الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أقنع والدتي بتغيير سلوكها تجاه أخي الصغير؟

السؤال

السلام عليكم.

لدي مشكلة مع أخي الصغير الذي يبلغ من العمر 13 سنة، في أولى متوسط، والوالدة تبلغ من العمر 60 سنة تقريبًا، والوالد متوفى قبل ثلاث سنوات.

والدتي مهتمة بأخي الصغير بشكل زائد عن اللازم، ولا ترفض له طلبًا، ولا تغضب عليه أو تحاسبه للذهاب للمدرسة أو لأداء الصلوات.

المشكلة الآن: أني تعبت مع أخي وأمي، فأخي الصغير لا يذهب للمدرسة كثيرًا، تقريبًا ثلاثة أيام بالأسبوع فقط، وغير مهتم بدراسته وواجباته المدرسية.

وأخي يخدع أمي كل يوم بعذر، مرة ظهري يؤلمني، أو لم أنم جيدًا بسبب السهر، وأمي لا ترفض له طلباً، تستسلم له بسهولة، وتجعله يغيب أيامًا كثيرة جدًا جدًا، وكم من مرة أفهم أمي أنها لا بد أن تشد على الولد، وتقسوا عليه لمصلحته؛ لأنه لا يدرك ماذا يفعل؟!

أيضًا: أخي لديه مشكلة الألعاب الالكترونية عن طريق الإنترنت، فهو مدمن على الألعاب؛ لأني أنا كنت ألعبها وعلمته إياها بطلب من الوالدة، وقد ندمت أني علمته على هذه الألعاب الالكترونية؛ لأنه يجلس الليل والنهار، ويغيب عن المدرسة، ولا يعيش حياته الطبيعية كطفل أو مراهق كبقية أصحابه.

حتى عندما يأتي إلينا ضيوف، فإنه قابع أيضًا في الغرفة.

أخي ذكي وشخصيته كانت ممتازة، لكني أرى أنه بدأ بالانطوائية، خجول زيادة عن اللازم؛ لأنني أتذكره عندما كان صغيرًا، فقد كان جريئًا، ولكن بسبب مشكلة الكمبيوتر جعلته انطوائيًا على الذات.

أيضا: أمي لا تحمله المسؤولية؛ لدرجة أنها تأتي له بالطعام على طاولة الكمبيوتر، ولم تعد تأمره بالصلاة كما كانت تأمره.

أيضًا: أمي لا تريدني أن أتدخل في تربيته، مثل الصلاة أو ذهابه للمدرسة، بل تقوم بمخاصمتي أنا بدلًا عنه, وأنا أعرف أنه الآن في مرحلة المراهقة؛ لأنه يتصف بالعناد.

أنا تعبت جدًا جدًا، ومصاب الآن بالقولون العصبي، والمشكلة لها ثلاث سنوات تقريبًا من الغياب والكسل وعدم الجدية في الأمور.

لي إخوة كبار، وأنا قبل الأخير، وأخي الصغير هو الأخير, وإخواني الباقين كلهم متزوجون، وكل واحد نفسي نفسي، لا يوجد أي تكاتف بين الأسرة أو تراحم، أنا لا أريد أن يسألوا عني، بل عن أمهم العجوز، وأخيهم الطفل، لا أحد يكلف نفسه ويراقب الأمور هل هي على ما يرام أم لا؟

والله لو أتكلم من الآن إلى الغد، لم ولن أنته من سرد المشاكل والخلافات، حسبي الله ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير.

أرجوكم لا أريد إجابة تنظيرية، أريد إجابة عملية بحلول حقيقية.

اعذروني، وشكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو نور حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنشكر لك هذا الاهتمام بموضوع هذا الأخ الصغير، ونتمنى أن تجتهد في تربيته ورعايته، ولكن بالحكمة والأسلوب اللين، اسعَ في كسبه، وشاركه في لعبه، وحاول أن تنظم وقته ليكون هناك وقت للدراسة، وبيّن له أن المستقبل يحتاج إلى تعليم ويحتاج إلى دراسة، وأن الأمور لا تستمر بهذه الطريقة، وحاول أن تكسب الوالدة، وتجتهد في برها، فإذا قصر الكبار تجاه الوالدة فلا ينبغي أن تقصر، وإذا أحسنت للوالدة واجتهدت في برها، فإن الفرص ستكون واسعة بالنسبة لك في توجيه شقيقك الصغير.

ولذلك: نصر على أن نقول لك: لا بد أن تقترب من هذا الأخ الصغير، وتشاركه في اللعب، وتحاوره، فإن هذه السن لا تنفع فيها الأوامر ولا تنفع فيها التوجيهات، ولا تنفع فيها الوصايا، وإنما يصلح فيها الحوار والنقاش الهادئ، الذي تبين له فيها عواقب الأمور، كأن تقول: (أنت تعرف - يا أخِي - إذا الإنسان اجتهد فإنه يُصبح متفوقًا، وبالتالي يصبح مديرًا، وإذا لم يجتهد فإنه سيعمل، لكنه سيعمل عاملاً أو كناسًّا أو سائقًا، هذه الوظائف هل يرضيك أن يكون الزملاء الذين معك في الفصل مدراء وأنت تسعى في خدمتهم وتنظيف مكاتبهم والقيام بنقل الأشياء بالسيارة لهم، وهم كانوا لك زملاء في الصف، لكنهم اجتهدوا وأنت تكاسلت).

ثم عليك كذلك أن تساعده في جدول مرتب، وحبذا لو شارك فيه بنفسه، يكتب: (سأنام الساعة كذا، وأحافظ على الصلوات، أستيقظ كذا، ألعب في الوقت الفلاني) يعني مسألة تنظيم الوقت - خاصة إذا شارك فيها - فإن فيها عونا له على النجاح والفلاح.

عندما تتواصل معه تجنب الهيجان والصراخ ورفع الصوت والإساءة إليه أو ضربه؛ لأن هذا يجعل الوالدة تقف ضدك، ويجعل الوالدة تُشكل له برنامج حماية وهذا مضر بالنسبة له؛ لأنه إذا شعر أن الوالدة معه وأن الوالدة تمشي له كما يهوى وكما يحب، فإنه عند ذلك سيستفيد من هذه النقطة سلبًا بكل أسف.

ومن هنا نحن نتمنى أن تكسب قلب الوالدة أولاً، فإذا كسبت قلب الوالدة واجتهدت في برها استمعت إليك، واستطعت كذلك أيضًا أن تكون قريبًا من الوالدة، وهذا يفوت عليه فرصة أن يشتكي للوالدة أنك فعلت كذا وكذا وقصرت في حقه.

كذلك ينبغي أن تقدم له المساعدات، وتحاول أن تعينه على أمر الدراسة، وتعرف على أسباب هذا التأخر، فربما يكون هناك مشاكل تواجهه في الدراسة أو صعوبات، فلا مانع عند ذلك من الذهاب معه إلى المدرسة، وتذليل تلك الصعاب، وربطه بالأساتذة، وتشجيعه على أمر المذاكرة، وبهذه الوسائل بعد اللجوء إلى الله والتوجه إليه سيكون هناك - إن شاء الله تعالى – خير كثير، وفي كل الأحوال: نحن لا نريد أن تترك هذا الشقيق وهو ضائع بهذه الطريقة.

وأما بخصوص القولون العصبي يمكنك زيارة الاستشارات التالية:

(18233 - 237504 - 26441)

نسأل الله أن يقر أعينكم بصلاحه، وأن يلهمه السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً