الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع جدتي وخالاتي الذين يعاملونني بقسوة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

من نعم الله عليّ (العائلة)، أنا أحب أمي أكثر من كل شخص عرفته، أخاف عليها وأراقب تنفسها عندما تنام ولا أحب أن أراها مريضة أو حزينة، وأبي أيضًا رغم عيشه بمنزل آخر.

أعيش بمنزل جدي، انتقلت إليه بعمر صغير جدًا، لكنني تعرضت للمضايقة من جدتي وخالتي وخالي بعض الأحيان، كنت في الثامنة تقريبًا كلما أصدرت صوتًا تقوم جدتي صارخة وتسبني بأصلي، تقول أني بلا مأوى، وأن عائلة أبي بلا أصل ونحن عبيد وما شابه ذلك، هذا الشيء أثر علي إلى الآن، حتى خالتي تقول الشيء ذاته!

ذات مرة جاء خالي وقال إنه يجب ألا نبقى ببيت أبيه، قال إنه سيرحب بأمي فقط، الجدير بالذكر أنه قال هذا بسبب شكوى من جدتي على أختي الصغرى، قالت له إنها تعنفها! رغم أن أختي كانت في الحادية عشرة حينها، ولم تفعل شيئاً بشهادتي أنا وأمي، وفي بعض الأحيان تقول أمي لنا الأمور ذاتها عن أننا ناقصات، لكنها لا تقولها دائماً، أخبرتها أنني أنزعج لكنها تكرر الأمر حينما تغضب مني كثيرًا.

أنا لا أدري لم يقولون هذا الكلام، كنت أحزن عندما أسمع عن فتاة بعمري لديها غرفة خاصة أو منزل لها ولأمها وأبيها فقط، أتمنى الخروج من هذا المنزل، فالكل يقول لي اذهبي لمنزل والدك عندما يغضبون، لكنني لا أريد العيش مع أبي والانفصال عن أمي، حتى هي لا تريد الانفصال عني، مشاعري تجاه جدتي وخالاتي متذبذبة، لا أتكلم معهم، وأغضب عندما يتكلمون عما يخصني حتى عندما تكون نواياهم طيبة، لكني لا أظهر غضبي، فكيف أتعامل مع جدتي بالذات؟ هي تقول إنها تحبني وتبكي علي، لكني لا أفهم!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Someone حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يُصلح الأحوال، وأن يهدي أهل والدتك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

سعدنا جدًّا لحبك الشديد لوالدتك، وكذلك لوالدك، وهذا بابٌ عظيمٌ من أبواب الأجر عند الله تعالى، فإن الله جعل رضاه في رضا الوالدين، وسخطه بسخطهم.

وأرجو أيضًا أن تتحمّلي ما يحدث من الجدة والخالات والخال، فإنهم وإن أخطؤوا إلَّا أنهم يظلُّون أصحاب علاقة وثيقة، فالجدة أُم، والخالات كذلك أُمّهات، والخال في المنزلة الرفيعة، مهما صدر منهم. وربما يكون الذي يصدر منهم بسبب غضبهم من الوالد أو من أهله أو نحو ذلك، ولكننا على كل حال لا نعذرهم على أي كلام جارح يصل إليك، ولكن نعتقد أن بنتنا التي كتبت هذه الأسطر قادرة -بإذن الله- على تجاوز هذه الصعوبات، وأنت ولله الحمد وصلت إلى مرحلة ناضجة، والدليل هو هذه الكتابة المركزة الواضحة.

كما نتمنّى أن توصي أختك بضرورة أن تلتزم بالآداب، وتحرص دائمًا على احترام مَن هم أكبر منها سِنًّا، حتى لا تفتح عليك وعلى نفسها أبواب الكلام الذي لا تُحبينه. والكلام الذي يقال طبعًا وقطعًا لا يُقبل من الناحية الشرعية، ولكننا أمام كبار السّنِّ قد نحتاج -حتى نتجاوز بعض الصعوبات وبعض العادات وبعض المفاهيم المغلوطة- نحتاج إلى كثير من الصبر، ونسأل الله أن يُعينك على الخير.

ومشاعر الجدة بأنها تحبك وأنها حريصة عليك كل ذلك لا ينافي ما يحدث منهم، ونحن لا ندري ما التفاصيل والأسباب التي جعلت الوالدة والوالد بعيدين عنكم، ونحب أن نؤكد أنه إذا كان هناك نوع من الخلافات فأحيانًا يكون الغضب من الزوج - مثلاً - ينعكس على أبنائه وبناته، فكبار السّن يُفكّرون بهذه الطريقة، وقطعًا لا ذنب لكم في الذي يحصل، ونتمنّى أن تستأنفوا حياتكم بصورة طبيعية، وتمتصُّوا مثل هذه الأشياء والكلمات التي تُسمع، والكلمات التي تأتيك من تحريض الخالة أو إساءة من الخال، الإساءات من الخالة أو من الخال، كلُّ ذلك من الأمور التي لا نحبها ولا نرضاها، ولكن اعتبارًا لكبار السّن، وقد لا تظهر لكم الأسباب الفعلية من غضبهم، لكن على كل حال: المهم هو أن ينجح الإنسان في هذه الحياة، وأن يُرضي الله تبارك وتعالى، وأن يجتهد في مداراة الناس، المداراة هي: أن تعاملي كل إنسان بما يقضيه حاله.

وعمومًا: نحن ننصحك بتجنّب كل ما يجلب الاحتكاكات، ونوصيك بنتنا بتقوى الله، والحرص على طاعته، ونسأل الله أن يوفقك لما يحب ويرضى، وانتبهي للجوانب التي تحتاج إلى تنميتها، وتكون شخصيتك سوية، وكوني واثقة في نفسك، وثقة الإنسان في نفسه تعينه على تجاوز كل صعوبات الحياة، وهي فرعٌ عن إيمانه بالله، وثقته بالله، وتوكله على الله تبارك وتعالى، والحياة هذه لا تخلو من الصعاب، وأنت تجاوزت -إن شاء الله- هذه المراحل، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم التوفيق والسداد.

هذا، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً