الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هي متطلبات الرد على شبهات الملحدين؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكركم على هذا الموقع الرائع الذي أثق به وأرجع له عند كل سؤال، بارك الله فيكم.

أنا طالب عمري 16 عامًا، كنت أريد التخصص، أو إجادة الرد على الملحدين والشبهات، وكذلك الرد على النصارى -إن أمكنني-، ولكن هل يجب لكي أتخصص في ذلك أن أتقن جميع فروع الشريعة الإسلامية؟ أي التعمق في دراسة العقيدة والفقه والسيرة والحديث والتفسير، أم يكفيني دراسة أصولها، ودراسة الشبهات الموجهة للإسلام، ودراسة شبهات الملحدين، ومن ثم في النهاية قراءة وتدبر الأناجيل، أو على الأقل الإنجيل المعتمد في دولتي، ومقارنته بالقرآن؛ لكشف الأخطاء والتحريف الذي به، أم يجب علي التعمق وقراءة الكثير والكثير من الكتب في الإسلام؟ وهل أكتفي بالرد على الملحدين وشبهات حول الإسلام، أم أتخصص أيضًا في الرد على النصارى؟

وشكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

نحن سعداء جدًّا بتواصلك معنا، ونشكر لك ثقتك في الموقع وثناءك عليه، ونسأل الله تعالى أن يفقّهنا وإيَّاك في دينه، ويرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، ونتمنَّى -إن شاء الله- أن نكون دائمًا عونًا لك فيما ينفعك في أمر دينك.

ونشكر لك ثانيةً -أيها الحبيب- حرصك على تعلُّم دينك والدفاع عنه، ودفع الشبهات التي قد ترد على قلب أحدٍ من المسلمين، وهذه غاية نبيلة وهدفٌ سامٍ نبيل، نسأل الله تعالى أن ييسّر لك الأسباب التي تُبلِّغُك تلك المراتب العالية، وأن يستعملك في طاعته ونُصرة دينه.

ولكن نصيحتنا لك -أيها الحبيب- أن تبدأ أولاً بتعلُّم ما تحتاج إليه لتحقيق تلك الأهداف، ونحذّرُك أشدّ التحذير من التعرُّض للشبهات، أو مناقشة أي طائفة من طوائف الضلال قبل أن تتحصّن أنت بتعلُّم الحق بأدلته وبراهينه، لتتمكّن من دفع هذه الشبهات، فإن الشبهات إنما سُميت شبهات لأن فيها شبهًا بالحق، فهي تُشبه الحق من بعض الجوانب، ولكنها ليست حقًّا بل هي باطل، فتُخالفُه من جوانب أخرى، فسُمّيت شبهات لهذا السبب، ولهذا كانت أخطر على الإنسان من الباطل الواضح، فلا يستطيع أن يُفنِّد هذه الشبهة ويُبيّن ما فيها من الباطل إلَّا مَن تمكّن من العلم والأدوات التي يقدر بها على هذا التمييز والتفنيد والفرز، وهذا يحتاج إلى أدوات علمية معرفية لا بد منها.

وقبل هذا التمكُّن يُصبح التعرُّض للشبهات خطرًا عظيمًا على قلب الإنسان، فإن القلوب ضعيفة والشبهات خطَّافة، وربما وصلت الشبهة إلى القلب ولم يكن في هذا القلب من العلم ما يدفع هذه الشبهة، فتتمكَّن هذه الشبهة في القلب، ويزيغ صاحبه، كما قال الشاعر وهو يصف قلبه وتعلُّقه بمحبوبته فقال:
أَتاني هَواها قَبلَ أَن أَعرِفِ الهَوى ... فصادفَ قلبًا خاليًا فتمكَّنا

فالحذر الحذر من أن تتعرَّض وتنبري لمعالجة الشبهات، أو مناقشة أهلها وأصحابها - سواء كانوا ملحدين أو غير ذلك -، قبل أن تتعلَّم، وليس بالضرورة أن تتعلَّم جميع فروع الشريعة، بل ينبغي أن تتعلَّم ما يحتاج المجال الذي تريد أن تناقش فيه غيرك، وهذا كلام يطول جدًّا.

أمَّا قراءة الأناجيل والمقارنة بينها فهي أيضًا مرحلة متأخرة عن معرفة الشريعة الإسلامية، فينبغي أولاً أن تعرف الإسلام لتستطيع تمييز بين ما جاء به الإسلام، وما حُرِّف وبُدِّل من الكتب السابقة.

والخلاصة - أيها الحبيب- نشكر لك هذه الهمّة العالية، والسعي لتحقيق هذه الأهداف الكبيرة والنبيلة، ولكن لا بد أن تكون إنسانًا موضوعيًّا، وأن تحذر من أن تقع فيما لا تُحسنه، فلا يمكن للإنسان أبدًا أن يقفز في البحر وهو لا يُجيد السباحة، فلا بد من تعلُّم السباحة قبل النزول إلى البحر، وإلَّا غرق الإنسان وهلك، وهكذا الأمر فيما أنت فيه الآن، لا بد من التعلُّم، وهذا التعلُّم تحتاج فيه إلى إرشادات طويلة على طريقك الطويل، فلن تستغني أبدًا عن المعلِّم والمربي والموجّه الذي يبنيك شيئًا فشيئًا، والاستشارة هذه بسطورها القليلة لا يمكن أن تُؤدّي هذا الغرض.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسّر لك الخير، ويجعلك مفتاحًا له.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً