السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعاني من الخوف الشديد من أبي، وذلك لأنه عصبي جداً، خصوصا عندما كنت صغيرة لم أكن أتلقى منه إلا الصراخ والانتقاد، وأمي لم تكن تستطيع الدفاع عنّا أو حتى مواساتنا، دائما نحن مخطئون وأبي هو المحق بالنسبة لها! بعد أن كبرت لم تعد معاملة أبي لي بتلك الحدّة، بل إنه يحاول التقرب مني أكثر الآن، لكني أتوتر كثيرا عند الحديث معه وأتمنى أن أنهي الحوار بأسرع وقت، وحتى أني لا أستطيع النظر إلى عينيه!
إضافة إلى أنه وفي عمر المراهقة حدثت بيننا بعض المواقف، والتي أسيء فهمي فيها، مع أنها بسيطة وانتهت إلا أني لا أزال متأثرة بها. وعندما كنت صغيرة لم يشعرني والداي بطفولتي كغيري من الفتيات في سني، كانا يدللانني ويعملان جاهدين لإسعادي لكن بطريقتهما، بأشياء لم أكن أحبها ولا أستمتع بها، مرات قليلة هي التي أذكر أني حظيت بالمرح بالشكل الذي أحبه.
أنا أقدر لوالديّ كل ما يفعلان من أجلي ومن أجل إخوتي، وأقدّر أنهما تربيا في بيئات لم تنعم بذلك القدر من الترف -إذا صح أن نقول- لكي يمتدّ إلي من تربيتهما تنمية استقلالي وهويتي، وجعلي قادرة على فهم نفسي، أكثر ما يهتمان به هو أكلنا وغذاء أجسادنا، أما غذاء الروح فهو ترف زائد لا يحرصان عليه، ومع وجود شخصية لا تجيد التعبير عن نفسها مثلي، فمن الصعب أن يصل لهما ما يضايقني أو يفرحني حتى!
ما يضايقني أكثر في هذه الفترة، هو أن والديّ يعاملانني كطفلة حتى الآن بينما أنا أصبحت في الجامعة وأتحمل مسؤولية نفسي، لكن في نظرهما أنا دائما صغيرة وعاجزة عن تدبير أمري حتى في أتفه الأشياء من حولي. أنا أحبهما وأسأل الله لهما جنته على ما قدماه لي ولإخوتي، ولكن كل ما ذكرت أثر على شخصيتي وجعل بيني وبين أهلي وإخوتي وأقربائي مسافات شاسعة، لم أعد أستطيع الاندماج مع أحد.