الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد أن أكون عبدًا صالحًا مصلحاً.. فكيف ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب بعمر ٢١ سنة، كنت أقوم بمعاصٍ سرية ترجع للشهوة، ولكنها ليست كبيرة، والحمد لله لم أشرب أي مسكر، ولم ألمس أي حرام، ولم أدخن، ولم أفعل أشياء محرمة، ولكنني كنت مقصراً في ديني من ناحية الصلاة، وأنا أحب الدين الإسلامي، والحمد لله، أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، دائمًا أقوم بالخير الذي أقدر عليه، أتصدق بما معي من مال، ولا أبخل في التصدق، أساعد من يحتاجني ماديًا أو معنويًا أو علميًا، لا أبخل على أحد إطلاقًا، ولغرض أن الله يرضى عني ويكرمني من كرمه ورحمته وستره.

الحمد لله لقد بدأت في الصلاة بجد منذ عامين، ومنذ عام تقريبًا انتظمت تمامًا بالصلاة -والحمد لله-، لكنني كنت دائمًا أريد أن أكون شخصًا صالحًا، شخصًا يحبه الله ورسوله، ويكون اسمي ذا قيمة وشأن عند الله سبحانه، فأنا أدعو الله دائمًا أن يرزقني من واسع فضله، حتى أساعد كل محتاج وكل فقير، وكل من أصيب في هذه الحياة، وأريد أن يزيدني ويرزقني بالعلم حتى أساعد الناس بالعلم وهكذا.

منذ سنوات وأنا على بالي هذه الأفكار الخيرية لله سبحانه وتعالى، فلا أريد منها شهرة ولا عائداً، أريد فقط أن أنشر الإسلام والسلام والحب، وأن أكون عبدًا صالحًا، فهل يتقبلني الله بعد ذنوبي؟ هل يستر علي بعد توبتي من ذنوبي، ويحميني من أي شخص يريد فضح معصيتي القديمة؟ وهل العبد الصالح يمكن أن يكون مذنبًا في ماضيه أم العبد الصالح يولد صالحًا؟

أتمنى من كل من يقرأ هذه الاستشارة الدعاء لي باستجابة دعائي، والمغفرة، والستر، والسعادة لي ولأهلي ولكل المسلمين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً وسهلاً بك في موقعنا، ونسأل الله أن ينفع بك، وأن يجعلك هادياً مهدياً، والجواب على ما ذكرت:

بداية: أحيي فيك حبك لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وحرصك على طاعة الله، وعلى النية الصالحة التي تتمناها في طلب العلم ونفع الآخرين، وأبشر -أخي الكريم- فكل هذه علامات تدل على أنك في طريق الصلاح، وأنت على خير كثير.

أما كونك ترغب أن تكون من عباد الله الصالحين، فوسائل ذلك عديدة والتي منها:

1- أن تعلم أن العمل الصالح هو التطبيق الشرعي للعلاقة بين الإنسان والخالق، والكون والحياة، والإنسان والآخرة، وأن مقومات العمل الصالح تقوم على:

- التكامل في الصلاح في الدين طاعة وعبادة، والعمل في نفع الآخرين، مما يحقق للإنسان أن يكون ساعياً في الخير، وأن يكون له رسالة سامية في الحياة.

- أن يكون العمل الصالح خالصا لوجه الله، وأن يكون موافقًا ما جاء في شريعته.

2- طلب العلم؛ فيمكن عبر الآتي:
- عليك الالتحاق بحلقة لتحفيظ القرآن الكريم، وإتقان القراءة والحفظ على يد طالب علم متمكن من ذلك.
- عليك بطلب العلم بما لا يسع المسلم جهله من أصول العقيدة والفقه وأصول الأخلاق، ويمكن أن تلتحق بحلقة علم، فتدرس كتاب أصول الإيمان لنخبة من العلماء بإشراف صالح آل الشيخ، وكتاب الفقه الميسر لنخبة من العلماء، وكتاب أصول المنهج الإسلامي لعبد الله العبيد.
- بعد دراسة ما لا يسع المسلم جهله، استشر أهل العلم في دراسة فن معين من العلوم الشرعية.

بخصوص ما كان منك من ذنوب في الماضي وبما أنك قد تبت منها ووفقك الله إلى ذلك، فالله يتقبل منك تلك التوبة، وبما أنه سترك وأنت مذنب، فإنه يسترك وقد تبت إليه وغيرت من حالك، وإذا خفت من الفضيحة فأكثر من قول: "حسبنا الله ونعم الوكيل"، ومن الأدعية التي فيها طلب الستر، ما ورد عن ابن عمر يقول: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: " اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عورتي - وقال عثمان: استر عوراتي - وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي". رواه أبو داود.

أما سؤالك هل العبد الصالح يمكن أن يكون مذنبًا في ماضيه؟ نعم ممكن أن يكون مذنبا في الماضي، فليس كل الصالحين كانوا صالحين في أول حياتهم، فمنهم من كان كافرًا ثم أسلم، ومنهم من كان عاصياً ثم تاب إلى الله، فالصلاح ليس منحصراً فيمن كان صالحاً في الماضي فقط، بل رحمة الله تسع الجميع، وبما أن العاصي قد تاب من معصيته، فإن الله يمحو عنه ذنوبه، ويصبح من عباد الله الصالحين، ولا يسمى بعد توبته عاصياً.

وفقك الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً