الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أقبل ذاتي كما هي دون معاندة للنفس أو تحقير لها؟

السؤال

أبلغ من العمر 40 عامًا، عملت في مجال القانون منذ 19 عامًا تقريبًا، خلال سنوات عملي بهذا المجال ينصرف جلّ تفكيري حول تأدية المهام المطلوبة على أكمل وجه، ولدي رغبة في أن أحصل على شهادة عالية وبيت وسيارة، وهذا لم يحدث إلى الآن -الحمد لله-، إلا أن أهم غاية أحيا من أجلها، وهي عبادة الله تعالى قد ضيعتها (حسرة وأسفًا).

أنا في هذه الفترة أحاول أن أرتب أوراقي؛ لأنني كنت أصلي، ثم أذنب، ثم أترك الصلاة، ثم أعود وهكذا، وقد سئمت الذنب وتعبت، لكن هناك ذنب معين هو المسيطر عليّ، وبسببه أجدني أترك الصلاة والعبادة والذكر، حياتي الآن غير مرتبة، بالإضافة إلى أني شخصية وسواسية جدًا، وكثير التفكير، وأحيانا أشعر بأنني قليل التقدير لذاتي، وغير مستحق لأي شيء حسن.

أريد ردًا من طبيب، أو شيخ، أو إفتاء بأمري.. كيف أقبل ذاتي كما هي من دون تحقير لها؟ وكيف أقبل نفسي بذنوبي من غير موافقة أو تصديق على تلك الذنوب؟ كيف أعمل على ذاتي من غير تضييق الخناق عليها؟ فمعاندة النفس حقًا مرهقة!

أفيدوني، ولو أن طبيبًا متخصصاً في المجال النفسي يصف لي دواءً مناسبًا لعلاج الوسواس الفكري وكثرة التفكير، والقلق بشأن المستقبل أكون شاكرًا له، علمًا بأن التحاليل الطبية لا بأس بها، هناك ارتفاع بسيط بإنزيم الكبد، وخمول خفيف بالغدة الدرقية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمرو حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أخي الفاضل- عبر موقع استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.

أولاً: أحمد الله تعالى على أنك محام موفق بإذن الله تعمل في مجال القانون، فهذا أمر طيب بإذن الله، وأيضاً واضح من سؤالك أنك تميل إلى ما نسميه نزعة الكمال، فأنت تحب القيام بأعمالك على أحسن وجه، وهذا أيضاً من إرشادات وتعليم النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه".

ولكني أحذر -أخي الفاضل- أن لا نبالغ في هذا، وإلا نكون قد دخلنا فيما نسميه -كما ذكرت- النزعة إلى الكمال بأن الأمور كلها يجب أن تكون كما يقال (بيرفيكت) أي مائة بالمائة، ونحن نعلم أنه ليست كل الأمور تعمل بهذه الطريقة، نعم -أخي الفاضل- ذكرت أنك أضعت عبادة الله تعالى، ولعلك تقصد تقصيرك في الصلاة، ومن منا غير مقصر؟ ندعو الله تعالى لنا جميعاً بالقبول والهداية والثبات، فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، إلا أن الباب مفتوح إلى العودة إليه سبحانه وتعالى، وخاصة أنك تحاول أن تعيد ترتيب الأوراق.

فلا شك أن العبادة يجب أن تأخذ أولوية في حياتنا مهما كانت ظروف عملنا، هذا من جانب، ومن جانب آخر ذكرت موضوع الوسواس الفكري، وكنت أتمنى لو تذكر لنا أكثر حول هذا، ولكن أقول بشكل عام، إذا استطعت دفع هذه الأفكار الوسواسية القهرية من نفسك فهذا أمر جيد، ولكن إذا وجدت صعوبة كبيرة في دفع هذه الأفكار، وبدأت هذه الأفكار الوسواسية القهرية تؤثر على مجريات حياتك، فليس هناك ما يمنع من أن تراجع إحدى العيادات النفسية، ليقوم الطبيب بفحص الحالة النفسية، وتأكيد التشخيص، أو نفيه، ومن ثم ينصحك بالخطوة التالية على طريق العلاج والتعافي.

في النهاية أدعو الله تعالى لك بأن يشرح صدرك، وييسر أمرك، ويكتب لك تمام الصحة والعافية، وأن يثبتك على الصلاة ولا تنسنا -أخي الفاضل- من دعوة في ظهر الغيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً