الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخفي خصوصياتي عن والديّ خوفًا من إذاعتها، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم.

أكرمني الله -عز وجل- بشراء سيارة مستعملة لقضاء مشاوير عملي، وأيضاً وفقني -سبحانه وتعالى- لحجز شقة من شقق الإسكان التي تطرحها الدولة للمواطنين، حيث ليس لدي سكن خاص.

علماً أني لم أخبر أهلي بالموضوع، حتى أمي وأبي لم أخبرهما، وأشعر بتأنيب الضمير لذلك، وعدم إخباري لهم ليس خوفاً منهما أو من أخوتي، ولكنه خوف من عفوية والدتي حيث ستخبر الناس، والناس في هذه الأيام -حتى الأقرباء- لا يحبون الخير لأحد، فهل علي أثم لعدم إخبار أهلي؟

آسف للإطالة، وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - أيها الأخ الكريم - في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يوسّع عليك في الرزق والمال، وأن يرزقك إرضاء الوالدين، وأن يُكرمك بصلاح النيّة والعيال.

لا شك أن الإنسان إذا أصابه خيرٌ ينبغي أن يفرح ويُفرح والديه، لأن الوالد والوالدة غالبًا ما يكونان مهمومين، يفكرّان في مستقبلك، وفي أنك لا تملك كذا وكذا، وإخبارهما بمثل هذه الأمور ممَّا يُسر، وممَّا يُدخل السرور عليهما.

وخوفك من الضرر الذي يأتيك من الناس آخذٌ أكبر من حجمه، والمؤمن يُوقن أنه لن يُصيبه إلَّا ما كتب الله له، والمؤمن يُوقن أن ما أخطأه لم يكن ليُصيبه، وما أصابه لم يكن ليُخطئه، وأن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيءٍ لن ينفعوك إلَّا بشيءٍ قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا وخطّطوا وكادوا ليضرّوك وليؤذوك لن يُفلحوا ولن ينجحوا إلَّا بشيءٍ قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجفّت الصحف.

فاملأ قلبك إيمانًا ويقينًا وتوكُّلاً، واستعن بالله تبارك وتعالى، وحاول إيصال ما جاءك من الخير لوالديك، ولا مانع أن تتدرّج في هذا، تقول: (الأمور طيبة، أنا الحمد لله حصّلت كذا، وسأجد كذا، والأمور كذا)، ولا مانع من أن تطلب منهما أيضًا أن يكتما الأمر، فإن أخرجته الوالدة فرحًا أو أخرجه الوالد فرحًا فأرجو ألَّا يضرَّك ذلك، وننصحك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وأذكار الأحوال (إذا دخلنا، إذا خرجنا، إذا أكلنا، إذا شربنا)، وثق بأن الله تبارك وتعالى بيده مقاليد الأمور، وقوّ إيمانك بالله وصِلتك به سبحانه وتعالى.

ونحن لا نستطيع أن نقول عليك إثم، لكنك ستكسب الأجر العظيم عندما تُدخل السرور عليهما، وتُذهب عنهما همومًا طالما كتموها، نحن نكلّمك بمشاعر أب، يغتمّ لأبنائه وأولاده وبناته، يتأثّر لفقرهم وحاجتهم، فإخبارهما ممَّا يُدخل السرور عليهما، وهذا مطلب شرعي تُؤجر عليه، وأرجو أن يكون فيه الخير والبركة، واطلب منهما الدعاء لك، وحصّن نفسك بالأذكار - كما قلنا - وبتلاوة القرآن.

ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والثبات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً