الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اضطراب وقلق واكتئاب حاد وانعدام الدافعية؛ فما العلاج؟

السؤال

السيد الدكتور: السلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته

وتحية فائقة لما تقدمونه من خدمة جليلة وفقكم الله.

نتاجا للظروف القاسية التي أمر بها، والاستعداد الطبيعي، وشخصيتي التي تتميز بحدة التفكير والمشاعر، ونزوع نحو المثالية، أصبت بموجة حادة من اضطرابات القلق انتهت بنوبات هلع مطبقة منذ 3 سنوات، وتدرجت في استعمال الأدوية طبقا لرأي الأطباء كالآتي:

1ـ سيبرالكس + زانكس+ ريميرون( ستة أشهر مع نتيجة متوسطة ).
2- بروزاك + زانكس ( نتيجة متوسطة أيضا).
حيث ضعفت نوبات الهلع لكن ظلت اضطرابات القلق بأعراضها الحادة موجودة سواء نفسية أم جسدية، وتم وقف الزانكس بناء على أوامر الأطباء، وهنا حدثت انتكاسة شديدة، وقمت بتغيير الطبيب، ووصف لي دواءً آخر هو بروثيادين + ديباكين ( وهو فعلا ما أحدث تطور نوعي في درجة الشفاء من أعراض القلق الحادة ).

تناولت هذا الدواء لمدة عام وبدأت في التفكير في العمل ولكن طول فترة المرض وبعدي عن المجتمع أدى إلى انعدام ثقتي بنفسي ونوع من الرهاب الاجتماعي، وكذلك خمول جسدي شديد عرفت بعده أن ذلك الخمول يرجع إلى طول فترة تناول البروثيادين.

وبقراءة مكثفة وجدت أن دواء فافرين يعمل بدرجة جيدة على نطاق القلق، ولا يسبب الخمول ولا نقصان الدافعية الذي يحدثه دواء بروثيادين – وهو ما أريده؛ حيث أن حالتي المادية تدهورت بشدة، وأريد البدء في العمل، وقررت أن أستبدل البروثيادين بدواء الفافرين، فالآن أنا أتناول فافرين 50 / يوم + ديباكين كرونو نصف حبة / يوميا منذ أسبوعين، ولكني فوجئت بموجة اكتئاب حادة، وميول انتحارية قاربت على التنفيذ!

وسؤالي لسيادتكم هل هذا طبيعي في بداية العلاج أم أن هناك شيئا خطأ؟ وهل تؤيد الاستمرار أم أن لكم رأي آخر؟

علما بأن نتيجة الفافرين رائعة في السيطرة على اضطراب القلق وهو مرضي الأساسي، ولكني لا أعرف ما سبب هذا الاكتئاب الشديد؟

وشكراً جزيلا لسيادتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ البقرى الانصارى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأتفق معك أن الفافرين من الأدوية الجيدة جدًّا خاصة لعلاج القلق، والقلق المصحوب بشيء من الوساوس.

أما بالنسبة للاكتئاب فهنالك خلافات كبيرة حول فعالية الفافرين: الرأي الأرجح هو أن فعالية الفافرين كمضاد للاكتئاب لا تتأتى إلا بعد أن تكون الجرعة من مائة إلى ثلاثمائة مليجرام في اليوم، وهذه نفس الجرعة التي تستعمل لعلاج الوساوس القهرية.

فالذي أود أن أقوله لك أن ترفع جرعة الفافرين، ارفعها بالتدريج، اجعلها مائة مليجرام، ثم بعد أسبوعين اجعلها مائتي مليجرام، من وجهة نظري هذه هي الجرعة التي سوف تسيطر سيطرة تامة على النوبة الاكتئابية التي تعاني منها، وهذه النوبة الاكتئابية إن شاء الله تكون أمرًا ظرفيًا وعابرًا.

أما بالنسبة للميول الانتحارية، فهذه أفكار عليك أن تحقّرها، الحياة طيبة وجميلة، وأنت رجل مسلم وتعرف حرمة الانتحار، وحقيقة ليس هنالك ما يدعوك لمثل هذا الفكر.

كثيرًا من الأفكار الانتحارية تكون أفكار وسواسية في الأصل، لا يقدم عليها الإنسان لكنها مزعجة جدًّا له، فحقرها واستبدلها بأفكار تقوم على الأمل وعلى الرجاء، وهذا موجود بإذن الله تعالى، ولك إن شاء الله تعالى السمات والصفات التي تجعلك مؤهلاً لتعيش حياة طيبة وهنيئة.

إذن ارفع جرعة الفافرين إلى مائتي مليجرام، وهذه يجب أن تستمر عليها على الأقل لمدة ستة أشهر، بعد ذلك يمكن أن تخفض إلى مائة وخمسين مليجرامًا يوميًا لمدة ستة أشهر أخرى، ثم إلى مائة مليجرام لمدة ستة أشهر، ثم إلى خمسين مليجرامًا لمدة ثلاثة أشهر.

بالنسبة الدباكين كرونو: هو بجرعة نصف حبة يعتبر دواءً مساعدًا لفعالية الفافرين، وأنا أقول لك لا بأس أن تستمر فيه، فهذه جرعة بسيطة، وتعتبر جرعة داعمة كما ذكرت لك.

الدباكين في الأصل دواء يستعمل لعلاج الاضطرابات الوجدانية ثنائية القطبية، وحين يُضاف للأدوية المضادة للاكتئاب يعتبر داعمًا لها، فلا بأس أن تستمر عليه بنفس هذه الجرعة الصغيرة التي تتناولها.

أما بالنسبة لتحسين الدافعية، فإن شاء الله الدواء يساهم في ذلك، لكن هنالك أمور أهم من العلاج الدوائي لتحسين الدافعية، أولها أن تنظر إلى نفسك بإيجابية، ولا تقلل ولا تحقر تقييمك لنفسك.

ثانيًا: عليك بممارسة الرياضة، الرياضة اتضح أنها تساعد على إفراز مادة الإندرفين، ومادة الإنكفالين، وهذه بمثابة الأفيونات الطبيعية في جسم الإنسان، فهي ترفع من معدل الطاقة الجسدية وكذلك الطاقة النفسية فكن حريصًا على ذلك.

ثالثًا: الدافعية تتحسن من خلال أن نفصل ما بين المشاعر والأفعال، وأن تكون أكثر ميولاً لأن تحكم على نفسك بأفعالك، والأفعال تتحسن صورتها من خلال إدارة الوقت بصورة صحيحة، أن تخصص أفعالا معينة لأوقات معينة، ويكون هنالك التزام وانضباط في التنفيذ، وفي نهاية اليوم حين تجد نفسك قد أنجزت أشياء كثيرة أو حتى إن كانت بسيطة ولكنها مجدية سوف تحس بالرضى، وهذا يحسن الدافعية، وبالطبع سوف تتحول مشاعرك من سلبية إلى إيجابية.

رابعًا: الدافعية تتحسن من خلال الرفقة والصحبة والخلة الطيبة، والإنسان يحتاج لنماذج في حياته ليقتدي بها، فإذا كانت علاقات أو صدقات أو أخوة مع الصالحين والناجحين والفالحين من الناس لا شك أن ذلك سوف يكون له عائد كبير على الإنسان، فكن حريصًا على ذلك.

أنا أؤيدك تمامًا في مشروع أن تبدأ العمل، وذلك لأن العمل في حد ذاته وسيلة من وسائل التأهيل النفسي والجسدي والاجتماعي، أضف إلى ما سوف تجنيه إن شاء الله من فائدة مالية.

بارك الله فيك وأسأل الله لك الشفاء والعافية، وجزاك الله خيرًا ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الأردن فيروز سليمان

    جزاك الله كل خير يا دكتور وجعله الله في ميزان حسناتك من أروع وأدق تفسيرات أقرأها لك يا دكتور يكفي أنني وانا اقرأ تفسيرات أشعر انك تعالج النريض علي الهاتف وهدا من فضل الله عليك بأنه أعطاك الحكمه والمشورة اكال الله في عمرك وكثر الله من امثالك

  • مصر احمد

    والله ان جميع الامراض النفسيه سببها المس والسحر والشياطين رينا يهدي

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً