الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          3646 - (س) : عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي ، أبو محمد المدني ، وهو شقيق عبد الله بن عباس ، وقثم بن عباس ، ومعبد بن عباس . أمهم أم الفضل بنت الحارث الهلالية . رأى النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                          وروى عنه
                                                                          (س) ، وعن أبيه العباس بن عبد المطلب .

                                                                          روى عنه : سليمان بن يسار ، وابنه عبد الله بن عبيد الله بن عباس ، وعطاء بن أبي رباح ، ومحمد بن سيرين ، وأبو جهضم موسى بن [ ص: 61 ] سالم ، والصحيح أن بينهما عبد الله بن عبيد الله بن عباس .

                                                                          ويقال : كان أصغر من أخيه عبد الله بسنة واحدة ، وكان من الكرماء الأجواد .

                                                                          قال محمد بن سعد في الطبقة الخامسة من الصحابة : عبيد الله بن عباس وكان أصغر سنا من عبد الله بسنة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه ، وكان شيخا جوادا .

                                                                          وقال بعض أهل العلم : كان عبد الله وعبيد الله ابنا العباس إذا قدما مكة أوسعهم عبد الله علما ، وأوسعهم عبيد الله طعاما ، وكان عبيد الله رجلا تاجرا ، ومات بالمدينة .

                                                                          قال محمد بن عمر : قد بقي إلى دهر يزيد بن معاوية بن أبي سفيان .

                                                                          وقال يعقوب بن شيبة السدوسي : يعد في آخر الطبقة الثامنة ممن يعلم أنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ورآه ولم يحفظ عنه شيئا ، وكان سخيا جوادا استعمله علي بن أبي طالب على اليمن وأمره أن يحج بالناس سنة ست وثلاثين وسنة سبع وثلاثين ، ومات بالمدينة سنة سبع وثمانين ، فكأنه مات وله بضع وثمانون سنة ، وكان له من الولد : محمد وبه كان يكنى ، وعباس ، والعالية ، وميمونة ، وأمهم عائشة بنت [ ص: 62 ] عبد الله ، وعبد الله ، وجعفر وعمرة لأمهات أولاد ، ولبابة ، وأم محمد .

                                                                          وقال الواقدي : سمعت عمي يقول : كان يقال بالمدينة : من أراد العلم والسخاء والجمال فليأت دار العباس بن عبد المطلب .

                                                                          أما عبد الله فكان أعلم الناس ، وأما عبيد الله فكان أسخى الناس ، وأما الفضل فكان أجمل الناس .

                                                                          وقال الزبير بن بكار : حدثني عبد الله بن إبراهيم الجمحي عن أبيه ، قال : دخل أعرابي دار العباس بن عبد المطلب وفي جانبها عبد الله بن عباس لا يرجع في شيء يسأل عنه ، وفي الجانب الآخر عبيد الله بن العباس يطعم كل من دخل . قال : فقال الأعرابي : من أراد الدنيا والآخرة فعليه بدار العباس بن عبد المطلب ، هذا يفتي الناس ويفقه الناس ، وهذا يطعم الناس .

                                                                          وقال يعقوب بن القاسم الطلحي ، عن علي بن المنذر بن فرقد مولى عبد الله بن عباس عن أبيه أو عمه : كان عبد الله بن عباس يسمى حكيم المعضلات ، وكان عبيد الله بن عباس يسمى تيار الفرات ، وكان يطعم كل يوم ينحر غدوة حتى قدموا المدينة ، قال : فقال له أبوه العباس : يا بني ما لك تغدي ولا تعشي ، إذا غديت فعش ، فقال لغلام له يقال له بند : يا بند انحر غدوة وانحر عشية .

                                                                          وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا سليمان بن حرب ، قال : حدثنا أبو هلال الراسبي ، عن حميد بن هلال ، قال : تفاخر رجلان من قريش ، رجل من بني هاشم ، ورجل من بني أمية ، فقال هذا : قومي أسخى من قومك ، وقال هذا : قومي أسخى [ ص: 63 ] من قومك . وقال : سل في قومك حتى أسأل في قومي ، فافترقا على ذلك ، فسأل الأموي عشرة من قومه فأعطوه مائة ألف ، عشرة آلاف ، عشرة آلاف ، قال : وجاء الهاشمي إلى عبيد الله بن عباس فسأله فأعطاه مائة ألف ثم أتى الحسن بن علي فسأله ، فقال : هل أتيت أحدا قبلي ؟ قال : نعم ، عبيد الله بن عباس فأعطاني مائة ألف ، فأعطاه الحسن مائة ألف وثلاثين ألفا ثم أتى الحسين بن علي فسأله ، فقال : هل سألت أحدا قبلي ؟ قال : نعم ، أخاك الحسن فأعطاني مائة وثلاثين ألفا ، فقال : لو أتيتني قبل أن تأتيه أعطيتك أكثر من ذلك ، ولكن لم أكن لأزيد على سيدي . قال : فأعطاه مائة ألف وثلاثين ألفا ، قال : فجاء الأموي بمائة ألف من عشرة ، وجاء الهاشمي بثلاث مائة وستين ألفا من ثلاثة . فقال الأموي : سألت عشرة من قومي فأعطوني مائة ألف . وقال الهاشمي : سألت ثلاثة من قومي فأعطوني ثلاث مائة وستين ألفا ، قال : ففخر الهاشمي الأموي فرجع الأموي إلى قومه فأخبرهم الخبر ورد عليهم المال فقبلوه ، ورجع الهاشمي إلى قومه فأخبرهم الخبر ورد عليهم المال فأبوا أن يقبلوه ، وقالوا : لم نكن لنأخذ شيئا قد أعطيناه .

                                                                          قال البخاري ، ويعقوب بن سفيان الفارسي : مات زمن معاوية .

                                                                          وقال خليفة بن خياط ، وأحمد بن محمد بن أيوب صاحب المغازي : مات سنة ثمان وخمسين .

                                                                          وقد تقدم قول الواقدي أنه بقي إلى دهر يزيد بن معاوية ، وقول يعقوب بن شيبة أنه مات سنة سبع وثمانين .

                                                                          [ ص: 64 ] وكذلك قال أبو عبيد القاسم بن سلام ، وأبو حسان الزيادي : إنه مات سنة سبع وثمانين .

                                                                          روى له النسائي حديثا واحدا ، وقد وقع لنا عاليا عنه .

                                                                          أخبرنا به أبو الحسن ابن البخاري ، وأبو الغنائم بن علان ، قالا : أخبرنا حنبل بن عبد الله ، قال : أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، قال : أخبرنا أبو علي بن المذهب ، قال : أخبرنا أبو بكر بن مالك ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا هشيم ، قال : حدثنا يحيى بن أبي إسحاق ، عن سليمان بن يسار ، عن عبيد الله بن عباس ، قال : جاءت الغميصاء أو الرميضاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو زوجها وتزعم أنه لا يصل إليها ، فما كان إلا يسيرا حتى جاء زوجها فزعم أنها كاذبة ولكنها تريد أن ترجع إلى زوجها الأول ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس ذلك لك حتى يذوق عسيلتك زوج غيره .

                                                                          [ ص: 65 ] رواه عن علي بن حجر ، عن هشيم ، فوقع لنا بدلا عاليا .

                                                                          وروى أبو داود حديثا من رواية ابن لهيعة ، عن موسى بن سرجس ، عن عبيد الله بن عباس ، عن خالد بن يزيد بن معاوية ، عن دحية الكلبي ، قال : أتي النبي صلى الله عليه وسلم بقباطي فأعطاني منها قبطية . . الحديث ، قال : رواه يحيى بن أيوب ، يعني عن موسى بن سرجس ، فقال : عباس بن عبيد الله بن عباس .

                                                                          وقد كتبناه في ترجمة خالد بن يزيد بن معاوية ، والصواب من ذلك رواية يحيى بن أيوب ، والله أعلم .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية