الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي وسواس قهري أخشى معه من الإثم، ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم إخوتي الأفاضل.

أنا شخص أعاني من اضطراب نفسي، يسمى بالوسواس القهري، ويتعلق هذا الوسواس في الله وعبادته، وأني -والعياذ بالله- مستكبر عن عبادته، ولا أخضع له، مع علمي بوجوده، لكني أخاف أن يكون هذا الكبر مني وليس من الوسواس، ويشتد هذا الشعور عند عبادة الله، كقراءة القرآن والصلاة والذكر، لا أدري كيف أتصرف؟!

أذكر أني نمت على الأرض في غرفة معتمة، كالمريض النفسي، وأقول لله في الدعاء: اللهم إني عبدك ابن عبدك -كي أتذلل أمامه- ولكن قلبي لا يرضى بالرضوخ، فبشكل ملخص أشعر أني -والعياذ بالله- أتكبر على الله، مع أني -والفضل لله- ملتزم.

أريد أن أشير إلى أن هذه الأفكار تقودني لضرب نفسي، لكي أوقفها، وتقودني أيضاً إلى الخمول اليائس، حيث تعطل حياتي اليومية، جارياً وراء إرضاء شعوري الداخلي.

أرجو أن تبينوا لي إن كنت متكبراً أم هو وسواس.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى أن يمن عليك بالعافية من هذه الوساوس، ويصرف عنك شرها، ونبتدئ الجواب -أيها الحبيب- من حيث انتهيت، فنقول لك جازمين غير مترددين: إن كل ما تعانيه إنما هي وسوسة فقط، وفي كلامك أنت ما يدل على هذا دلالة لا تحتمل أي ارتياب أو شك، فإنك قد صرحت بأنك تخاف من أن يكون هذا الكبر منك وليس وسوسة، وهذا الخوف وحده دليل على وجود الإيمان في قلبك، وأن ما تعانيه إنما هو مجرد وسوسة.

كما أن ما تفعله أيضاً من تأليمك لنفسك لتفر من هذه الأفكار؛ دليل آخر على مدى نفورك من هذه الوساوس، وكل هذا يدل على أن الموجود في قلبك هو مغاير تماماً لهذه الوسوسة، والنبي صلى الله عليه وسلم قد قال لبعض من أصيب بشيء من الوساوس مثلك، وهو يكرهها ويكره النطق بها، قال له عليه الصلاة والسلام: (ذاك صريح الإيمان)، أي دليل واضح وصريح على وجود الإيمان في قلبك.

إذاً نطمئنك بأنك على الخير والحق -إن شاء الله تعالى- وندعوك إلى أن تكون جاداً في الأخذ بأسباب الشفاء من هذه الوساوس، وأن لا تستسلم لها، وأهم هذه الأسباب الأسباب الروحية المعنوية التي أرشد إليها النبي عليه الصلاة والسلام، وهي ملخصة في أمور ثلاثة:

الأول: أن تلجأ إلى الله سبحانه وتعالى حينما يداهمك هذا الوسواس، وتطرأ عليك هذه الأفكار، فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، فأكثر من هذا.

الثاني: وهو أهمها وأنفعها بلا شك، الإعراض الكامل التام عن هذا الوسواس، ولا تسترسل معه، ولا تبحث عن إجابات لأسئلته، ولا تتفاعل معه بأي نوع من التفاعل، فإذا أعرضت عنه تمام الإعراض فإنه سيذهب عنك بعون الله تعالى.

الأمر الثالث: الإكثار من ذكر الله، صباحاً ومساءً، والمداومة على قراءة القرآن، فهذه الأدوية الروحية نافعة بعون الله، وستزول عنك هذه الوساوس، وينبغي أن تضيف إليها التداوي الحسي المادي، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما أنزل الله داءً إلا وأنزل له دواءً، فتداوا عباد الله)، فينبغي أن تعرض نفسك على طبيب نفسي ماهر حاذق، فلعله يصف لك من الدواء ما يعيد لك الاعتدال، نسأل الله تعالى لك كل خير، وأن يصرف عنك كل مكروه.

هذا، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً