السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة، أريد الكتابة إليكم منذ فترة، فمعاناتي بصمت منذ عدة سنوات، لا يعلم بي أحد ممن حولي، فقد مررت بمشاكل كثيرة في حياتي، وضغوط نفسية عديدة، بدءًا من حادثة اغتصاب وأنا في عمر 9 أو 10 سنوات تقريباً، من شخص لا أعرفه، استغل براءتي وطفولتي واستدرجني، خفت حينها ولم أخبر أي شخص بما حدث، لأنني لم أكن أفهم ما الذي حدث لي، وحتى لا أتذكر هل فقدت بكارتي أم لا؟ -أظن لا بإذن الله- فأنا لا أتذكر رؤية أي دماء، حيث كانت الحادثة سريعة وعابرة، كما عانيت من قسوة وجفوة أبي في تعامله معي في طفولتي، وضربه لي بشدة، وكان دائما يسخر مني ومن كلامي، ويضحك على ما أقوله أمامه، فنشأت مهزوزة الثقة بالنفس، لا أستطيع الاعتماد على نفسي، ولا أستطيع الكلام بشكل مسترسل، فيكثر في كلامي التوقف للتفكير فيما سأقول.
ثم حدث أن تزوج أبي بامرأة أخرى، وما تلاه من انهيار أمي نفسيا وصحياً، وحدوث مشاكل ضخمة بينهما وصلت للطلاق، لكنهم تراجعوا في النهاية، كنت حينها في سن 17 سنة، بعد ثلاثة شهور من زواج أبي أصيبت أمي بالسرطان، وعشنا أياما صعبة (إجراء جراحة كبرى لاستئصال الثدي، ثم علاجا كيماويا، ثم إشعاعيا)، إلى أن من الله علي أمي بالشفاء -ولله الحمد- لكنني أصبت بسبب كل ذلك بأذى نفسي داخلي، فأصبح لدي وسواس دائم وخوف من المرض، خوف على نفسي، وخوف على أمي، لأنها كل ما لدي في الحياة، أسأل الله أن يطيل في عمرها، فهي الشيء الوحيد الجميل في حياتي.
كما لدي غضب داخلي شديد على والدي مما فعله بأمي، وتسبب في قهرها بشدة، رغم أنني أحبه، ولكنني لا أستطيع مسامحته على ما حلَّ بحياتنا، وبحياتي وبشخصيتي المدمرة داخلياً، والحزينة دائما برغم إظهاري عكس ذلك لمن حولي، لقد أصبح عمري الآن 30 سنة، وطوال الفترة السابقة وأنا أعاني من هذا الحزن، كما أن ضعف الثقة بالنفس أصابتني بالرهاب الاجتماعي، فلم أعد أرغب في التواصل مع الآخرين إلا للضرورة، أتمنى الحصول على وظيفة لكي أغير من روتين حياتي، لكنني لا أستطيع، وأخاف من التقدم لأي وظيفة بسبب الرهاب، فقد تقدمت للدراسات العليا، لكي تكون لدي حجة في رفض الخطاب الذين يتقدمون لي دون مقابلتهم، بحجة انشغالي بالدراسة والماجستير، وأشعر أنهم سيرفضونني رغم أنني جميلة الشكل، إلا أنني أشعر بالنقص.
حياتي تسير على هذا النمط المستقر، وتجنبي لفكرة الزواج تماما، ولكن ما دعاني للكتابة لكم حاليا، هو تقدم أحد الخطاب لي، فاضطررت لمقابلته هذه المرة، ولم أستطع تجنب المقابلة كالعادة، ويبدو أنه أعجب بي، بالرغم من شروطي عليه بأمور قد تتسبب في الرفض، كإفصاحي له بأنني أكمل دراستي العليا، وهذه هي الحقيقة، فأنا أدرس الماجستير حاليا، لكنه وافق على كل طلباتي، وأهلي معجبون به، ولا يرون به عيباً، سوى ما لاحظته عليه من اختلاف الأفكار بيننا، ويطلبون مني الموافقة عليه، لأنه على خلق، ويسيؤن معاملتي عندما أطلب منهم أن يرفضوه، وأخشى من طلب الرجل بإتمام الزواج، ولا أدري ما المبرر الذي سأرفضه به، فالمشكلة بي أنا وليس بالخاطب، وأفكر كيف سوف أتعامل معه ومع أهله وعائلته عندما يأتون لي جميعهم.
لا أخفي عليكم أنني أمتنع عن الزواج عقاباً لوالدي، لأنه تزوج على والدتي وأنا في سن المراهقة، وهو العمر الذي تبدأ به الفتاة بالتفكير في الحب والزواج، لكنني في ذلك الوقت كنت منشغلة بمرض أمي، وخلافاتها الزوجية، ووحدتي التي كنت أعانيها دون سند من أهل أبي الذين قاطعونا حينها، فنسيت هذه الأمور الجميلة التي تحبها الفتيات في مثل هذا السن، وانشغلت بهمومي، لذلك كله أرفض الزواج، ولا أريد لأبي أن يفرح بي، وأريد معاقبته لكي يشعر بالندم لما فعل بحياتنا قديما، حيث قلبها رأساً على عقب.
منذ حوالي 7 سنوات، حاولت الذهاب لدكتور نفسي لأخذ علاج للرهاب، ولمشكلة نزع شعر الرأس ونتفه، والتي ما زالت مستمرة معي حتى الآن، أخذت بعض الأدوية لفترة قصيرة لا تتجاوز شهرين أو ثلاثة أشهر، مثل: كالفيلوزاك والزولام والسيبرالكس والأنافرونيل، ولكنني لم أستمر على الأدوية نظراً لتكلفتها مادياً، ولأنها أتعبتني، وكانت تؤدي إلى نومي معظم اليوم.
أعتذر عن الإطالة، وأرجو أن أكون قد ألممت لكم بمشكلتي من جميع جوانبها، وأنتظر منكم المساعدة والغوث، لأنني أشعر بأني في أسوأ حالاتي، وأشعر أن وقت المواجهة مع أهلي قد حان، وسأضطر لإخبارهم بما أعاني منه وهم لا يدرون، مع أن هذا أمر أحاول تجنبه منذ البداية، خوفًا على صحة أمي كما أشرت لكم سابقاً، فبماذا تشيرون علي؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً.