الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النوبات الصرعية لم ينفع معها العلاج الدوائي، فهل تنصحني بالجراحة؟

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من نوبات صرعية منذ سنتين ونصف، رغم زيادة الدواء لم يستجب المرض، الآن أخذ (تجرتول 400) ثلاث مرات، ديباكين كرونو ثلاث مرات، ايبانوتين خمس حبات، وأخيراً تم إضافة توبماكس.

بماذا تنصحني يا دكتور؟ هل أتابع الدواء أم أقوم بجراحة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنسأل الله لك الشفاء والعافية، وما جعل الله من داء إلا جعل له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله.

مرض الصرع له عدة أنواع، وخط العلاج الدوائي يجب أن يكون حسب نوعية الصرع، والأطباء المختصون هم على إدراك تام بهذه الحقيقة، وبفضل الله تعالى هم كثر في الأردن.

الشرط الثاني في الاستجابة للعلاج هو أن تكون الجرعة صحيحة ويتناولها الإنسان بانتظام مطلق.

الأمر الثالث هو أن يحاول الإنسان أن يعيش حياة طبيعية ويتقبل هذا الابتلاء ولا يعتبر نفسه معاقًا، وفعلاً مريض الصرع من الناحية المنطقية لا يعتبر إنسانًا معاقًا.

الذي لاحظته أخي الكريم أنك تتناول أربعة أدوية وبجرعات عالية، خاصة مع الأدوية التي ذكرت جرعتها، وأنا لا أقول أن تناول دواء واحد هو الأمثل، لكن الأدوية يجب أن لا تتشاكس مع بعضها البعض، أي أن لا تتداخل مع بعضها البعض ولا تأكل بعضها بعضًا كما يقولون، لأن هذه الأدوية تعمل من خلال ما يعرف بعمليات التمثيل الأيضي والاستقلاب من خلال أنزيمات الكبد، بعضها يزيد من إفراز هذه الأنزيمات مثل التجراتول مثلاً، مما يؤثر ويضعف الأدوية الأخرى، والعكس تمامًا مثلاً مع الايبانوتين.

أخي الكريم: بالتأكيد الخطأ ليس خطأك، لكن يجب أن تراجع هذا الأمر مع طبيبك بأن تكون جرعة الدواء معقولة، والاستجابة إذا لم تكن لدوائين فدواء ثالث قد يكون أقصى ما يمكن إضافته، والذي أريد أن أصل إليه أن كثرة الأدوية ليست هي المعيار أو العامل الرئيسي لنجاح العلاج، بل ربما يكون العكس تمامًا، إنما أن تكون الجرعة صحيحة موجهة نحو نوعية الصرع وأن يلتزم الإنسان بتناولها.

الأدوية التي تتناولها كلها أدوية معروفة لعلاج نوبات الصرع، لكن ربما تكون محتاجًا لشيء من التعديل فيما يخص جرعاتها، فمثلاً ايبانوتين بجرعة خمس حبات، هذه جرعة عالية نسبيًا، لا أقول أنك سوف تصل إلى مرحلة التسمم الدوائي، لكن هنالك محاذير يجب أن نعطيها اعتباراً أكبر، لأنه يوجد ما يعرف بالشباك العلاجي، والشباك العلاجي هو مستوى الدواء في الدم، إذا زاد عن المستوى نكون قد خرجنا من الشباك، وهذا يعني أنه لا فائدة من العلاج، وهذه تحدث دائمًا مع الجرعات العالية والأدوية المتعددة، أو نكون تحت الشباك وأيضًا نكون قد خرجنا من النطاق العلاج، وهذا يحدث حين تكون الجرعة صغيرة ومنخفضة.

فإذن الخطوة الأولى هي أن تراجع طبيبك فيما يخص الأدوية، وأن تلتزم بتناولها التزامًا قاطعًا، وهنالك الآن أدوية جديدة مثل الكِبرا ومثل اللامكتال، ربما تكون ذات فائدة إذا لم تفدك هذه الأدوية، وذلك حسب نوع البؤرة الصرعية كما ذكرت لك.

بالنسبة للعلاج الجراحي لمرض الصرع، هذا يطبق على أقلية قليلة جدًّا من الذين يعانون من هذا المرض، والشرط الأساسي هو أن تكون الأدوية قد فشلت فشلاً تاماً، والالتزام بكل البروتوكولات العلاجية للأدوية لابد أن يستوفى استيفاءً كاملاً، وقرار الإقدام على الجراحة يجب أن يتخذه أطباء مختصون، ليس طبيبًا واحدًا، فإذا اتخذ القرار من جانب هذه اللجنة الطبية فهنا تكون الأسس صحيحة وعلمية ويُقدم الإنسان على الجراحة، والسبب في شدة هذه الشروط هو أيضًا أن الجراحة لها مشاكلها، ربما تؤدي إلى تحكم في النوبات الصرعية لكنها تؤدي إلى تدهور في الشخصية أو الإصابة بالاكتئاب، أو شيء من هذا القبيل.

هذا هو الذي أنصحك به، أي الالتزام بالدواء، ومراجعة أدويتك مع الطبيب، وقرار الجراحة يجب أن يكون قرارًا تتخذه لجنة طبية وليس طبيبًا واحدًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً