الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو صدوداً وعدم مبالاة من زوجتي رغم استقرارنا!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا رجل في منتصف العمر (44 سنة) أعمل مهندسًا في إحدى دوائر الدولة، ومتزوج منذ عام 1997، وزوجتي تعمل طبيبة في أحد المراكز الصحية التابعة للدولة، وتكبرني بـ (3 سنوات)، وكان ارتباطنا نتيجة علاقة حب طبيعية ونتيجة تحديات مع رجل آخر دفعني إلى الإصرار على إكمال هذه العلاقة وتتويجها بالزواج.

رزقنا بولدين، عمرهما الآن (17 و15 سنة) وبعدهما رزقنا ببنتين، عمرهما الآن (11 و 9 سنوات) والحمد لله رب العالمين، وسعينا في هذه الحياة بكد وجهد مستعينين بالله عز وجل، وخطوة إثر خطوة، كونا فيها عائلة جميلة وباقي متطلبات المعيشة (بيت وسيارة ومعيشة طيبة، وحج بيت الله الحرام، وممَّا مكنني فيه ربي).

وقبل عدة سنوات وتقريبًا منذ عام 2009 بدأت حياتنا تتغير (والدوام لله رب العالمين) حيث لم تعد تلك المعاملة التي كنت ألقاها من زوجتي وتمسكها بي وتعلقها وتهافتها، رغم صدودي في كثير من المواقف نتيجة التعب والإرهاق أو الحالة النفسية الصعبة التي كنت أمر فيها نتيجة العمل والمسؤولية في حينها، وحاولت جاهدًا خلال السنوات المنصرمة بإقناع نفسي أن الحالة طبيعية، وأن ما أشعر به هو مجرد أوهام، ولم أسمح لنفسي بتفسير ما يحصل باتجاه خاطئ، رغم الأوهام التي كانت تسيطر عليّ بين الحين والآخر، ولكني رجل ملتزم بديني وهي كذلك نوعًا ما -الله يزكي الأنفس- حاولت أكثر على ترك فراش الزوجية لفترات طويلة دون أن يحرك شيئاً منها، وكذلك حاولت أكثر من مرة مصارحتها بطبيعة ما أشعر من الصدود وعدم المبالاة رغم أن ذلك ضد مبادئي ومعتقداتي ولكن حفاظاً على ديني وبيتي وعائلتي، وسعيت في كتم ما أشعر به، وأصوم بالنهار وأشغل نفسي بالليل بشتى الأمور (إنترنت وتلفاز وكمبيوتر ...إلخ).

علمًا أن نومي وحدي حيث إنها تنام مع بناتها، ولكن دون جدوى، معللة ذلك بسوء تصرفاتي معها، علماً أن مزاجي كان صعباً جداً، وكانت تتحمل، أمَّا الآن ورغم تغير حياتنا المادية نحو الأحسن واستقرارنا نوعًا ما، ولم أعد كالسابق، بل العكس، لكن دون جدوى، وقد أخبرتها بأن لي رغبات ولا أريد أن أخسر ديني وبيتي، وأني سأتزوج، ورغم أن هذا ليس بحل، بل كان كالمستجير من الرمضاء بالنار، وأيضاً دون جدوى، والحال على ما هو عليه، وأصبحت حياتنا الزوجية عبارة عن مشروع (تربية أطفال وتنشئة جيل) لا أكثر.

ماذا أفعل؟ وكيف أتصرف؟ أنجدوني وأعينوني بما يرضي الله ورسوله ولكم الأجر والثواب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علاء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك - أستاذنا الفاضل - ونشكر لك هذا الطموح، وهذه الهندسة الحقيقية للحياة، فأنت مهندس، وأحسنت العرض لهذه المشكلة، ونسأل الله أن يعينك بهذه الخبرات، بعد توفيق رب الأرض والسماوات على تجاوز هذه المحنة.

نحن ندعوك إلى أن تبادر وتشعر هذه الزوجة بالأمن، ندعوك ألَّا تُكثر الحديث عن زوجة ثانية، وندعوك إلى محاولة الاقتراب من زوجتك، والدخول إلى حياتها، وندعوك إلى تذكيرها بما عندها من محاسن وإيجابيات، ونحن نريد أن نؤكد لك أن الزوج بحاجة إلى التقدير والاحترام، لكن الزوجة بحاجة بالدرجة الأولى إلى الأمن والأمان.

وقد نحتاج هنا إلى تصحيح بعض المفاهيم، فإن من النساء من تفهم أنه إذا أصبح أبناؤها كبارًا وأصبح لها بنين وبنات في سن كبيرة؛ فإنها تظنُّ أنها كبرت على مثل هذه الممارسات، ومثل هذه العلاقات، إذ المرأة قد تنتهي إلى مرحلة تفتر عندها هذه الشهوة والرغبة والميل، والرجل قد يمتد عطاؤه، وهذا ما ينبغي أن تفهمه الأخريات.

وحبذا لو حاولت أن تعطينا المزيد من التفاصيل، وما هي الردود التي تتكلم بها؟ هل تريد أن تحاكم على الماضي؟ ونؤكد أن جزءاً من هذه المشكلة طبيعي، عندما يكبر الأبناء، وغالباً هؤلاء الأولاد ينحازون إلى أمهم، وعندها البنيات، فإن الأب يشعر بأن هناك نفوراً، وأن هناك ميلا إلى الوالدة، وتركا للوالد، وهذا جزء منه طبيعي، هؤلاء الأبناء في هذا العمر من الطبيعي أن يقتربوا من الوالدة.

نريد أن تتفهم هذا الجانب، والبنيات سيأتين إليك عاجلاً أو آجلاً؛ لأن هذه طبيعة المراحل العمرية التي سيدخلن عليها، ولكن على كل حال هذه الحياة تحتاج إلى ترميم، وتحتاج إلى صيانة، فحياتنا الزوجية تحتاج إلى وقفة للمراجعات، ونتمنى أن تبدأ تذكرها بالأيام المشرقات، وبما فيها من إيجابيات، وبطاعة رب الأرض والسماوات، وتحاول أن تزيل ما يعكر عليها صفو حياتها.

أرجو أن تحتمل؛ فإن المرأة لا تنظر إلا إلى واقعها، وهي كذلك لا تنظر عواقب الأمور ومآلاتها، والمصيبة أنها لا تنسى الإساءات القديمة، ولذلك نتمنى أن تبادر بالإحسان، وتتأسى برسولنا خير الأنام (ﷺ)، الذي كان في بيته ضحاكاً بسَّاماً، يُدخل السرور إلى أهله، وتعوذ بالله من شيطان يريد أن يأتي لك بوساوس سالبة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، ونتمنى أن تتواصلوا معنا، أو شجع الزوجة على الكتابة إلينا بما في نفسها حتى تتضح أمامنا الصورة، وحتى تخرج لنا الأسباب التي تجعلها تعيش هذا النفور، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

نؤكد أن المسألة تحتاج إلى شيء من الصبر والحكمة، وأنت أهل لذلك ونسأل الله أن يوفقك ويسددك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً