الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شقيق زوجي يهينني وزوجي لم يوافق على النقل من بيت أهله!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.
وبوركتم على مجهوداتكم.

أنا سيدة متزوجة منذ سنتين، ومعروفة بأخلاقي وأدبي بين الناس، ليس لدي أي مشكلة مع زوجي ولا أهله، لكن مشكلتي مع شقيق زوجي الذي أكبره بسنة، كانت علاقتنا طيبة وسطحية، ولكن بعد مدة أصبحت تأتيه وساوس من ناحيتي، بأني أتكلم عنه بسوء عند الناس، لدرجة أنه عندما يراني يغير وجهته، ولا يسلم علي!

تفهمت الأمر، وقررت ألَّا أتحدث معه؛ لأنه شخص موسوس بسبب السحر -هذا على حد قول أهله- رغم أنه شخص يصلي ويصوم ويقرأ القرآن، وبعد مدة أصبح كلما يراني يقلل احترامه بألفاظ سوقية، والغريب أنه يعاملني أنا فقط بهذه الطريقة دون الناس، أخبرت زوجي أن ننتقل عن المنزل؛ لأني لم أعد أطيق معاملته لي وتقليل احترامه معي، إلَّا أنه لم يوافق رغم أن ظروفنا المادية لا بأس بها، حتى أهله أصبحوا يلومونني على رفضي التكلم معه، ويقولون إنه مسحور وبه مس.

لا زلت في حيرة من أمري، لا أريد أن أكون سبب ابتعاد زوجي عن أهله، وفي نفس الوقت لا أتحمل الذل والإهانة من أخيه، رغم أني لم أتكلم عن أحد منهم بسوء.

عند بحثي في الانترنت عن حالته، وجدت أن بعض الفتاوى تستبعد أن يمس الجن الإنسان، بل هي مجرد وساوس شيطانية، كذلك لا يعقل أن يكون شخصًا يصلي ويصوم ويقرأ القرآن دائمًا وهو مسحور ولم يشف منه! أوَلَيس القرآن يحمينا من كل سوء؟

كذلك هل أبقى معهم في المنزل، وأتحمل إهاناته لي، أم أصر على الابتعاد؛ لأن طبيعة عمل زوجي شهر بشهر، وعند غيابه في شهر عمله أقسم أني أصاب بالهلع والخوف من أن يعتدي علي ويضربني.

أرجو إفادتي، وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك - أختنا الكريمة - في الموقع، وردًّا على استشارتك نقول:

- إن من منغصات الحياة الزوجية، وكثرة المشاكل العيش مع أهل الزوج في بيت واحد، فالمرأة لا تجد راحتها مع زوجها، أمَّا إذا كان فيهم من يؤذي فهذا أمرٌ في الحقيقة لا يطاق.

- لا يصلح أن تظهري على إخوة الزوج، فهم بالنسبة لك أجانب لا يحق لك التوسع في الكلام معهم، وكثير من العادات السائدة في أوساط الأسر مخالفة لشرع الله.

- يجب على أهل هذا الشخص أن يوقفوه عند حده - سواء كان مسحورًا أو موسوسًا - وأن يقوموا بمعالجته ومنعه من الكلام معك أو إهانتك، وعلى زوجك أن يقف بصرامة في هذا الأمر، وأن يكون غيُّورًا عليك، مدافعًا عنك، لا أن يتركك تصطلين بالكلام السيئ الذي يصدر من أخيه.

- علاج السحر بالرقية الشرعية وعلاج الوسوسة يمكن أن يكون عبر العلاج السلوكي، أو بالعقاقير بواسطة الطبيب المختص.

- مهما طالت حياتكما في بيت أسرته، فمصيركما الاستقلال، خاصة إن رزقتم بأطفال، وبما أن الأمر كذلك فلم لا تستقلُّون ببيت خاص بكما من الآن؟ هذا لا يعني أنه يترك أهله أو يقاطعهم، بل يمكن الجمع بين الأمرين، وخروجه من البيت لا يعني عقوقهم بحال.

- يخشى من هذا الشاب أن يعتدي عليك بالضرب، أو يستغل فرصة غفلة أهل البيت فيعتدي عليك، فهذا لا يُستبعد، وستكون الحجة أنه مسحور أو موسوس، وأنت من ستسوء سمعته حينئذ.

- يمكن أن يكون مسحورًا؛ والسحر لا يُصاب به الإنسان إلَّا بإذن الله، ولعلك تدركين أن النبي (ﷺ) قد سُحِرَ وهو سيد الخلق أجمعين، وقد قال الله تعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ} [البقرة: 102].

- ننصح أن تطلبي من زوجك أن يأذن لك بالذهاب إلى أهلك حال غيابه، خوفًا من أن يسطو أخوه عليك؛ لأنه في حال وجود زوجك قد يخاف هذا الشاب من أخيه.

- لا بد أن تتحاوري مع زوجك في الوقت المناسب حين ترين أنه قابل للحوار، ولا بد أن تبيِّني له أن سبب طلبك للخروج واضح، وليس تعنتًا منكِ.

- تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وتحيني أوقات الإجابة، وسلي ربك أن يلين قلب زوجك، وأن يجعله يفكِّر في المصلحة من الناحية الأخلاقية لا من الناحية المادية، وأكثري من دعاء نبي يونس عليه السلام: (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ)، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله (ﷺ): (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

- اجتهدي في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، فذلك من أسباب جلب الحياة الطيبة يقول تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي (ﷺ)، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، وقال (ﷺ) لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها؟ (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

- اطلبي من والديك الدعاء، فدعوة الوالدين لولدهما مستجابة كما ورد في الحديث الصحيح.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً