا محالة، ولو أخذت ألف وسيلة لتأخير أقداره ما تغير شيء، والمؤمن الحق يعلم قطعاً أن أقدار الله لها حكمة وإن جهلها هو، هذا المعنى لو تأصل عندك لذهب عنك أكثر همك وغمك.

إننا نود منك ما يلي:
1- حصر المشكلة في إطارها الطبيعي والحذر من تضخيم الشيطان .
2- التفكير في مزايا وعطايا نعمة الله عليك بالحمل، ولو قلبت ناظريك لوجدت آلاف النساء الحزينات بفقدان هذه النعمة، بل بعضهن من أنفقت كل غال ونفيس في مقابل لذة الشعور بالحمل ولم تجد.
3- لا تقارني بين ميزتين، فتلك وسيلة من وسائل الشيطان، بأن يقول لك: لو تأجل الحمل لعام لكان أفضل من الآن! هذا من خبث الشيطان، ولكن قولي لو كان الخيار إما حمل الآن أو عقم مدى الحياة..ماذا سيكون جوابك؟!

4- ما لا يدرك كله لا يترك بعضه، يمكن لأهلك زيارتك كما يمكن لك الخروج بحذر ويمكنك الجمع بين هذا وذاك.

باب القضاء والقدر باب عظيم تحتاجين إلى فهمه بعمق، وستجدين الراحة المفقودة بعد ذلك، نسأل الله أن يتم عليك الخير إنه جواد كريم، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً