الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اخترت طب القلب على طب العيون وأشعر بالندم!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله .

سأقبل قريبًا على الاختيار بين مجالين للشغل وللعمل، وفي كليهما سأفتح متجري الخاص، وأرجو من الله التيسير، وأن تكون الأمور على خير.

أنا حائرة بين الاختيارين، وأرى أنه في الاختيار الأول سأجني مالًا أكثر، بينما أمي تنحاز للاختيار الثاني، وتنصحني ألَّا أختار بناء على الربح، لأن الرزق الذي كتبه الله لي سأجنيه، ولن ينقص أو يزيد عنه دينار، أيًّا كان المجال الذي أختاره.

أريد أن أسألكم إن كان الأمر كذلك - علمًا أني سأسعى بجد في كلا المجالين - فهل رزق الإنسان ثابت؟

أنا طالبة طب مقبلة على اختيار التخصص، وكنت أتردد ما بين طب القلب، والعيون، وأمي كانت دائمًا تريد أن يكون أحد أبنائها طبيب قلب، ولكنها تقول لي إنها ستكون راضية وسعيدة بأي اختيار قمت به.

عندنا يعتبر طب العيون من أحسن التخصصات، وفقط الأوائل يقومون به، عكس تخصص القلب، ولله الحمد لدي معدل ممتاز يسمح لي بالقيام بأي تخصص أريد.

قمت بصلاة الاستخارة مرارًا و تكرارًا، ويوم اختيار مصلحة التدريب ارتحت أكثر لطب القلب فاخترته، ومرت أسابيع وبدأت أفكر أني ربما أخطأت الاختيار، وكانت هناك استمارة نهائية عن الاختيار المرغوب، فأعدت صلاة الاستخارة، وبعد أسبوع علمت أنه تم قبول الذين قاموا بالتدريب في طب العيون، وسيتمكنون من القيام بهذا التخصص، وأنا لم أقم به؛ لأني كنت قد اخترت طب القلب.

والآن ينازعني الندم وأقول: (قد أخطأتِ الاختيار واخترتِ طب القلب لأنها رغبة أمِّك وليست رغبتك، والراحة التي شعرت بها بعد صلاة الاستخارة ليست لها علاقة بصلاة الاستخارة، بل لإرضاء أمّك)، وشعرت بحيرة وحسرة كبيرة الآن، وأتساءل إن كان علي أن أتحدث مع المسؤولين وأختار طب العيون، فبماذا تنصحوني؟ وجزاكم الله عنا ألف خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يوفقك فيما فيه صلاح دينك ودنياك.

أولاً: الحمد لله على أنك وصلت لهذه الدرجة من العلم، وأنك تميّزت في هذه الدراسة وهذا التخصص الحيوي الهام، الذي نسأل الله سبحانه وتعالى أن تنالي به الأجر والثواب العظيم.

ثانيًا: إن ما قمت به لهو الطريقة المثلى لفض الصراع الداخلي في نفسك، وهي الاستخارة، كما كان يُعلِّمها النبي (ﷺ) لأصحابه، فالإنسان عليه أن يستخير ويُقدم، ولن يندم؛ لأنه استخار علَّام الغيوب، فالنتيجة قد لا تظهر محاسنها حاليًا حتى وإن ظهر غير ذلك، والجميل في الأمر أنه تمّ توزيعك على التخصص الذي ترغب فيه الوالدة، وهذا الأمر وحده يكفي بأن يفتح الله لك في هذا التخصص أكثر من غيره بسبب رغبة الوالدة فيه، ما دمتِ قادرة عليه من الناحية العلمية والمهنية.

والمقياس ينبغي ألَّا يكون مبنيًّا على النواحي المادية فقط؛ فقد يجمع الطبيب المادة من تخصصه ولكنّها تذهب في مصارف ربما لا يتوقّعها، وقد يكسب طبيب آخر من تخصص كسباً بسيطاً ولكن يجعل الله فيه البركة والخير الكثير، لذا ينبغي مراعاة عوامل أخرى مثل الرغبة والميل المهني، وأن يسأل الشخص نفسه: هل يشعر بالسعادة والرضا الوظيفي أكثر إذا قدَّم مساعدة أو علاجاً لمريض قلب أم إذا قدّم المساعدة أو عالج مريض عيون؟ هذا بالإضافة إلى تحمُّل ضغط العمل، أيهما أسهل له أن يعمل؟ هل في مستشفى للقلب أم مستشفى للعيون؟

فإذا حكمت على نفسك ظاهريًّا في هذه الأمور فإن الله سبحانه وتعالى أعلمُ بنفسك منك، ولذا الأمران تحكمهما النتيجة التي وصلت إليها أو التي تيسّرت حقيقةً، فعليك أن تُقدمي وتبادري إلى ما فيه خير لك، واحرصي على كل ما ينفعك، (واستعني) بالله ولا تعجزي، وإن شاء الله سيجعل الله لك فيه خيراً كثيراً، ولن تندمي على ما اخترتِ.

نسأل الله لك التوفيق والسداد في كل أمورك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً