الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصيبت أمي بالنسيان، فهل هو الزهايمر؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

والدتي أصبحت تنسى كثيرًا، وبشكل مستمر، والحالة تتفاقم، بدأت الحالة في سنة 2021، ومن قبل ذلك لم تكن أمي تعاني من أي مشكلة، ما عدا قرحة في المعدة، أجريت لها عملية ليزر سابقًا، ولكنها كانت تمرض أحيانًا على فترات؛ بسبب القلق وبدون سبب، وكذلك ينخفض ضغطها، وأحيانًا تقول أن قلبها ينبض بشدّة، وكأنه سيخرج من صدرها، ولهذا لا تغادر الفراش.

وفي مرّة أغمي على أمي، وتخشب جسدها بالكامل، وكأنه تشنج، وعندما حقنت بكيس مغذي أفاقت، ولم تتذكر أي شيء مما جرى لها، ثم بدأت أصابع يدها بالتشنج مع الوقت، وتتألم، ولكن ذلك يحدث لها عندما تتوتر أو تقلق.

وبعدها مرضَ أخي الأكبر، وغادر ليتعالج، وكان يردد كلمات طائشة أمامها، كأن يقول: (في حال مت فأدعوا لي بالرحمة، أو أظن أنني سأموت ولن أرجع لكم)، بعد ذهابه مباشرة بدأت أمي تنسى، وتقول إن أخي قادم من العمل، وأذكّرها أنهُ مسافر، وصارت تحكي قصصًا عن ماضيها كثيرًا، حتى باتت تغلط في سردها.

وتشكو منذ عامٍ تقريبًا من تشنجِ أصابع قدمها، وأنهم يحترقون، وكأنه قد دهن عليهم الفلفل الحرَّاق، وصارت تنسى توقيت الصلوات، وتزعم أنها تصلي المغرب والعشاء، ونحن في الظهر! فأذكرها أن النهار ما زال قائم.

أنا مشتتة بين تصحيحها وبين أن أتركها تفعل ما تشاء، لا أريد أن أحزنها، وأكون عاقة، فهل آثم إن لم أصحح لها؟ أنا أخشى أن تكون ما تعانيه هوَ الزهايمر، للعلم أن أمي بلغت الستين هذا العام، ولا تعاني من سكر، ولا ضغط، ولا الغدة الدرقية، شككت في نقص الكالسيوم، لذلك تتناول أمي حبوب حمض الفوليك، والكالسيوم كل يوم، فما سبب نسيانها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جواهر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله تعالى العافية والشفاء لوالدتك.

طبعًا النسيان بالصورة التي ذكرتها -أي أنه بدأ منذ مدة معها-، وأنها في الآونة الأخيرة أصبحت تنسى حتى توقيت الصلوات أو تخلط بينها، هذا قطعًا يدلُّ على أن المقدرات المعرفية عندها قد انخفضت، وهذا الأمر يجب أن يُفحص، وطبعًا إن كان بالإمكان اذهبي بها إلى طبيب متخصص في طب الأعصاب، أو في الطب النفسي، وهناك فحوصات أساسية، منها الصورة المقطعية للدماغ، لتوضح إن كان هناك أي نوع من التغيرات التي تُشير على بداية خرف، مثلاً الزهايمر أو غيره؛ لأن هناك أنواع كثيرة من الخرف أيضًا، والتأكد أيضًا من أنها لم تُصب بجلطات صغيرة، هذا أيضًا مهمٌّ جدًّا في حالة الأشخاص الذين يفتقدون المقدرة على التركيز، أو المقدرة المعرفية.

حقيقة: نقص الكالسيوم وارد جدًّا؛ لأن التشنجات التي تحدث لها في أصابعها قد يكون نقصها الكالسيوم، هذا أمرٌ معروف، وهذا أيضًا أمر يجب أن يفتي فيه الطبيب المختص.

أنا أعتقد أنها بالفعل تحتاج لتقييم علمي حقيقي، تحتاج أن تقابل الطبيب، هنالك اختبارات للذاكرة، وهنالك اختبارات للمقدرة المعرفية، وهنالك اختبارات للشخصية، وطبعًا الفحوصات الطبية سوف تُجرى لها، أنت أجريت بعض الفحوصات، -والحمد لله- وهي لا تعاني من ضغط ولا سكر، ولا تعاني من الغدة الدرقية، لكن يجب أن نتأكد مرة أخرى من فحص الغدة الدرقية، وكذلك مستوى فيتامين (ب12)، وفيتامين (د)، هذه كلها أساسيات فحصية ضرورية.

فأرجو -أيتها الفاضلة الكريمة- أن تذهبي بوالدتك لأي طبيب معقول من ذوي الاختصاصات، والطبيب قطعًا سوف يقوم بمعاينتها ومناظرتها، ثم فحصها وإجراء الاختبارات الضرورية، وسوف يطلب لها الصورة المقطعية، ليتأكد -كما ذكرت لك- من الدماغ، وفي بعض الحالات الاكتئاب النفسي الشديد المُطبق يؤدي إلى شدة في النسيان، هذا نلاحظه في حالات قليلة، وهذا نسمّيه بالخرف الكاذب؛ لأن الاكتئاب إذا شُخِّص فعلاً وأُعطي الإنسان العلاج الصحيح -المتمثّل في مضادات الاكتئاب-، فتكون فرصه في التحسُّن كبيرة جدًّا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً