أنبأنا محمد بن الحسن بن الخليل بنسا، حدثنا ، حدثنا أبو كريب عبدة [ ص: 172 ] بن سليمان ، عن ، عن عبيد الله بن عمر ، عن سعيد المقبري قال: أبي هريرة، "قيل: يا رسول الله، أي الناس أكرم؟ قال: أكرمهم عند الله أتقاهم، قالوا: ليس عن هذا نسألك؟ قال: فعن معادن العرب تسألونني؟ قالوا: نعم، قال: خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا".
قال - رضي الله عنه - : أبو حاتم أكرم الناس من اتقى الله، والكريم التقي.
فمن صح عزمه على هاتين الخصلتين فهو التقي الذي يستحق اسم الكرم، ومن ترى عن استعمالهما، أو أحدهما، أو شعبة من شعبهما، فقد نقص من كرمه مثله. والتقوى: هي العزم على إتيان المأمورات، والانزجار عن جميع المزجورات،
ولقد أنبأنا محمد بن المهاجر ، حدثنا عيسى بن محمد بن سهل الأزدي ، عن أبيه، عن المدائني، قال: قال زيد بن ثابت: وأنشدني ابن زنجي البغدادي: "ثلاث خصال لا تجتمع إلا في كريم: حسن المحضر، واحتمال الزلة، وقلة الملالة".
رأيت الحق يعرفه الكريم لصاحبه وينكره اللئيم إذا كان الفتى حسنا كريما
فكل فعاله حسن كريم إذا ألفيته سمجا لئيما
فكل فعاله سمج لئيم
قال - رضي الله عنه - : أبو حاتم ولا فاجرا، ولا فخورا، ولا كاذبا، ولا ملولا، ولا يقطع إلفه، ولا يؤذي إخوانه، ولا يضيع الحفاظ، ولا يجفو في الوداد، يعطي من لا يرجو، ويؤمن من لا يخاف، الكريم لا يكون حقودا، ولا حسودا، ولا [ ص: 173 ] شامتا، ولا باغيا، ولا ساهيا، ولا لاهيا، ويعفو عن قدرة، ويصل عن قطيعة.
أخبرني محمد بن أبي علي الخلادي ، حدثنا محمد بن الحسن الذهلي ، عن علي بن محمد المرحبي ، عن محمد بن إبراهيم العباسي ، عن عبد الله بن الحجاج مولى المهدي، عن إبراهيم بن شكلة، قال: "إن لكل شيء حياة وموتا، وإن مما يحيي الكرم مواصلة الكرماء، وإن مما يحيي اللؤم معاشرة اللئام".
وأنشدني الكريزي:
وما بال قوم لئام ليس عندهم عهد، وليس لهم دين إذا ائتمنوا
إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا منا، وما سمعوا من صالح دفنوا
صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا
قال - رضي الله عنه - : أبو حاتم ولا يعاشر الفاجر، مؤثرا إخوانه على نفسه، باذلا لهم ما ملك، إذا اطلع على رغبة من أخ لم يدع مكافأتها، وإذا عرف منه مودة لم ينظر في قلق العداوة، وإذا أعطاه من نفسه الإخاء لم يقطعه بشيء من الأشياء. الكريم يلين إذا استعطف، واللئيم يقسو إذا ألطف، والكريم يجل الكرام، ولا يهين اللئام، ولا يؤذي العاقل، ولا يمازح الأحمق،
كما أنشدني الخلادي، أنشدنا أحمد بن أبي علي القاضي، قال: أنشدنا محمد بن مقيس الأزدي:
فإن الذي بيني وبين عشيرتي وبين بني عمي لمختلف جدا
إذا قدحوا لي نار حرب بزندهم قدحت لهم في كل مكرمة زندا [ ص: 174 ]
وإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
ولا أحمل الحقد القديم عليهم وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا
وأعطيهم مالي إذا كنت واجدا وإن قل مالي لم أكلفهم رفدا