السؤال
السَّلَامُ عَلَيكُم ورَحمَةُ اللهِ وَبَركَاته، ومَغفِرَتُه، وَفضائِلُه.
جِئتُ شَاكِيَةً إليكُم حَالِي، أنَا فتَاةٌ أَبلُغ من العُمر ستَّة عَشر سنَة، في مَا مَضَى من عُمري كُنت متهَاونَةً جدًّا في أَدَاءِ الصلوَات المفرُوضة، فيَوم أُصَلِّي، ويَوم أصلِّي بعض الصَّلوَاتِ، وَيوم يمر من غير أَن أُصلِّي ولَا أَيَّ صَلاة، والوَالِدَة - حفظهَا الله - كَانت دَائمًا تحثُّني على أدَاء الصَّلوات ولٰكن دُون جَدوَى.
في كُلِّ مَرَّةٍ أعزِمُ فيهَا عَلى أَن أتُوبَ توبَةً نصُوحَة، أستمرُّ عَلى مُواظبتي شهرًا، أو أُسبُوعا أو بِضعَة أيَّام ثُمَّ أرَى أنِّي قد عُدت إلَى مَا كُنت عَليه من الإهمَال، وَالتَّهَاوُن، لَيس هَٰذا فَقط، كمَا أَنني أُعاني بمَا يسمُّونَه "بالوِسوَاس القَهرِي"، فغَالِبًا مَا يُخالجُني الشَّك في ديني، ولكني بنفس الوَقت مُوقنَةٌ بما أُؤمن به، وقَد تروح وتغدُو في بَالي أمُورٌ أتمنَّى فيهَا لَو أنني مِتُّ ولم أُفكِّر بهَٰكذَا أمُور خوفًا من أني قَد أقعُ فِي الكُفر وأكوننَّ من الخَاسرين، كَهذه الذي قَال عَنها رَسُول اللهِ في حَديثه: عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَه)، وأيضًا عندمَا جَاء أُنَاسٌ من أصحَاب النبي وسَألُوه: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ: وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ.
وقد شكَيتُ حالي إلى مُعلمَة الدِّين، ونصحتني بالمُواظَبة على الأَذكَار، وقرَاءَة سُورَة البَقرة كَامِلَةً، ولكن إلى الآن وأنَا أعَاني منه.
أيضًا: كمَا جَاء في شكْوَى الصَّحَابي عُثمَانُ بِن أَبي العَاص لرسُول الله حَيثُ قَال: (يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلاتِي وَقِرَاءَتِي يَلْبِسُهَا عَلَيَّ)، بالإضَافة إلى أنني كُنت أثنَاء تَوبتي قَد عزمتُ عَلى أن أخشَع في صلَاتي، لٰكنّي أشعُر بعدهَا بأنِّي لم أخشَع مُطلقًا وكأنني أُؤدي صَلاتي كعَادة وَليست عبَادَة.
ألا والله إنِّي خَائِفَة من أن أكُونَ ممَّن قال فيهُم اللهُ تعالى فيهم:{خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
أرجُو منكُم أن تُفيدُونِي فيمَا أصنَع وما العمل، سَاءني حَالي لا أريدُ أن أكُون من ضَعيفي الإيمَان، وممن لا يُوفَّقُون بالسير على الصِّرَاط وأن أهلَك، وأنا على هٰذه الحَال، وخَاصَّة أننا الآن في آخر الزَّمَان.