الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدتي بددت أموالي وترفض تزويجي، فماذا أفعل؟

السؤال

لقد كنت أأتمن والدتي على ما جنيته من أموال في الغربة، وما عملته في ٦ سنوات، وقامت والدتي باستخدامها في غير محلها، وأهدرت أموالي، وأبلغ من العمر الآن ٣٢ عامًا، وهي ترفض تزويجي، لم تقم بالخطبة لي ولا مرة، وعندما أفاتحها في الموضوع تقوم بالتسويف! قامت أيضًا برفض أي فتاة قمت بترشيحها لها، ورفضت الذهاب معي لخطبة أي فتاة، حتى أصبحت أخاف الوقوع في المعصية!

ما هي حدود العلاقة الشرعية بيني وبينها؟ وإن كنت لا أستطيع أن أتحدث معها مرة أخرى -بعد إحساسي أنها لا تبحث عن مصلحتي وإنما استغلالي-، فهل أنا مجبر على الحديث معها والسؤال عنها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ibn2dam حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الأخ الكريم-، شكرًا لك على هذا السؤال الرائع، ونحيي رغبتك في الخير، ونسأل الله أن يُعينك على بر هذه الوالدة والصبر عليها، واعلم أن الصبر عليها لونٌ من البِرِّ بها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدر لك الخير، وأن يضع في طريقك بنت الحلال التي تُسعدك، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

لا شك أن الأم تظلُّ أمًّا، ولها حق البر والإحسان، والصبر والاحتمال مهما حصل منها، لكن لا مانع من أن تسعى في مصلحة نفسك، وتحاول أن تجتهد في السعي في إعفاف نفسك، مع الحفاظ للوالدة على حقها واحترامها، ومع ضرورة الانتباه لأموالك، ولكن تعطيها ما تحتاجه، لأنها تظلّ والدة، بل البر بها والصبر عليها من أهم الأسباب التي تُعينك على أبواب الخير، وتُعينك على النجاح في الحياة بعد توفيق ربنا الفتّاح سبحانه وتعالى.

ولذلك نحن نوصيك من الناحية الشرعية أن تُحسن إليها، وأن تُكرمها.

أمَّا بالنسبة للزواج، فأرجو أن تسعى وحدك، ويمكن إذا كان هناك مجال للخالات أو العمات أن يُساعدنك في الوصول إلى الفتاة المناسبة، وإلَّا فعليك أن تبحث مستعينًا بالصالحين والعلماء والفضلاء من عباد الله تبارك وتعالى، فإذا وجدتَّ الفتاة المناسبة صاحبة الدين فعليك أن تمضي في مشروع إعفاف نفسك، وإكمال نصف دينك، فإن مَن تزوج فقد استكمل نصف دينه، وعليه أن يتقي الله في النصف الآخر من الدين.

ويظل الاحترام للوالدة مستمرًا، ولا تحاول أن تقف على الوالدة إذا لم تذهب معك؛ وهذا كلام أعتقد أنها لن تصمد عليه، المهم هو أن تسعى في الطريق الصحيح، وتُعطي الوالدة حقها، وتُعطي الزوجة عندما تتزوج حقها، فهي حقوق شرعية يُسأل عنها الإنسان بين يدي الله تبارك وتعالى.

فحدود العلاقة الشرعية أن تظل أمًّا، لها البر، ولها الإكرام، مع المحافظة على أموالك، فالمؤمن لا يُلدغ من الجحر الواحد مرتين، مع السعي في البحث عن الزوجة المناسبة بالنسبة لك.

ولا تقطع الوالدة، واصبر عليها، حتى لو عاندت ورفضت، أنت حاول أن تسعى في إصلاحها وفي إرضائها، أكرر: مع المحافظة على ما عندك من الأموال، حتى تُؤسس حياتك بطريقة صحيحة، وتسعى في إرضاء الله تبارك وتعالى، ومن إرضاء الله الصبر على الوالدة، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً