الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أحافظ على القيام لصلاة الفجر؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لديّ مشكلة كبيرة أعاني منها منذ الصغر، وتُسبب لي العديد من المشاكل النفسية والجسدية، وتؤثر على مستوى التحصيل العلمي، وهي مشكلة القيام لصلاة الفجر.

فالأيام التي أصلي فيها الفجر حاضرًا تكاد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة في السنة كلها.

ويعلم الله كم تسبب لي من ألم نفسي، وتعذيب، ومحاسبة للنفس، وكسل طوال النهار، وخاصةً أنني أعيش حالةً من الصراع النفسي؛ لأنني أعمل في الحقل الدعوي بشكل نشط وفعال -بفضل الله-.

أرجو منكم نصيحةً عمليةً أسير عليها تساعدني للاستيقاظ لصلاة الفجر، وعلاج مشكلة النوم الثقيل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالوهاب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك –ولدنا الحبيب– في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُعيننا وإيَّاك على ذكره، وشُكره، وحُسن عبادته، ونشكر لك –أيها الحبيب– حرصك على أداء صلاة الفجر في وقتها، ومحاسبتك نفسك على هذا التأخير، وتألُّمك من ذلك، وهذا كلُّه علامة على وجود الخير فيك، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هُدىً وصلاحًا.

ونحن نشدُّ على يديك –أيها الحبيب– في ضرورة الأخذ بالأسباب التي تُعينك على القيام لصلاة الفجر في وقتها؛ فإن هذا الوقت المبارك ينبغي أن تكون قائمًا فيه لله سبحانه وتعالى، حريصًا على تعميره بذكر الله، فإنه أبرك الأوقات التي تمرُّ على الإنسان في يومه، وقد دعا النبي ﷺ في البكور، فقال: (اللهم بارك لأمتي في بكورها).

ومنافع صلاة الفجر كثيرة لا تُحصى؛ فقد قال النبي ﷺ: (فإن استطعتم ألَّا تُغلبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا)، وقال: ‌‌(مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ ‌فَهُوَ ‌فِي ‌ذِمَّةِ اللَّهِ، فَلَا يَطْلُبَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذِمَّتِهِ).

ولكن ينبغي ألَّا تتجاوز الحدود الشرعية –أيها الحبيب– في تأنيب نفسك؛ فإن هذا التأنيب والألم النفسي قد ينعكس سلبًا عليك، وقد يتحوّل الأمر إلى ضد ما هو مطلوب منك شرعًا، فيتحوّل الأمر إلى حالة من اليأس والقنوط، والتثاقل عن النشاط في العبادة، والإقبال عليها، وهذه الحالة يأمل الشيطان الوصول إليها منك، فلا تُعطه هذه الفرصة.

كن حريصًا على فعل ما ينفعك امتثالًا لقول النبي ﷺ: (احرص على ما ينفعك)، فاحرص على الأخذ بالأسباب التي تُعينك على القيام لصلاة الفجر، ومن أهمها:

- النوم المبكّر.

- والاستعداد بالمنبِّه الذي يُنبّهك لصلاة الفجر، سواءً: من الأدوات؛ كالساعات، والهاتف، أو من الأشخاص الذين يمكن أن يُعينوك، وأن يُنبّهوك للقيام لهذه الصلاة.

- ومن ذلك النوم على ذكرٍ وطهارة.

- والإقبال على الله سبحانه وتعالى، ودعائه بصدق واضطرار أن يُعينك على ذكره، وشُكره، وحُسن عبادته، وأن ييسّر لك مرضاته.

فهذه الأسباب كلها كفيلة -إن شاء الله تعالى- بتغيير حالتك.

وإذا كنت تعاني من حالة من النوم الخارجة عن المعتاد لدى الناس: فينبغي الاستعانة بعرض نفسك على الأطباء الماهرين الثقات؛ فربما كان في الجسد خلل يحتاج إلى إعادة اعتداله ومزاجه، وربما نصحك الأطباء بممارسة الرياضات ونحوها، فهذه كلها أسباب أنت مأجور على الأخذ بها –أيها الحبيب–، فإذا أخذت بالأسباب، وعلم الله تعالى منك صدق النيَّة، فإنه يُبلُّغك بنيّتك ما لم تَبْلُغُه بعملك.

والنصوص من القرآن والسُّنَّة كثيرة دالَّة على أن الإنسان يصل بعزمه ونيّته إلى ما لا يفعله بالفعل، فقد قال النبي ﷺ: (إِذَا الْتَقَى ‌الْمُسْلِمَانِ ‌بِسَيْفَيْهِمَا، فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ. فقيل له: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ)، فهذا الحرص بلَّغه منزلة الفاعل حقيقة.

وهناك أحاديث كثيرة في هذا الباب تدلُّ على أن الإنسان يبلغ مرتبة العامل بمجرد العزم الصادق والنيّة الصحيحة، فننصحك بأن تُبشر بفضل الله تعالى، وجُوده وكرمه، وأنه سيبلّغك الثواب ولو لم تفعل ما دمت عازمًا على ذلك، وهذا الشعور بالفرح والاستبشار بفضل الله يبعثك إلى مزيد من الطاعات في وقت نشاطك وجِدِّك.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً