الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطبت فتاة طيبة ومؤدبة ولكني غير متقبل لها.. فبماذا تنصحونني؟

السؤال

السلام عليكم

أنا -يا شيخ- خاطب لبنت منذ 3 سنوات، وكنت أنوي الزواج منذ سنتين مضت، لكن نتيجة للظروف تأجل الزواج، وأنا منذ يوم خطبتها وأنا لست متقبلها، لكني كنت أقول: بعد الزواج ستستمر الحياة وأحبها، لكن للأسف لي 3 سنوات معها، وأنا نفس الشيء يعني لا أهتم بها، ولا أبالي لأمرها، والآن مطلوب مني تحديد يوم الزواج، ولكن تفاجأت بتردد غريب في الأمر، وخفت من الموضوع، مع أنها فتاة طيبة ومؤدبة، وتحسن المعاملة معي، لكني لست متقبلها كزوجة لي.

والسلام عليكم

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عابد لله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلاً بك -أخي الحبيب- في موقعك إسلام ويب، وإنه ليسرنا تواصلك معنا في أي وقت، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، وبخصوص ما تفضلت به -أخانا الفاضل- فإنا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولاً: هدئ روعك، ولا توتر حالك، حتى تأخذ القرار بعيداً عن أي ضغط نفسي، فالموضوع بسيط فلا يضخمه الشيطان لك، نسأل الله أن يوفقك للخير، وأن يقدره لك حيث كان.

ثانياً: قبل أن نجيبك نحب أن نطمئنك أن من كتبها الله لك زوجة هي معلومة قبل أن يخلق الله السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وقطعاً لن تتزوج من لم يكتبها الله، والله لا يقدر لعبده إلا الخير، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء).

ثالثاً: قد ذكرت أن الفتاة متدينة، وحسنة الخلق، ومطيعة، هذه صفات تمدح بها أي فتاة، وموافقة تماماً لما أخبر به الشارع، فقد علمنا النبي -صلى الله عليه وسلم- طريق ذلك فقال: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) فالمرأة المتدينة خير متاع الدنيا فعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة) وبالطبع لا حرج أن يجمع الرجل بعد الدين المال، أو الجمال، أو الحسب، أو الجميع، المهم أن يكون الدين أساساً وعمدةً، أما الاختيار على غير تلك الأسس فعاقبته الخسارة -أخي الحبيب-.

رابعاً:لا ننصحك بأن تتخذ أي إجراء الآن، خذ الأمور بهدوء، ولا تتعجل شيئاً إلا بعد الاستخارة، فقد علمنا صلى الله عليه وسلم أن نستخير في أمورنا كافة، وإن أهم ما ينبغي الاستخارة له هو الإقبال على الزواج، وقد كان جابر -رضي الله عنه- يقول: كان رسول الله يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، وكان يقول صلى الله عليه وسلم: (إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ: (اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ, وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ, وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ, وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ, وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ, اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (هنا تسمي حاجتك) خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي، وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ, فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ, اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (هنا تسمي حاجتك) شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي، وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ, فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ ارْضِنِي بِهِ. وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ).

خامساً: بعد أن تستخير الله دع الأمر يمضي إلى ما يريده الله، وثق بأن الخيرة -إن شاء الله- ترتقبك، فلو قدر الله لك هذه الفتاة زوجةً فاعلم أنه الخير لا محالة، وإن كان العكس فاعلم أنه الخير.

سادساً:اعلم أن الشيطان يجتهد في صرف المرأة الصالحة عن الرجل الصالح، ويحاول أن يبغض كلا الطرفين أو أحدهما في الآخر، فلا تتبعه، وعليك -أخي- بعد الاستخارة الجلوس مع نفسك، والسؤال الواضح، ما الأسباب التي تجعلك لا تهتم بالفتاة؟ هل يرجع ذلك لشيء فيها: كالجمال، أو المتانة، أو الأسلوب غير المستقيم، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون هاجساً بلا معنى؟ فإن كان ثمة سبب فابحث هل هو سبب جوهري ترد الفتاة لأجله أم هو في مقابل إيجابياتها أمر تافه؟

مهم جداً أن تعرف السبب، فإن لم يوجد سبب، فاعلم أن هذه أحد العلامات على كونها خطوات شيطان، واحرص على من تميزت بالدين والخلق، فقلما يجد المرء في زماننا هذا من توصف بتلك الصفات مجتمعة، والله المستعان.

سابعاً: إذا علمت -قطعاً- أنك قد تظلم الفتاة بعد الزواج فلا أنصحك بالمضي -أخي الحبيب- فالإسلام لا يرضى الظلم، وأن تبتعد عنها اليوم خير من أن تظلمها بعد أن تصير ثيباً.

ثق أنك ما دمت قد استخرت الله فإن الله سيقضي لك الأمر على ما هو خير لك، نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً