الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي يصيبها تسارع في التنفس وتشنج، فما تشخيصكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

زوجتي عمرها 25 سنة، تعاني من حالة غريبة عندما تبكي أو تحزن على شيء، حيث يصبح التنفس عندها متسارعًا جدًا، مع صوت شهيق عال، ويصبح قفصها الصدري متشنجًا، ولا تستطيع التنفس بسهولة، وتقوم بالشد على أسنانها بدون أن تتحكم في فكها، وأقوم في هذه الحالة بإغلاق أنفها وفمها ومنعها من استنشاق الأكسجين بشكل كبير، وتقليل الكمية المستنشقة حتى تهدأ، هكذا نصحني أحد المعارف حتى تخف حالتها، وهي طريقة فعالة، ولكن لا أعرف ما هو سبب هذا العارض الذي يصيبها، مع العلم أنها حساسة جدًا، وتبكي بسرعة.

ما هو العلاج المناسب؟ وهل تحتاج لدكتور نفسي أم غير ذلك؟ وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله تعالى لزوجتك الكريمة الصحة والعافية.

أخي: أحوال النفس مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بوظائف الجسد، وفي حالات نفسية مُعيّنة يُعبر الإنسان عن مشاعره النفسية من خلال جسده، وليس من خلال الأعراض النفسية بصورة واضحة.

بعض الأشخاص الحسّاسين -مثل زوجتك الكريمة- حين تأتيهم عوارض نفسية بسيطة، (شيء من عدم الرضا، تخوّفٍ من شيءٍ مُعيَّنٍ، قلقٍ مُعيَّن) هذا قد يحدث في شكل تسارع في التنفُّس –كما تفضلتَ– وصوت الشهيق، تنقبض الحبال الصوتية، وطبعًا القفص الصدري أيضًا قد تحدث فيه انقباضات -أو ما وصفته بالتشنُّج-، وهذا الذي يحدث يجعلها تعطي انطباعًا بأنها لا تستطيع أن تتنفس، وشدّ الأسنان أيضًا هو أحد الظواهر المصاحبة لهذا الأمر، طبعًا إذا استمرت هذه الحالة لفترة طويلة، وتسارع النفس مستمر، هذا قطعًا يؤدي بالإضرار بمستوى ثاني أكسيد الكربون، يتجمّع، وهذا قد يؤدي بالفعل إلى المزيد من التشنُّجات.

هذه الحالة –أخي الكريم– ليست تصنُّعًا، إنما التفسير النفسي فيها موجود، ولا شك في ذلك، الشخص إذا كان حسّاسًا، وإذا كان قلقًا بطبيعته، وإذا كان كتومًا؛ على مستوى العقل الباطني يأتي بالتعبيرات الجسدية بصورة لا شعورية، وعلى مستوى العقل الباطني، ليُعبّر عن عدم الرضا النفسي، وكما ذكرتُ لك تكون أشياء واهية جدًّا وبسيطة جدًّا، قلق هنا، وهناك يظهر بهذه الصورة، طبعًا فيما مضى كانت تُسمَّى هذه الحالات بالانفعالات الهيستيرية، أو التحوّل الانشقاقي، لكن حقيقة لا أفضّل هذه المسمّيات.

الظاهرة طبعًا في ظاهرها مزعجة، لكن أطمئنك تمامًا أنها ليست خطيرة أبدًا، وما نصحك به أحد المعارف بإغلاق الأنف والفم ومنع من استنشاق الأكسجين بشكل كبير؛ هذا حقيقة لا أرى أنه له سند علمي مع احترامي الشديد لشخصك الكريم، وللشخص الذي نصحك بذلك، ربما يُقلل من كمية ثاني أكسيد الكربون المتجمّع، أو ربما تكون العملية نفسها تؤدي إلى استشعار وتنبيه نفسي شديد، نعرفُ مثلاً أن هذه الحالات قد تستجيب لأي نوع من الاستشعار الشديد، أو للتجاهل الكامل، هذا كلُّه يؤدي إلى العلاج، فالتجاهل الكامل لهذه الحالات أيضًا هو وسيلة علاجية.

عمومًا: أنا أؤكد لك أن الحالة ليست خطيرة أبدًا، لكن زوجتك الكريمة لو تدرّبت على تمارين الاسترخاء، تمارين التنفُّس المتدرج، شهيق بقوّة وبطء عن طريق الأنف، يعقبه حصر الهواء في الصدر، ثم بعد ذلك الزفير، أي إخراج الهواء عن طريق الفم بقوة وشدة وبطء، تكرر هذه العملية من خمس إلى ست مرات، هذه تسمى بتمارين الاسترخاء التنفسي، وهناك أيضًا تمارين لشدّ العضلات وقبضها، ثم استرخائها، وهذه تُسمَّى بتمارين الاسترخاء العضلي، إذا درَّبها أخصائي نفسي على هذه التمارين سوف تستفيد منها كثيرًا، وإن كان ذلك ليس ممكنًا؛ تُوجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء هذه، فأرجو أن تجعلها تتدرّب عليها وتمارسها صباحًا ومساءً، ولدينا استشارة في إسلام ويب حول تمارين الاسترخاء رقمها: (2136015).

الأمر الآخر: ننصح زوجتك الكريمة ألَّا تكتم أو تصمت عن التعبير عن ذاتها، حتى الأشياء البسيطة الغير مرضية يجب أن تُعبّر عنها، هذا يُؤدي إلى ما نسميه بالتفريغ النفسي، وحين يحدث التفريغ النفسي تُجهض تمامًا هذه الانشقاقات التحوّلية إذا جاز التعبير.

أيضًا تجنُّب السهر مهمٌ جدًّا ومفيد، وفي بعض الأحيان تحتاج هذه الحالات إلى تناول أدوية بسيطة مضادة للقلق مثل عقار (موتيفال) مثلاً، بجرعة حبة واحدة في اليوم لمدة شهرين، قد يُفيد جدًّا، تتناوله ليلاً، ويُوجد عقار آخر يُسمَّى (ديانكسيت) أيضًا يمكن أن يكون بديلاً للموتيفال، بجرعة حبة واحدة في الصباح لمدة شهرٍ إلى شهرين، أو عند اللزوم، هذا كله يمكن أن يكون مفيدًا، وطبعًا إذا ذهبت بها إلى طبيب نفسي؛ هذا أيضًا سوف يكون أمرًا جيدًا وممتازًا إذا كانت هناك إمكانية في ذلك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً