الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أطبق القرآن والسنة وأواجه المضايقات من الجهال!

السؤال

السلام عليكم

أنا شخص متدين، أتمسك بالكتاب والسنة، وأحاول قدر الاستطاعة العمل بهما، ومن فضل الله علي بأن جعلني متواضعاً، وطالباً للعلم، ومحباً للسنة، متأسياً بالسلف الصالح، غير كذاب ولا فاحش، ولست بخداع، ولا آكل الحرام، ولكنني أعيش بين أناس يكثر ويكثر ثم يكثر فيهم الجهال الذين لا يعرفون من الدين: لا تعظيم الله، ولا تعظيم النصوص والأحكام، ولا إحياء السنة.

يستهزئون بي من أجل ظاهري بأنه موافق للسنة، ويتنمرون علي، ويحتقرونني لكوني متواضعاً.

هم يعرفونني فعندما أجلس مع الشباب لا أتلفظ ولا أقول الكلمات الرذيلة، ولا أكذب، ولا أخادع الناس، فمن هذه الجهة يشتمونني كنايةً، ويؤذونني بالكلام.

ماذا أفعل؟ تعبت! إذاً أكون مثلهم أكذب، وأخادع، وأتكلم بالرذيلة، وأحتقر الناس بالكلام، وأكون ذا الوجهين أسب وأتكلم عن الناس كنايةً؟!

قد سئمت منهم؛ لأنهم يحذرون مني كوني في وجهة نظرهم ذكياً وغير ذلك، وأنا لا أريد فعل ما يخالف ديننا وهدي نبينا.

عندما أكون صادقاً وأتكلم بحلم، ولا أتكلم بالرذيلة، ولا أحتقر الناس، وملتحٍ، وأسبح، ولا أغتاب، ولا أتكلم كثيراً، يتنمرون علي ويحتقرونني كنايةً في المجالس، ويؤذونني بالكلام والفعل، ويتطاولون علي، ويصفونني بالمرأة، وبالخواف.

أحياناً أشعر بأنه يجب علي أن أجيبهم كنايةً، وأتكلم بكلمات الرذيلة، وأسبهم، ولكن يعلم الله أنني لا أحب هذه الأفعال؛ لأن الحبيب -عليه الصلاة والسلام- لم يكن هكذا، ولم يكن بالبذيء ولا بالفاحش، فقد كان حليماً يعفو ويصفح.

ماذا أفعل؟ وأي أسلوب أختار؟ ولماذا لم يحمني الله؟ ولماذا أنا ذليل بين الناس؟ مع أني متمسك بالدين، وبالكتاب والسنة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك هذا العرض للسؤال، ونسأل الله أن يثبتك ويسددك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

بدايةً: لا يمكن أن يكون ذليلاً بين الناس من يتمسك بدين رب الناس، فاصبر على ما أنت عليه، وارتبط بالله -تبارك وتعالى-، وقم بما عليك من الواجبات الشرعية، ولا تبال بما يحدث من الناس، فإن رضاهم غاية لا تدرك، والسعيد العاقل من أمثالك يجعل همه إرضاء الله -تبارك وتعالى-، فإذا رضي الله عن إنسان فذلك هو الفوز، وإذا رضي الله عن إنسان أمر جبريل أن ينادي في السماء، إن الله يحب فلاناً فيحبه أهل السماء، ثم يُلقَى له القبول في الأرض، قال ربنا العظيم: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً).

لذلك أرجو أن تحافظ على ما أنت عليه من الخير، وتجتهد دائماً في القيام بما عليك من الواجبات الشرعية، واثبت على هذا الخير الذي أنت فيه، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينك على تجاوز هذه الصعاب، ولا تجب هؤلاء ولا تنزل لمستوى أخلاقهم، فإن هذا هو مكان الاختبار.

الإنسان العاقل مثلك لا ينزل لمستوى الناس، مستوى أخلاقهم والطريقة التي يفكرون بها؛ لأن الحبيب -عليه الصلاة والسلام- كما أشرت لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً، فتأسَ بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وأبشر بالخير.

أيضاً كن حريصاً أن تكون عفيف اللسان، تستخدم الكلمات الجميلة، ولن يضرك هذا التنمر أو الاحتقار، أو ما يحصل منهم، هذا كله سيعود عليهم، وهؤلاء يقدمون لك الحسنات التي تعبوا في تحصيلها، والإنسان لا يترك ما رزقه الله من التزام الخير لأجل فساد الناس، ونسأل الله أن يعينك على دعوتهم والتأثير عليهم.

نؤكد بأن صبرك واحتمالك لما يحصل من أكبر ما يؤثر عليهم، ويكون سبباً بعون الله لهدايتهم، حافظ على السنة في ظاهرك، وإن لم يرضَ الناس، وأد ما عليك، وكن معظماً لربك -عز وجل-، مهتماً بالنصوص الشرعية، والأحكام الواردة عن خير البرية -عليه صلاة الله وسلامه-.

عليه فأنت -بعون الله- من سيربح في الدنيا والآخرة، والأمر يحتاج إلى قليل من الصبر، وتذكر قول الله: (إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون)، تلك الآيات في آخرها يقول: (فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون)، نحن لا نستطيع أن نقول: هؤلاء كفار، وحاشا أن نتهم إنساناً، ولكن نريد أن نقول: إن الذي يسخر إنما يسخر من نفسه، وإذا كانت هذه السخرية لأجل الدين، أو لأجل المظهر فهذا تصدق عليه الآيات، ويكون الذي يفعل هذا على خطر عظيم جداً.

عليك أيضاً أن ترشدهم وترفق بهم، وتتحمل منهم وتنصح لهم، ومن المهم أن تثبت على ما أنت عليه، ونرجو أن تجد من الفضلاء والعقلاء من يستمع لكلامك، وينتفع بنصائحك، ليكون عوناً لك على هدايتهم وإرشادهم، فنحن ننتظر منك الخير الكثير، ونهنئك على هذا الخير الذي وفقك الله إليه، ونذكرك بأن الإنسان سيلقى الله وحده فمن عمل صالحاً فلنفسه، فاثبت على ما أنت عليه من الخير.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات