الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

متردد في إكمال الخطبة بسبب تهاون مخطوبتي في الحجاب!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

في السنوات الأخيرة تشبثت بطريق الالتزام، وصرت أحمل هم الأمة ونهوضها، وابتدأت أفكر في الزواج،
وبعد أن اخترت فتاةً من العائلة وتعرفت إليها قليلاً، أعلنت رغبتي في الزواج منها، وقمت بطرح مجموعة من المواضيع: الرجوع إلى الدين في كل مسائل الحياة، والتزام أحكامه، التزامها بالحجاب -حيث أنها ليست محجبةً الآن-، حفظ القرآن لكلينا، تعلم العلوم الشرعية في حدود الاستطاعة؛ حتى نشكل النواة الأولى لتعليم أبنائنا -خاصةً مع صعوبة توفر ذلك في المهجر-، فوافقَت على كل ما ذكرت لها من مسائل، فاستخرت وخطبتها.

رأيتها أول مرة وكانت صغيرةً، وتواصُلنا القليل كان عبر رسائل نصية فقط، أي أنني لا أعرف عنها إلا ما تبدي لي هي، وبعد الخطبة تكلمت معها في الحجاب، فردت بأنها تحتاج إلى وقت، رغم أنها مقتنعةٌ، وتعلم أنها آثمةٌ ما دامت غير متحجبة، لكنها لا تريد ارتداء الحجاب والرجوع عنه، بل تحتاج لوقت أكثر وحسب.

والظاهر -والله أعلم- أنها تحس بجمالها، ولا تريد الالتزام من الآن، كما أرسلت لها دروساً في فقه الطهارة، وما يبتدأ به من العلم، وأوضحت لها منهج التعلم، وإنه يجب مجاهدة النفس، لكني لم أجد لها عزماً، علمًا أنها توافقني الرأي في غالب المواضيع؛ فقط تجنباً للخلاف، رغم أنها ليست راضيةً.

صرت محتاراً بين أن أكمل أو أتراجع خوفاً من أن تحس أنني أخنقها بالتدين، أو أن لا أجد فيها الأم العارفة بأحوال الأمة وما يعرض لها، والمتعلمة التي تحض الأولاد على التعلم وخدمة الأمة الإسلامية، بل أن تكون غير مهتمةٍ بما أريد!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، وشكرًا على الاهتمام بجانب الدّين، والحرص على أن تعيش هموم الأُمّة، وقد سعدنا برغبتك في تأسيس البيت على تقوى من الله ورضوان.

وسعدنا أيضًا بتوافق الفتاة معك في الرغبة في أن تتعلَّم دين الله -تبارك وتعالى- ونؤكد أيضًا أن الأمر قد يحتاج إلى بعض الوقت، خاصةً الفتاة قد لا تكون البيئة التي فيها مساعدةً، وكثير من التغيرات إنما تحدث بعد إتمام الزواج؛ لأن الزوجة تكون في البيئة التي تُريدها مع زوجها، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُؤلِّف القلوب، وأن يغفر الزلَّات والذنوب.

نحن بلا شك لا نؤيد فكرة الانسحاب طالما وجد الاستعداد للتحسُّن، والكلام الذي تقوله الفتاة طبعًا هي شُبهات موجودة تُثار؛ ولذلك المسألة قد تحتاج إلى تصحيح بعض المفاهيم وإزالة بعض الشبهات، وأرجو أن تُحسن اختيار المواد التي تُرسلها لها، وينبغي أن تُركز الآن على تأصيل مسألة الإيمان؛ لأن الإيمان هو الدافع الفعلي، أن نوقن أننا عبيد لله -تبارك وتعالى- وأن نجاتنا في أن نكون في توحيد الله وفي طاعة الله -تبارك وتعالى- وأننا خُلقنا لغايةٍ عظيمةٍ {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].

فمن الإيجابيات إحساسها أنها في مخالفة، وأنها آثمة، ولكن الواضح هنا أنها تريد أن تُزال بعض الشبهات التي تُشوش عليها، وما أكثرها في بلاد المسلمين، فكيف ببلاد الغرب، أن تُوجد مثل هذه الشبهات!

كذلك نقترح عليك ربطها بمركز إسلامي فيه فتيات، فيه صالحات، أو بداعية تتواصل معها؛ لأنها تستطيع أن تُؤثر عليها أكثر، أيضًا البيئة التي فيها نتمنَّى أن يكون فيها ناصحون من والد أو والدة أو من حولها، حتى يُعينها على الالتزام، وإذا كان في أخواتك أو عمّاتك أو خالاتك تقيّةٌ داعيةٌ عالمةٌ من المصلحة أن تتواصل معها.

مرة أخرى: نحن نؤيد فكرة الإكمال، وحمل هذه الهموم سويًا، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُقدّر لكما الخير ثم يُرضيكما به.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً