الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب عصبيتي ولؤمي وصلت مع زوجي لحافة الطلاق!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

قصتي طويلة؛ مختصرها أني متزوجة منذ 5 سنوات، وعندي طفلان، وعندي خلافات كثيرة لا تُحصى، زوجي كثير الشتم لي ولوالدي، وكثير الضرب، والسبب عصبيتي ولؤمي، في عراك آخر مرةٍ سبني وسببته.

نحن نقيم في بلد أجنبي وننوي الطلاق؛ لأن حياتنا صارت كأننا منفصلان، فهل يجوز لنا السكن في نفس البيت ونحن مطلقان؟

فما رأيكم، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رغدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يُصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يؤلِّف بين قلبيكما.

نحن رأينا –أيتهَا الأخت الكريمة– أن تحاولي إصلاح ما فسد من العلاقة بينك وبين زوجك؛ فإن هذا أفضل من الفراق، والله سبحانه وتعالى يقول: {وإنِ امرأةٌ خافتْ من بعلها نُشوزًا أو إعراضًا فلا جُناح عليهما أن يُصلحا بينهما صُلحًا والصُّلح خير} فالتصالح والتسامح وغض الطرف عن بعض الحقوق، والتجاوز عن بعض الأخطاء والزلات هو الطريق الأمثل، وقد أحسنت حين أنصفتِ زوجك من نفسك؛ بأن بيَّنت بأن السبب في كثير من المشكلات عصبيتك أنت، وإذا عُرف السبب سهل معالجة المشكلات.

ونحن ننصحك بأن تأخذي بالتوجيهات النبوية في مدافعة الغضب، وذلك بأن تتجنبي أولاً: الخوض والتعاطي لأي أسباب تؤدي إلى غضبك أو إغضاب زوجك منك، فهذه وصية نبوية عظيمة قالها -عليه الصلاة والسلام- لمن جاءه يسأله الوصية فقال: (لا تغضب).

الأمر الآخر: أنك لو غضبت فينبغي لك أن تأخذي بالأسباب التي تحول بينك وبين التصرفات الخاطئة التي قد تنشأ حال الغضب والعصبية، ومن هذه التصرفات التي تحول بينك وبين ذلك:

• الابتعاد عن ذلك الموقف ومفارقته.
• القيام بالوضوء والصلاة، فإن ذلك يُعيد للنفس سكينتها وطمأنينتها.
• الإكثار من ذكر الله تعالى.
• الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم خصوصًا.

فهذه توجيهات قيِّمة نافعة، وستجدين أثرها إذا ما أخذت بها.

نحن على ثقة –أيتها الأخت العزيزة– من أنك إذا بادرت زوجك بالاعتذار والأسف عمَّا جرى من المشكلات، فإن ذلك سيدفعه -بإذن الله تعالى- إلى أن يُبادلك أيضًا نفس المشاعر.

وما دام الأمر يمكن إصلاحُه؛ فنصيحتنا لك أن تصرفي النظر عن مسألة الطلاق، لا سيما إذا كان بينكما أبناء وبنات، ويُستحسن الاستعانة بمن له تأثير على زوجك لمحاولة التأليف والتقريب بينكما، حتى تستمر الحياة الزوجية على وجهٍ من التوافق والوئام.

أما إن قُدِّر أنه تقرر الطلاق وتطلقت من زوجك؛ فإن السكن في بيتٍ واحدٍ مع الزوج -إن كانت الطلقة رجعية، أي في فترة العِدَّة الرجعية، بأن كانت هذه الطلقة الأولى أو الطلقة الثانية– فخلال فترة العدة على المرأة أن تبقى في بيت الزوجية، ولكن العلماء يختلفون هل يجوز لها أن تُخالطه وأن تكشف حجابها ونحو ذلك له، فكثير من أهل العلم يرون ذلك، لأن ذلك يدعوه إلى المراجعة، وبعض العلماء منع من ذلك، فلا حرج عليك، ولا بأس في أن تعملي بقول من يقول من أهل العلم جواز مخالطة المرأة لزوجها خلال عدتها في الطلاق الرجعي.

أما في غير ذلك -أي كان الطلاق بائنًا- فإن المرأة تُعتبر أجنبية عن من طلقها، ولا يجوز لها أن تختلي به، أو أن تُساكنه في بيتٍ؛ لأن ذلك مظِنَّة لحصول الخلوة المحرمة، والوقوع فيما حرَّم الله تعالى.

نسأل الله بأسمائه وصفاته أن ييسِّر لك الخير ويُقدِّره لك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً